إيلاف من الرياض: ستبقى محاولة الاغتيال الفاشلة لمساعد وزير الداخلية السعودية للشؤون الأمنية حاملة الكثير من الدلالات في اتجاهات متشعبة . ومن ذلك جوانب تتعلق بالنواحي الإنسانية لدى العديد من القيادات السعودية التي تدير بكفاءة عالية ومشهود لها المعركة ضد الإرهاب في السعودية وتحقق انحساراً كبيراً لها لا يخفى على أحد. وفي هذا الصدد اعتبر عدد منالمختصين السعوديين في حديثهم مع إيلاف، أن المكالمة الهاتفية التي تمت بين مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف والمنتحر والتي أذاعتها وزارة الداخلية عبر بيان منها بعد فشل حادثة الاعتداء على الأمير أنها quot;المفصلquot; التي تمثل الجانب الإنساني لدى الأمير.

حيث يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك خالد في أبها الدكتور سعد مارق في حديث لـquot; إيلافquot;:quot; أعتقد أن هذه المكالمة هي المفصل في هذه الحادثة وهناك إجماع على جانبها الإنسانيquot;. مؤكداً أن

القاعدة تسعى لزعزعة أمن الخليج

quot; نشر هذه المكالمة هي خطوة جريئة يطلع عليها الشعب السعودي في هذا الحادث المؤلم، وتمثل هذه المكالمة الجانب الإنساني للأمير الذي يمثل الأسرة الحاكمة والدولة . وأن ما يقوم به هو قناعته التامة بأن الشباب غُرر بهم، وأن المشكلة في التطرف وليس في المتطرفين، وهؤلاء ضحايا فكر ولا بد أن تتم إعادتهم إلى وطنهمquot;.

ومن جانبه يقول رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز الدكتور خالد المعينا لإيلاف :quot; أعتقد أن هذه المكالمة تمت بين رجل كريم ومساعد ، ورجل غدارquot;. ويضيف في تصريحه لـquot;إيلافquot; :quot; من الواضح خلال هذه المكالمة أن المنتحر كانت نيته خبيثة وسيئة وهناك مخطط للغدرquot;. ويشير إلى أن الأمير كان إنسانياً بمعنى الكلمة وأكد خلال المكالمة حرص الحكومة أن تستقبل هؤلاء وتعيد تأهيلهم لكي ينخرطوا في المجتمع من جديدquot;.

إدارة السعودية لحربها مع الإرهاب نموذج عالمي

وفي السياق ذاته يوضح أستاذ علم السياسة في جامعة الملك سعود الدكتور فهد الخريجي:quot; لم يمر في تاريخ المملكة الحديث موقف يحمل كل معاني الخيانة و انعدام معايير المنطق و العقل مثل المحاولة الإجرامية التي تعرض لها الأمير محمد بن نايف الخميس الماضي .لقد سببت ألماً عظيماً لكل مواطن لأنها استهدفت رجلا يحمل قيماً و أخلاقاً كريمة وحباً كبيراً للناس تجلى في مواقفه النبيلة مع التائبين والعائدين إلى جادة الصواب. وتعدت أخلاق الأمير محمد نبل العظماء برعاية الأسر التي ليس لها ذنب في انحراف أبنائها ، وصنع أسطورة في النجاح في الحرب على الإرهاب (يد الحديد للظالم و المناصحة للضال)quot;.

ويضيف في حديثه مع إيلاف : quot; بل إن الدول الغربية و غيرها أصبحت تدعو للاستفادة من النجاح السعودي في كسر شوكة الإرهاب. هذه الحادثة أظهرت مدى حب الناس لهذا الأمير (إن الله إذا أحب عبداً حبب الناس فيه). شعر الناس بالسعادة لسلامة الأمير الفذ، كما زادت هذه الحادثة من الرابطة الوشيجة بين المواطن والقيادة. وهذه رسالة المواطن السعودي لكل صاحب فكر ضال تقول quot;خاب كيدكم وظل طريقكم و مصيركم جهنمquot;.

ويشير إلى أن:quot; نشر الحديث الذي دار بين الأمير محمد والمنتحر الضال يعتبر بمقاييس الشفافية الإعلامية السيف الناجع الذي كسر شوكة التضليل الإعلامي الذي يمارسه خفافيش الظلام. حيث تبين فيه لكل عاقل صورة الأمير العطوف المشفق على هؤلاء من عاقبة الضلال، المتعطش لعودتهم إلى جادة الصواب والحق، والناصح الأمين الذي حذرهم من أن يستغلهم الأشرار. في المقابل صورة قبيحة قدمها المنتحر تشم فيها رائحة الغدر والخيانة (التي تنكرها كل أعراف العالم). وخبث النية والطوية مع سبق الإصرارquot;.مؤكداً أن الانتحاري quot; صدق الانتحاري وهو الكذوب بأن رمضان هذا العام سوف يكون نقلة نوعية، و لكن على خلاف مراده .فقد أصبح رمضان هذا العام نقلة نوعية بسلامة الأمير الذي حفظته أعماله الصالحة وصدقاته وحسناته من مصارع السوء، وهي ضربة قاضية لمبادئ الإرهاب التي لن يكون لها قائمة بعد اليومquot;.

جوانب مظلمة

ويرى العديد من المتابعين أن الدلالات تكشف أيضاً عن جوانب مظلمة وتوجهات جديدة للقاعدة في التغرير بمن يتبع منهجهم الضال، بل وتُبرز مؤشراً خطراً في تحويل منهجية الحرب لديهم وتعميق الإرهاب من خلال مواجهة السياسة التي تتبعها السعودية حالياً والتي تزاوج فيه بين سياسة الحزم وسياسة تطبيق الجانب الإنساني الذي يهدف إلى استعادة أبنائها من المنظمين إلى الفكر الضال ، وهو ما تجلى في ثنايا حديث الأمير محمد مع الانتحاري والذي أكد في بعضه بوضوح أن النساء والمختطفين لهم أولوية وكذلك أن الوطن هو المكان الطبيعي لأبنائه ومرحب بهم في أي وقت .

بينما تؤكد بعض التقارير أن القاعدة بعد أن فشلت وأحبطت محاولاتها بدأت تنهج محاولات لاستهداف القيادة والرموز وهو الأمر الذي سيكون الأصعب عليهم في ظل تلاحم الشعب السعودي بشكل مذهل مع قيادته .

يقول الكاتب يوسف الكويليت : quot; لم يتحدث سمو الأمير محمد بن نايف باللغة البوليسية الخشنة أو المخادعة عندما هاتفه الانتحاري عبد الله عسيري، بل كان ودوداً حريصاً على سلامة عائلة إرهابي آخر ونفسية والدته، وقد يكون هذا الأسلوب التربوي، والأبوي مع الإرهابيين أكثر خطورة من تعليق المشانق لأن حسهم المستفز والعدائي، يريد خلق الأبطال الوهميين بأساليب الانتحار بدعوى الاستشهاد، وسلوك الإقناع واللين ، والتعامل بمنطق المسؤول والمواطن، يعني التفويت على هذه العناصر أن تكسب التحدي حين يكون الرد على العنف بما يساويه، ومن سياق المحادثة، نجد أن ثقافة الانتحاري عبد الله العسيري أقرب إلى السذاجة، وأنه مجرد قنطرة حُقن بالتلقين والتفخيخ، واستهداف أهم رجل في المواجهة، ولو حدث، لا سمح الله quot;

ويضيف quot; إن اختراق الدولة لعمق التنظيم الإرهابي، والتعامل مع عناصره بحوار حضاري مميز سيكون السلاح المضاد، وإن الشعور بالأمان حتى داخل السجن، وفهم الأسباب والحالات النفسية، وطبيعة هذا الإنسان داخل أسرته ومجتمعه، ومصادر تربيته وثقافته، والعناصر المؤثرة في سلوكه وتفكيره، كلها عوامل مهمة جداً، لأن ما اعتدنا عليه من أنظمة العالم الثالث هو القسوة حتى مع البريء أو من لا تطاله التهمة، ونحن أمام عناصر مختلفة الأعمار والنضج والوعي quot;.

أما جميل الذيابي رئيس تحرير صحيفة (الحياة) فيقول : quot; لماذا استهدف محمد بن نايف وهو الذي استقبل هؤلاء المطلوبين وساعدهم وزارهم وتوسط في الصفح عن أفعالهم الإجرامية؟! بالتأكيد لكونه نجح في تنفيذ خطط أمنية محكمة، وسَهِر مع رجال الأمن على حفظ أمن وأمان البلاد، ولكونه تمكن من قمع رؤوس الفتنة والشر والإرهاب، ولأنه أيضاً رجل يعمل وينجز بصمت حتى تفوَّق على تلك الجماعات عند المواجهات وتعقّب وطارد عناصرها، حتى أن العالم شَهِد له بقدرته وفريقه على ضرب مفاصل الإرهابيين ومعاقلهم وإلقاء القبض على خلاياهم وتحطيم معنوياتهم وتقليم أظافرهم وكشف مخططاتهم الإرهابية quot;. ويؤكد quot;ضرورة تفعيل أدوار المسجد والبيت والمدرسة، وتأسيسها تأسيساً تصالحياً وتسامحياً، وفرض رقابة مسؤولة عليها نحو تصحيح الأفكار الخاطئة عند الناشئة والشباب، لبناء مجتمع صحي ينبذ الأحادية والإقصائية وكره من يختلف في الرأيquot; .

فيما يتطرق الكاتب يوسف بن أحمد الرميح أستاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة المشارك في جامعة القصيم لزاوية أكثر حساسية فيشير إلى أنه يجب الاعتراف quot;بأن الإرهابي بالأمس كان يتسلح ببندقية، أما إرهابي اليوم فجهاز حاسب محمول وهذا الذي حول الإنترنت لأداة رئيسة في النشاط الإرهابي الدولي. كذلك يجب ألا نغفل العوامل التي قد تساعد أو تؤثرفي بعض الشباب، فالشباب هم المناخ الخصب لزرع المفاهيم التكفيرية تساعدهم في ذلك بعض العوامل مثل البطالة والحال المالية واللتين يجب أن نوجد برامج فاعلة لمساعدة الشباب بالأعمال وبالمال لنقضي على أحد أهم العوامل المساعدة على الدخول والتأثر بتلك المواقع التكفيرية ألا وهو وقت الفراغ .