الخبير الاستراتيجي الجزائري كمال منصاري

كامل الشيرازي من الجزائر: يؤكد الخبير الاستراتيجي الجزائري كمال منصاري لـ إيلاف على أنّ حل معضلة الصحراء والنزاع القائم بين المغرب وجبهة بوليساريو مرتبط بتدخل حاسم من هيئة الأمم المتحدة، مشيرًا إلى ضرورة تحول الأخيرة من دور quot;الراعيquot; إلى دور quot; الفاعل quot;. وإذ يستبعد منصاري أي علاقة للتقارب الجزائري - المغربي إزاء تليين مواقف بوليساريو، فإنّه يركّز على أنّ فكّ الارتباط بين الإتحاد المغاربي المشلول ومشكلة الصحراء كامن في ميلاد تجمع اقتصادي وفتح الحدود المغلقة. ويتوقّع منصاري لـ quot; إيلاف quot; أنّ تقود النتائج التي ستتمخّض عنها جولة المفاوضات الراهنة بين المغرب وجبهة بوليساريو إلى نفس مؤدى الانسداد المعتاد، مرجعًا ذلك لكون الأمم المتحدة لا تضغط على الطرف المغربي طالما أنّ القضية مصنفة أصلا في خانة quot;تصفية استعمارquot;.

ويذهب منصاري إلى أنّه في ظل الموقفين المتناقضين بين طرفي النزاع، فإنَّ الجديد الذي قد يطرأ على القضيَّة يمكن أن يأتي من خارج هذين الطرفين، كالمبادرة الثانية لجيمس بيكر، كما يشير إلى نقطة حساسة تتعلق بأنّ جميع جولات المفاوضات المتعاقبة بين المغرب وبوليساريو تتم تحت quot;رعايةquot; الأمم المتحدة لكن دون quot;تدخلquot; من ذات الهيئة التي يُفترض - كما يرى منصاري - أن تقترح أرضية فاعلة تستند إلى ما تنص عليه لوائح منظمة كي مون، والمتضمنة في أساسياتها الاعتراف الأممي باستقلال الشعب الصحراوي وحقه في تقرير مصيره.

ويرى منصاري الذي عمل مطوّلا على ملف نزاع الصحراء، استحالة في الحوار بين دولة محتلة وأخرى واقعة تحت الاحتلال، معتبرًا أنَّ الفرص معدومة لإنجاح مفاوضات مشابهة لمفاوضات إيفيان التاريخية بين الجزائر وفرنسا. ويضيف منصاري quot;ليس من موقعي كجزائري، لكن المنطق يتطلب احترام قرارات الأمم المتحدة، وأولها القرار الخاص باستفتاء تقرير المصير، أما التغاضي عن ذلك فسيبقي الوضع في حلقة مفرغةquot;. ويبدي منصاري استغرابًا لبقاء الأمور مراوحة مكانها، quot;بالرغم من أنّ الأمم المتحدة تقرّ بأنّ مسألة الصحراء هي محض احتلال، وقد جرى إبرام اتفاقية هيوستن سنة 1996 واشتملت آنذاك على جرد الهيئة الناخبة في الصحراء تمهيدا لتنظيم استفتاء تقرير المصيرquot;.

ويجزم منصاري بأنّ المغرب هو الجهة التي تعرقل الأمور بشكل أدام عمر المعضلة أكثر من اللزوم، مستشهدًا بواقعة عدم اعتراف الرباط بالإحصاء الأممي الخاص بالهيئة الناخبة في الصحراء في كانون الثاني (يناير) سنة 2000، ويعزو الخبير الجزائري التعاطي المغربي مع المسألة بحجم النفوذ والدعم الذي توفره كل من الولايات المتحدة وفرنسا.

المفاوضات والعلاقات

وردًا عن مدى انعكاس تقدّم أو إخفاق المفاوضات الحالية على العلاقات المغربية الجزائرية، يعترف منصاري بأنّ قضية الصحراء تعرقل التقارب الجزائري المغربي، لكنه يستبعد تأثيرا ذا بال من شأنه تليّين مواقف البوليساريو، مبررا اتجاهه بأنّ قضية الصحراء لا تمت بصلة إلى الجزائر، وأي كلام مغاير لذلك يضعه في خانة quot;المغالطة الكبرىquot;. ويشبّه منصاري وضعية الجزائر بحالة الأردن وسوريا في قضيَّة اللاجئين، لذا يحصر دور الجزائر في حماية اللاجئين، ويستطرد بالقول إنَّ العلاقات الجزائرية المغربية في منظور المغاربة مرتبطة بالصحراء، بينما هي ليست كذلك بالنسبة للجزائر سواء نجحت أم فشلت المفاوضات.

ويتصور منصاري أنّ المجاملات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب لا تعدو أن تكون مجرّد مجاملات ظرفية مناسباتية لا أكثر، ويسجل منصاري أنّ زيارته إلى المغرب قبل أسبوع، مكنته من الوقوف على أنّ الشعب المغربي يفتش برمته على فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ خمسة عشر عامًا، في وقت ترفض الجزائر أي افتتاح مجدد لها من دون معالجة منصفة لملف أملاك الجزائريين المصادرة في المغرب من أيام الراحل quot;الحسن الثانيquot;، وما ترتب عن حرب الرمال التي شنها المغرب ضدّ الجزائر سنة 1963.

الحكم الذاتي للصحراويين

وبشأن نظرة الجزائر إلى اقتراح الحكم الذاتي الموسع في الصحراء، ينبه منصاري من أنّ الجزائر أيّدت خطة بيكر الثانية التي طُرحت سنة 2002 واستمرت إلى غاية العام 2004، وتركّزت على مقترح منح حكم ذاتي للصحراويين يستمر لخمس سنوات، يأتي على إثره استفتاء تقرير المصير، وهي خطوة وافقت عليها جبهة البوليساريو والمغرب أيضا قبل أن تتراجع الرباط فجأة، في حين شجعت الجزائر خطة بيكر الثانية ودعمتها بصفة طرف مهتم بالقضية.

الاتحاد المغاربي والنزاع

وعن كيفية فكّ الارتباط بين الاتحاد المغاربي المحتبس والنزاع الحاصل بين المغرب وجبهة البوليساريو، يراها منصاري كامنة في ميلاد تجمع اقتصادي جديد وذاك مرهون بنظره بفتح تام للحدود، والتوقف عن ممارسة عقلية ذر الرماد في العيون، عبر السعي لتقريب وجهات النظر المتضاربة التي أدت إلى امتصاص الاتحاد المغاربي من طرف الاتحاد الإفريقي، بالرغم من دعم الولايات المتحدة لقيام تكتل جهوي في المنطقة للدفاع طبعا عن مصالحها هناك.