جاء اغتيال ضابط في جهاز الأمن الوطني المصري مؤشرًا إلى أن ثمة خطة وضعتها الجماعات المتطرفة في مصر لاستهداف جهاز الشرطة وقياداته.


صبري عبدالحفيظ من القاهرة:قال مصدر مقرب من شباب جماعة الإخوان لـquot;إيلافquot;، إن الجماعة لديها خطة واضحة لاستهداف جهاز الشرطة، سواء قياداته وضباطه وأفراده... أو معداته ومنشآته. تدار تلك الخطط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تنتشر فيها صفحات تدعو إلى قتل ضباط الشرطة، وتنشر بيانات تفصيلية عنهم.

بمقتل محمد عيد، الضابط في جهاز الأمن الوطني المصري، أمس، يتأكد أن الجماعات الإسلامية المتطرفة في مصر تتخذ نهجًا يستهدف ضباط وأفراد الشرطة، لاسيما أن عيد ليس الأول، بل يحتل الرقم ثلاثة بين ضباط جهاز الأمن الوطني، بعد الضابطين محمد أبو شقرة، ومحمد مبروك، كما إن العديد من الضباط في إدارات أخرى لقوا مصرعهم، بعد استهدافهم من قبل مجهولين، ولقي اللواء محمد السعيد، مدير مكتب وزير الداخلية مصرعه أيضًا بالطريقة نفسها، إضافة إلى نحو العشرات من الأمناء والجنود، وتعرّض وزير الداخلية شخصيًا لمحاولة اغتيال عبر تفجير سيارة أثناء مرور موكبه.

إحراق سيارات الضباط
لم يكن الاستهداف لجهاز الشرطة في مصر، ليتوقف عند حدّ قتل أفراده، لكنه يتعداه إلى إحراق سياراتهم، من أجل إثارة الذعر في قلوبهم، هم وأسرهم، فتعرّضت عشرات من سيارات الضباط الخاصة للإحراق، ولعل آخرها إحراق أربع سيارات مملوكة لضابط يقيم في حي مدينة نصر في القاهرة، يوم الجمعة الماضي، وإحراق سيارة في اليوم نفسه مملوكة لضابط في مدينة الإسكندرية.

وقال مصدر مقرب من شباب الإخوان المسلمين، لـquot;إيلافquot;، إن الجماعة لديها استراتيجية واضحة في هذا الشأن. وأوضح أن الجماعة تعتقد أنها لن تعود إلى الحكم مرة أخرى، إلا عبر إسقاط جهاز الشرطة، مشيرًا إلى أنها تعتقد أيضًا أن الانتكاسة أو الهزيمة التي تعرّضت لها تجربتها في الحكم، كان لجهاز الشرطة السبب الأكبر فيها، عبر مخططاته أو تعاونه مع البلطجية ورموز نظام مبارك، أو المساعدة على إثارة الفوضى في البلاد.

أضاف أن شباب الجماعة لديهم اعتقاد بأن الشرطة تقتلهم أثناء المظاهرات، وتسترخص دماءهم، وتعتقلهم هم وأسرهم، ولاسيما النساء والفتيات، وضرب مثالًا بشابين من منطقة شعبية في القاهرة، كانا يشاركان في التظاهرات، مشيرًا إلى أن الشرطة حضرت إلى منزلهما، وعندما لم تجدهما، اعتقلت شقيقتهما الصغرى، وهدد الضباط باغتصابها، ما لم يسلم شقيقاها نفسيهما.

جهاد ضد الشرطة!
وذكر أنهما عندما عادا سلما نفسيهما للشرطة، إلا أن شقيقتهما لم يفرج عنها، ووجّهت إليها تهم المشاركة في التظاهرات بدون تصريح وإثارة الشغب وإحراق المنشآت العامة والخاصة. وقال إن الشقيق الرابع قرر أن يشتري سلاحًا، ويشارك في التظاهرات، من أجل قتل أي شرطي يصادفه، سواء أكان ضابطاً أو حتى جندياً.

ونبّه إلى أن الجماعة تسعى إلى إسقاط الشرطة، عبر وسائل عدة، منها قتل الضباط والقيادات والأفراد، وإحراق سياراتهم الخاصة، والتهديد باختطاف أبنائهم واغتصاب نسائهم، وإحراق المنشآت والسيارات الشرطية، بما يثير الذعر في أوساط الشرطة، وشغلهم عن ممارسة عملهم.

ولفت إلى أن جماعة الإخوان تعتقد أن الشرطة تقف عائقًا في سبيل إعادة ما تقول إنها quot;الشرعيةquot;، وتهدف (الشرطة) إلى إسقاطها، منوهًا بأنها تعتقد أيضًا أن الجيش لن يمكنه السيطرة على الأوضاع في البلاد بعد سقوط الشرطة، لأنه غير مدرّب على ذلك، إضافة إلى اتساع الدولة، وهو ما يمكنهم من فرض وجودهم على الأرض.

حملات تحشيد الكترونية
تدار عمليات شباب الإخوان على الأرض من الفضاء الإلكتروني. وكشفت جولة لـquot;إيلافquot; في موقع فايسبوك عن انتشار العشرات من المجموعات والصفحات، التي تضع خططاً لاستهداف الشرطة، ومنها: quot;سلمية ماتتquot;، وquot;الشرطة والجيش الانقلابيونquot;، quot;هندمركمquot;، quot;هنرعبكمquot;.

وتدعو هذه الصفحات إلى حرق وتدمير سيارات الشرطة والنيل من أفرادها، وإضافة إلى نشرها فيديوهات، ترصد أماكن تمركز الأكمنة الثابتة والمتحركة لقوات الشرطة، وكيفية استهدافها.

كما تنشر هذه الصفحات مقاطع فيديو للعمليات، التي تمت، ومنها إحراق سيارات الشرطة أو مقتل بعض الضباط، وفيديوهات لأشخاص ملثمين، يحملون السيف، ويهددون باستهداف الإعلاميين المؤيدين لما يصفونه بـquot;الانقلابquot;، ومنهم: وائل الإبراشي، وتوفيق عكاشة، وأحمد موسى، وإبراهيم عيسى، ومجدي الجلاد، ولميس الحديدي، وعمرو أديب وآخرون.

... والأذن بالأذن!
تتبنى صفحة quot;سلمية ماتتquot; شعار quot;العين بالعين والسن بالسن والأذن بالأذنquot;، في تبريرها لعمليات استهداف الشرطة، بسبب quot;بطش الداخلية وقتل الأحرار أو اعتقالهم أو مطاردتهم أو إعتقال النساءquot;. وتدعو الصفحة الشباب إلى عدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام quot;قتل واعتقال الأصدقاء والجيران والأقارب المؤيدين للشرعية، ولذا فإن الرد سيكون بمنتهى القوة والحزمquot;.

ونشرت الصفحة مقطع فيديو يشرح كيفية تصنيع قنابل المولوتوف المتطورة، وفيديوهات أخرى تشرح كيفية الوقاية من قنابل الغاز المسيلة الدموع، التي تستخدمها قوات الأمن، كما نشرت صورًا لكيفية تصنيع دروع واقية.

تقول صفحة quot;الشرطة والجيش والانقلابيونquot; إنها حركة شبابية، أسست للتصدي لعنف الشرطة. أضافت الصفحة أن الشباب لن يسمح للأجهزة الأمنية بأن ترجع الأخيرة إلى قمعها، كما كانت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، مشيرة إلى أن هدفها هو التخلص من بلطجية الشرطة والجيش والظلم والعنف، الذي يستخدم ضد المتظاهرين.

دروس مرئية في الإرهاب!
ونشرت مقاطع فيديو تتعلق بتصنيع العبوات الناسفة وكيفية التعدي على الأكمنة ونقاط التمركز الأمني وإحراق مدرعات الجيش والشرطة. وتتخذ هذه الصفحة من الآيات القرآنية الآتية شعارًا لها: quot;فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكمquot;، quot;وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْquot;.

وتنشر صفحة quot;هندمّركمquot; مقاطع فيديو لقتلى الشرطة، ويتلو شخص ملثم بيانات الضباط الضحايا، ويصفهم بـquot;الخونة للوطنquot;، ويعلن أن دماءهم حلال، وينشر بيانات عن ضباط آخرين في جهاز الأمن الوطني، يقول إنهم شاركوا في القبض على قيادات الجماعة، إضافة إلى قوائم بأسماء وعناوين وأرقام لوحات سياراتهم وسيارات أسرهم.