رغم اختلاف شخصيتيهما، إلا أن التاريخ سيذكر يوليا تيموشنكو تمامًا كما خلد نيلسون مانديلا، إلا أن التساؤلات الأهم هي هل ستستطيع أيقونة الثورة البرتقالية إنقاذ البلاد بعد فشلها عام 2010 واتهامات تواجهها بتكسب غير مشروع من عمل سابق.


يوليا تيموشينكو، بطلة الثورة البرتقالية عام 2004، والسياسية التي بات ينظر إليها على أنها quot;شهيدة المعارضة الأوكرانيةquot;، خرجت من السجن امرأة حرّة، لكن السؤال الآن هو: quot;هل تتجه إلى كرسي الرئاسة؟quot;.

جنبًا إلى جنب مع إقالة وهروب الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، والإفراج عنها وفقًا لقانون صادر من البرلمان، شهدت حركة المعارضة في أوكرانيا ذروة من المجد، في لحظة سوف تقارن لا محالة بإطلاق سراح نيلسون مانديلا من السجن.

مثل البطل المتوفي، الذي ناضل في جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري، أصبحت تيموشينكو شخصية عالمية ثورية، ارتبطت بآمال وأحلام الحركة السياسية، التي تسعى إلى نقل أوكرانيا إلى خارج فلك روسيا ونحو الغرب.

أمضت يوليا عامين ونصف عامفي السجن بتهم الفساد التي يعتقد أنها ذات دوافع سياسية. الأهم من ذلك، فإن عقوبة السجن وسوء المعاملة التي عانتها أثناء احتجازها أصبحت دلائل على سوء وفساد إدارة يانوكوفيتش.

هادئ... وصدامية
المشكلة الوحيدة هي أن يوليا تيموشينكو ليست نيلسون مانديلا، وفقًا لصحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot;، التي أشارت إلى أن تشابه الأحداث لا يعني تشابه الأشخاص. الأساليب السياسية لمانديلا اعتمدت على الوحدة والتوافق والهدوء، في حين أن حياة تيموشينكو السياسية اتسمت بالمواجهة، فشخصيتها العدائية من أسوأ خصالها. لكن ذلك لم يمنعها من صنع quot;صورة البطلةquot; لنفسها، والتي سوف تستخدمها لا محالة لوضع نفسها كحل للأزمة السياسية في أوكرانيا.

ما أن خرجت تيموشينكو من مستشفى السجن حتى اتجهت إلى الميدان، أي ساحة كييف، التي أصبحت مركزًا لحركة الاحتجاج. بعد ذلك، اعتلت المنبر، وألقت خطابًا أشادت فيه بحركة الاحتجاج، وقالت أمام عشرات الآلاف إنها ستكون quot;الضامنquot; للثورة.
بعد مجرد ساعات من إطلاق سراحها من السجن بناء على طلب من البرلمان، أعلنت يوليا بوضوح أنها تخطط لخوض انتخابات الرئاسة. لكن من غيرالواضح ما إذا كانت المعارضة ستفتح ذراعيها وتستقبلها.

ففي حين يعتبر إطلاق سراحها بمثابة انتصار كبير للمعارضة، إلا أن ليس هناك ما يضمن أن مثل هذه المشاعر سوف تترجم إلى دعم سياسي لتيموشينكو، والسبب هو الإرث السياسي المعقد، الذي تركته لنفسها في أوكرانيا.

أيقونة فشلت!
عندما نزل الأوكرانيون في شوارع كييف في العام 2004 للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية في ذلك العام، أصبحت تيموشينكو أيقونة لما عرف باسم الثورة البرتقالية.

وجاءت الثورة البرتقالية إلى نهاية خرافية للحركة السياسية الموالية للغرب في البلاد، إذ تم تثبيت فيكتور يانوكوفيتش رئيسًا للبلاد، مع تسلّم تيموشينكو منصب رئيس وزرائه.

لكن ما أن وصلت إلى المنصب حتى احتدم الجدل إلى ما لانهاية وتبددت وعود الثورة البرتقالية. واليوم بعد مرور عشر سنوات، لايزال الاقتصاد الأوكراني الهش متواضعًا وبطيئًا مقارنة بالجارة الحيوية بولندا. في الأيام المقبلة، ستعلو أصوات التهليل لتيموشينكو كمنقذة لأوكرانيا، لكن لا بد من أن يتذكر هؤلاء أن زعيمتهم كانت لديها فرصة للقيام بذلك خلال انتخابات عام 2010 وفشلت.

خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2010، يقال إن تيموشينكو عملت على تضخيم المخاوف من تفشي أنفلونزا الخنازير من أجل تعزيز حظوظها السياسية، كما إنها نفسها قالت إنها quot;نسخة من إيفيتا بيرونquot;زوجة الزعيم الأرجنتيني خوان بيرون.

ليست أقل فسادًا
وعلى الرغم من أنها تهاجم إدارة يانوكوفيتش لأساليبها الفاسدة، إلا أن يدها ليست نظيفة بأية حال، وفقًا للفورين بوليسي، التي أشارت إلى أن تيموشينكو راكمت خلال التسعينات ثروة هائلة من عملها في منصب تنفيذي في مجال الطاقة خلال الفترة التي تلت سقوط الاتحاد السوفياتي. ويقال إن الكثير من تلك الثروة مخبأة بعيدًا في حسابات مصرفية في الخارج.

تتمتع أيقونة الثورة البرتقالية بكاريزما واضحة، لكن يقال أيضًا إنها في بعض الأحيان تمثل quot;أسوأ عدو لنفسهاquot;، وتخسر الحلفاء السياسيين في لحظات حاسمة، كما إنها تعزل نفسها من دون داع.

مع الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في 25 أيار/مايو المقبل، لدى تيموشينكو الآن فرصة للتخلص من هذا الإرث السياسي. من أجل القيام بذلك سوف تضطر للتغلب على مجموعة من الانقسامات الهائلة والعقبات السياسية، أهمها فشلها الشخصي في عام 2010 بسبب منافسها يانوكوفيتش المسؤول عن رميها في السجن منذ عامين ونصف عام.