بعدما أعلنت السعودية قائمة تضم التنظيمات التي تعتبرها إرهابية برزت أسئلة عديدة تحتاج إجابات محددة حول الحكومات التي يرأسها أو يشارك فيها quot;الإخوان المسلمونquot;، مثل تركيا والمغرب وتونس، خصوصًا أن الحالة هنا تخص أمن البلاد بحسب البيان السعودي.


علي العايد من الرياض: بعد أيام قليلة من فوز الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي، أعلن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو عن دعم سعودي لخزينة مصر يبلغ 4 مليارات دولار. هذا الخبر كان كافيًا لوأد الكثير من الأسئلة حينها حول السلوك السعودي في التعامل مع فوز تيار الإخوان المسلمين برئاسة مصر. وقال حينها السعوديون بلسان حالهم إن الرياض تنظر إلى القاهرة، وليس من يديرها.

توافق تصنيف
وقبل يوم واحد، أكدت السعودية أنها تصنّف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، متماشية في ذلك مع القرار المصري، الذي سبق السعودية بأكثر من شهر، ولكن السعودية أضافت على جماعة الإخوان منظمات أخرى، لكنها كلها لا تعمل في الشأن السياسي التقليدي، باستثناء الحوثيين اليمنيين.

البيان السعودي كان واضح التركيز على أنه يخص المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، لكنه أيضًا يعني بصورة غير مباشرة التيار العريض للإخوان المسلمين، الذين رد فرعهم الأهم في مصر، قائلًا إنهم يأسفون للقرار السعودي، ويؤكدون أنهم دعاة سلام ونصح، لا حرب وإرهاب. في حين لم تعلق دول الحراك الإخواني السياسي على البيان السعودي بما يمكن أن يفهم منه إجابة عن هذا الوضع.

يرى مراقبون أن هذا الوضع سيكون دقيقًا، في تفاصيل قضية التعامل بين تيار الإخوان عمومًا المنتشر في بلدان كثيرة من الدول الإسلامية، وبين الحكومات التي يسهم فيها الإخوان رئاسة أو مشاركة.

أدلجة السياسات
وفي ظل عدم صدور بيان من وزارة الخارجية السعودية حول هذا الوضع، وكذلك عدم تفاعل متحدثها الإعلامي أسامة نقلي، توجّهت quot;إيلافquot; إلى المحلل وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود مشاري النعيم، إذ أبدى وجهة نظره بقوله إن من إفرازات الربيع العربي أن العلاقات السياسية بين الدول التي تجري في مجاري مؤسسية، دخل الآن عليها عامل جديد، وهو أدلجة سياسات الدول أو العلاقات السياسية الإقليمية.

ويؤكد النعيم في حديث مع quot;إيلافquot; أن عامل الأدلجة أدى بالفعل إلى إضطراب في العلاقات، ذلك quot;لأن الأحزاب المؤدلجة عادةً ما تعكس رؤيتها الذاتية لمصالح الدولة، ومصلحة الدولة أعم وأشمل من أي حركة مؤدلجة، وهنا يكمن الاضطراب، فمن الطبيعي أن رد فعل الدول الأخرى هو رد فعل طبيعي على اضطراب شديد، ينبع من عدم فهم ماذا يريد الطرف الآخر، يعني أن الطرف الآخر أصبح ينظر إليه على أنه يعبر عن معيار ضيق ذاتي لا يستوعب مصالح الدولةquot;.

يضيف النعيم quot;نستطيع أن نقول الآن إن هذه الحركة المؤدلجة فشلت في إدارة الدول التي حكمتها لفترات مؤقتة في أعقاب الربيع العربي، مثل مصر وتونس، ولذلك يبدو أن مسار العلاقات الإقليمية سيعود إلى سابق عهده، الذي يعتمد على التفاعل بين مؤسسات دول، وليس بين دولة وبين حركة مؤدلجةquot;.

ويسهب النعيم quot;إن أدلجة السياسة الإقليمية الخارجية لدولة عادة ما يؤدي إلى اضطراب في تحديد الأولويات وتعريف المصلحة ليس فقط بالنسبة إلى الدولة المعنية، لكن حتى للأطراف الأخرىquot;.

لا نعادي أحدًا
أما المحلل السياسي أنور عشقي فأكد في حديث مع quot;إيلافquot; أنه لا توجد تقريبًا حكومات محكومة بالإخوان المسلمين، ولكن هذه حكومات محكومة بالمشاركة مع غيرهم، وأيضًا العداء ليس للإخوان المسلمين، وإنما العداء للممارسات التي يمارسها الإخوان المسلمون. وقال عشقي quot;المملكة لا تحمل عداء تجاه أحد، وإنما تريد منهم أن يعودوا إلى الخط الصحيح، لأن المملكة تنظر إلى الأمن القومي الإسلامي، لكن هؤلاء أنذروا مرارًا وتكرارًا، إلا أنهم لا يزالون يمارسون أعمال العنف والإرهاب وما غير ذلكquot;.

ويرى عشقي أن quot;هؤلاء عليهم أن يتبرؤوا من جماعات العنف، وأن يعودوا إلى رشدهم، والمملكة دائمًا تفتح أبواب العودة للجميع طالما أن أفرادًا لم تتلطخ أيديهم بالدماءquot;.

يبيّن عشقي وجهة نظر بلاده قائلًا quot;أحب أن أؤكد أن المملكة ليست عدوًا للإخوان، وإنما هي عدو للإرهاب، الذي مارسه بعض الإخوان، فطالما أن الإخوان فيهم جماعات مارست الإرهاب، فالمملكة تحذر أن ينتمي بعض السعوديين إلى جماعة الإخوانquot;.
ويختم عشقي مداخلته قائلًا quot;إذا حكم الإخوان بلد ما، وعملوا بالعمل الصالح، وأرضوا عن العنف والإرهاب، فالمملكة تعاملهم كسائر الدولquot;.

على المستوى العملي ظلت السعودية تحتفظ بعلاقات جيدة إلى حد بعيد مع الحكومات التي تُعتبر إخوانية، إذ يمكن القول إن المملكة عاشت أزهى فترات علاقاتها مع الدولة التركية في عهد رجب طيب أردوغان، فيما تراوحت العلاقة مع تونس بين جمود وتواصل، لكن الأمور ظلت على تماس مع المصالح العليا المشتركة.