شهدت السنوات الماضية سقوط وهروب وخلع العديد من الرؤساء والقادة في مشهد ينخطف فيه بريق السلطة، ويتحوّل الزعيم إلى هارب، تاركًا وراءه ممتلكات وقصورًا، تُفتَح أبوابها أمام المعارضين والناس، الذين لم يدخلوها من قبل.


بعض القصور كانت في السابق محصّنة بالحراس والسلاح، تمنع أعين وأيدي المتطفلين، أحرقت أو قصفت بعد ساعات قليلة من سقوط صاحبها، أو في أسوأ الأحوال نهبت ممتلكاتها الفاخرة أو تحولت إلى متاحف، كما حدث في قصور الزعيم الليبي معمّر القذافي أو الرئيس العراقي صدام حسين وأفراد أسرته.

تأمين القصور

لكن هروب زعيم كييف قدّم مشهدًا جديدًا لم يحدث قبلًا عند quot;سقوط العظماءquot;. فالذين دخلوا قصر فيكتور يانوكوفيتش تصرفوا وكأنهم في رحلة استكشافية، ولم يهتموا للممتلكات بقدر اهتمامهم بنزع هالة السلطة عن زعيمهم الهارب.

ففي غضون ساعات قليلة من مغادرته بطائرة هليكوبتر، في وقت متأخر يوم الجمعة، انتقلت ميليشيات الدفاع الذاتي من ساحة الاستقلال لتأمين المباني على العقار، الذي تبلغ مساحته 500 فدان، وكان أول الزائرين وسائل الإعلام والثوار والمواطنين العاديين.

رحلة استشكافية
شعر زوار قصر يانوكوفيتش بالفضول، وأرادوا معرفة ما يحتويه، لكنهم لم ينهبوا أو يدمّروا أيًا من محتوياته. الفكرة كلها كانت المشاركة في إسقاط البريق، الذي تمتع به الزعيم الهارب، فاستلقوا على سريره، وأخذوا الصور التي تثبت أنهم وصلوا إلى أبعد الحدود في خرق الهالة، التي أحاط نفسه بها لسنوات.

رجال الميليشيات والمواطنون على حد سواء تنقلوا في الحدائق، ودخلوا مزرعة النعام، التي كانت محببة إلى يانوكوفيتش، فأطعموا الطيور، ولعبوا معها، وكأنهم في جولة سياحية. وتبيّن للزوار أيضًا أن زعيمهم السابق كان يتشارك قصره الفاخر مع صديقته أو شريكته، التي اختارت ديكور المنزل بذوقها الرفيع، كما حرص أيضًا على تربية الطيور الغريبة من بورما، إضافة إلى حديقة حيوانات تتضمن الأبقار والخنازير.

أكثر ما جذب الزوار كان ملعب غولف، بتسع حفر وعوائق مائية، فأخذوا العدة والمضارب الخاصة بيانوكوفيتش، وتمتعوا ببضع جولات في الملعب.

هذا يقودنا إلى درس تعلمناه سابقًا مع سقوط الأسوار التي أحاطت بالزعماء السابقين وممتلكاتهم على حد سواء: quot;ما إن يدخل الناس غرفة نومك ويأخذوا الصور لأنفسهم على سريرك وفي مرحاضك، فهذا يعني أنك لن تعود إليها من جديدquot;.