هاجم رئيس مجلس النواب العراقي زعيم ائتلاف quot;متحدون للإصلاحquot; أسامة النجيفي رئيس الوزراء نوري المالكي بشدة، وأكد للمرة الأولى رفضه علنًا ولاية ثالثة له، قائلًا إن ذلك سيعني مزيدًا من المجازر والمذابح. وأشار إلى أن الشراكة السياسية لم تثمر غير الشحن الطائفي والتهجير ولغةِ الدَّمِ وفعل الإرهاب والميليشيات وعرباتِ الفسادِ والمفسدينَ الذينَ نهبوا حتى رَغيفَ الخبزِ من أفواهِ الجياعِ الفقراء.


أسامة مهدي: قال النجيفي، في كلمة له في حشد كبير من العراقيين لدى إطلاق برنامج قائمته الانتخابية ائتلاف quot;متحدون للإصلاحquot; في مدينة الموصل (375 كم شمال بغداد): quot;لقد ارتضينا في ما مضى بمبدأ الشراكةِ الوطنية لأهدافٍ جليلةٍ وساميةٍ، منها الحِفاظُ على العراقِ وطنًا وشعبًا من رياح سموم الفرقَة والتمزّقِ التي تَتَحكم بهبوبها أطرافٌ إقليميةٌ ودوليةٌ عَبرَ مَن يمثِّلونَها في العمليةِ السياسيةِ، ولإخراجِ العراقِ مِن مآسي الانقلاباتِ الدمويةِ والتغييراتِ بالقوةِ المسلحةِ الغاشمةِ والتدخلاتِ الاجنبيةِ وبناءِ دولةِ التداولِ السَّلميِّ الديمقراطيِّ للسلطة، ولاستثمارِ ثرَواتِ العراقِ البشريةِ والطبيعيةِ لبناءِ الدولةِ المدنيةِ المتقدمةِ المالكةِ ناصيةَ قرارِها الوطنيِّ عَبرَ الأقنِيَةِ الديمقراطيةِ النموذجيةِ في المنطقة، ولم يَدُر بِخُلدِنا أبدًا أنّ مَن تَشدَّقوا بالشراكةِ الوطنيةِ بعدما سرقوا فوزَ نتائجِ الانتخاباتِ الماضيةِ سَيُحوِّلُون الشَّراكةَ إلى مَنهجِ للتَّغييبِ والإقصاءِ والتهميشِ وانتهاكِ دستورِهquot;، في إشارة إلى فوز القائمة العراقية في انتخابات عام 2010، لكن الائتلاف الوطني العراقي شكل الحكومة بدلًا منها.

شراكة لم تثمر غير الدم
وشدد على أن الشعب العراقي لم يحصد مِن مَركَبِ الشراكةِ الوطنيةِ quot;غيرَ قَعقَعةِ السِّلاحِ ولغةِ الدَّمِ وثقافةِ الانتقامِ والشَّحنِ الطائفيِّ والإسقاطِ المُبَيَّتِ والانسانِ المُهَجَّرِ والمُشَرَّدِ بفِعلِ الإرهابِ والميليشياتِ وعرباتِ الفسادِ والمفسدينَ الذينَ نهبوا حتى رَغيفَ الخبزِ وملعقةَ العدسِ من أفواهِ الجياعِ الفقراءquot;.

وأشار إلى أنه quot;كانت مِن علاماتِ حكومةِ الشراكةِ الوطنيةِ أنِ استَفرَدَ رئيسُها بالقرارِ ورَكِبَ رأسَهُ، فكان الصّانِعُ الأوّلُ للأزَماتِ التي ما أن تَنفَرِجَ إحداها، حتى يُهرعَ إلى صُنعِ أزمةٍ جديدةٍquot;.

وقال إنه في دوّامةِ الأزَماتِ وحدَها يجدُ نفسَهُ بعيدًا عنِ المُساءَلةِ، ولعلَّ رفضَهُ المستمرَّ لأن يَمثُلَ بينَ أيدي مُمَثِّلي الشعبِ واحد من أهمِ انتهاكاتِه للدستورِ، فقد تناسى أنه موظفٌ عندَ الشعبِ، وليس حاكمًا عليه، فأبى أن يَحضَرَ أمامَ مجلسِ النوابِ لمُساءَلَتِهِ عن الخروقاتِ الأمنيةِ والصفقاتِ الفاسدةِ، لأنه يدركُ جيدًا أن مساءَلَتَهُ العلنيةَ أمامَ الشعبِ ستكشِفُ خفايا مرعبةً وأسرارًا مخيفةً تزيحُ اللِثام عن وجهِ مسؤولينَ مارسوا الفسادَ نهارًا جهارًاquot;.

رفض ولاية ثالثة للمالكي
أضاف إنه quot;من هذه الخفايا المرعبةِ إضافةً إلى انتهاكِ الدستورِ، الضحايا التي خلَّفَها لجوءُ بعضٍ من القواتِ الأمنيةِ لاستخدامِ مُختَلَفِ صنوفِ الأسلحةِ في معالجةِ الاعتصاماتِ التي شهِدَتها بلادُنا لمواطنينَ أعلنوا بروحٍ ديمقراطيةٍ سلميةٍ رفضَهُم التهميشَ والتمييزَ والبطالةَ وانتهاكَ الحرياتِ وحقوقِ الإنسانِ والتجاوزَ على حُرُماتِ البيوتِ والمساكنِ واعتقالَ الأبرياءِ من دون ذنبٍ إقترفوه، وتعذيبَ المعتقلينَ بأساليبَ وحشيةٍ، وسَجنَ ذوي المطلوبينَ من نساءٍ وشيوخٍ حتى يُسَلِّمَ المطلوبونَ أنفُسَهُمquot;.

استطرد النجيفي قائلًا quot;إن الحكومةَ قدَّمَت خدمةً مثاليةً للجماعاتِ الإرهابيةِ لم تحلُم بها أبدًا كي تعودَ من جديدٍ، وتجِدَ لها حواضنَ في بعضِ المدنِ بعدما غَدَرَ بِمَن طردوها ونَكَثَ عَهدَهُ لهم، وما أكثر الوعودِ التي نكثها وما أشدَّ وَجَعَ نتائِجِها على الشعبِ والوطن، وبَدَلًا من أن يحتكمَ للدستورِ في فضِّ الاعتصاماتِ السلميةِ، استخدم القوةَ المفرطةَ في قصفِ المدنِ على ساكنيها، حتى تحولت بعضُ مدنِ الأنبارِ وديالى وصلاحِ الدين والموصلِ إلى أَثَرٍ بعدَ عَينquot;.

أضاف قائلًا quot;في تاريخِنا المُنيرِ أن سلَفَنا الصالحَ كان يَعجَبُ لرجلٍ لا يجدُ قوتًا لعِيالهِ ولا يخرُجُ للناسِ شاهِرًا سيفَهُ، ولكنَّ أهلَنا لم يُشهِروا سيوفَهُم، بل أشهَروا مظلومِيَّتَهُم باللسانِ والصلاةِ، فكان ردُّ الحكومةِ على مظلومِيَّتِهِم بحملاتِ قصفٍ من الجوِّ والبرِّ على المدنِ، لم تُفَرِّق بين مواطنٍ وإرهابيٍّ، ولا بينَ بريءٍ ومطلوبٍ، ولا بينَ امرأةٍ وشيخٍ ولا طفلٍ، ولا بينَ مدرسةٍ ومسجدٍ، ولا بين مستشفى وروضةٍ، ولِتُخَلِّفَ الآلافَ من الشهداءِ والجرحى، في حينِ عَجِزَت أجهزةُ الحكومةِ التي رُصِدَت لها ملياراتُ الدولاراتِ عن قنصِ الإرهابيينَ من دون تعريضِ المدنِ إلى الموتِ والهلاكِ والتدميرِ البشعquot;.

وأشار إلى أنه quot;إنصافًا للشهداءِ الأبرياءِ في مدنِ بغدادَ والأنبارِ وصلاحِ الدين وديالى والموصلِ وكركوكَ ومدنٍ عراقيةٍ أخرى، وإنصافًا للجياعِ المشردينَ من أهلِنا على متونِ الصحراءِ وأكتافِ المدنِ، نقولُ إنَّ الشراكةَ الوطنيةَ الحاليةَ ما عادت أكثرَ مِن تجربةٍ فاشلةٍ وبرقعٍ مزَّقَهُ سوءُ الاستخدامِ، وإن أيَّ تجديدٍ للولايةِ الثالثةِ لرئيسِ الحكومةِ (نوري المالكي) سيكونُ إذعانًا للنّهجِ التعسفيِّ وسيكونُ تحليلًا للمجازرِ والمذابحِ التي ارتُكِبَت بحقِّ الأبرياءِ من المواطنينَ وإنكارًا للدماءِ الطاهرةِ التي تصاعَدَت إلى السماءِ في حملاتِ الإبادةِ الجماعيةِ، وعليهِ فإننا في ائتلافِ (متحدون للإصلاح) نعبّر بالفمِ الملآن والقلبِ الثابتِ الجَنان والضميرِ المستقرِ على الحق عن رفضَنا القاطعَ لأيِّ تجديدٍ عبر ولايةٍ ثالثةٍ لرئيسِ الحكومةِ أو إقرارِهِ تحت أيِّ ظرفٍ أو ذريعةٍ كانتquot;.

انفراد المالكي بالقرار أفشل الشراكة الوطنية
أضاف quot;إننا إذ نُلقي باللائمةِ على فشلِ الشراكةِ الوطنيةِ بسبب انفرادِ رئيسِ الحكومةِ بالقرارِ فهذا لا يعني تخليِنا عن مبدأِ الشراكةِ الوطنيةِ كخيارٍ لإنقاذِ الوطنِ والشعبِ، إنما يعني تطلُّعَنا إلى شراكةٍ حقيقيةٍ، شراكةِ الأقوياءِ من الكتلِ الكبيرةِ ذاتِ الحضورِ الجماهيريِّ الواسعِ لا شراكةِ الصغارِ الذيليةِ التي تنتهِجُها سياسةُ تجميعِ النتائجِ الصغيرةِ، فشراكةُ الأقوياءِ هي المؤهلة تاريخيًا وجماهيريًا وديمقراطيًا حقيقيًا لإيجادِ قاسمٍ مشتركٍ للجميعquot;.

وخاطب النجيفي الناخبين قائلًا quot;إنه من أجلِ إسقاطِ الطغيانِ والتمييزِ الطائفيِّ والعرقيِّ والحزبيِّ والجِهَوِيِّ ومن أجل عراقٍ خالٍ من الأجنحةِ المسلحةِ والميليشياتِ المُمَوَّلَةِ من بعضِ الأحزابِ والجماعاتِ الإرهابيةِ وفِرقِ الموتِ والاغتيالاتِ بالأسلحةِ الكاتمةِ للصوتِ، هبّوا إلى صناديقِ الاقتراعِ هبَّةَ رجلٍ واحدٍ وانتخبوا رجالَكُم المُؤتَمَنينَ على يومِكم وغدِكم ورجالِكم الشجعانِ الذين ستكونُ صدورُهُم سواترَ أماميةً لصدِّ رصاصِ الموتِ عن صدورِكُمquot;.. ومن أجل quot;إنصافِ الشهداءِ ودموعِ الثكالى والأراملِ واليتامى من ضحايا القصفِ العشوائيِّ للمدنِ الآمنةِ ومن أجل الاقتصاصِ من مرتكبي هذه الجرائمِ قصاصًاً عادلًا وفقًا للدستورِ والقانونِ، هبّوا إلى صناديقِ الاقتراعِ، وانتخبوا رجالَكم الشجعانَ، الذين لا يخشون في الإيمانِ باللهِ والإيمانِ بحقوقِكُم طغيانَ طاغٍ أو غطرسةَ متغطرسٍ أو هَوَسَ ديكتاتورٍ مَهووسٍ بالدَّمquot;.

وأشار إلى أن الشعب العراقي الآن quot;يشدِّدُ عَزَائِمه للتغييرِ المنشودِ، التغييرِ الذي لابدَّ منهُ للحفاظِ على وحدتِنا شعبًا ووطنًا ولاستعادةِ الدورِ الرياديِّ للعراقِ في المحيطَينِ الإقليميِّ والدوليِّ، ولترسيخِ دولةِ المؤسساتِ الدستوريةِ لا دولةِ الميليشياتِ والأَجنحةِ المسلَّحةِ والفسادِ والارتهانِ لإراداتٍ غيرِ عراقيَّةٍ والتحزُّبِ الأَعمى والتحاصُصِ المريضِ المقيتquot;.

ودعا المواطنين إلى مشاركة واسعة في الانتخابات قائلًا quot;إمتشقوا حُساماتِ أصواتِكُم من أغمادِها، وهبّوا إلى صناديقِ الاقتراعِ وانتخبوا قائِمَتَكُم quot;متحدونَ للإصلاحِquot;، فإنها وحدَها التي لن تتركَ عراقيًا خلفَ القضبانِ يئِنُّ من ظُلمِ الظالمينَ وبَغيِ الباغينquot;.
وأقسم قائلًا quot;فواللهِ لن نتركَ فتيانَنا تحت رحمةِ جلاّدٍ لا يَرحم، وسَجّانٍ لا يرِفُّ لهُ جَفن، ولن نتركَ حرًا أبيًا من رجالِنا يُجَرجَرُ في الجوامعِ والشوارعِ ويشكو للهِ مظلمَتَهُ وقدَرَه، فاسعوا برماحِ خَياراتِكُم العوالي، فانتفضوا بأصواتِكُم لِحقِّكُم المغتصبِ، وكرامتِكُم المنتهكةِ، وإرادتِكُم المصادرةquot;.

يذكر أن ائتلاف quot;متحدون للإصلاحquot; يعتبر واحدًا من أكبر الائتلافات السنية، التي تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة في 30 من الشهر الحالي، ويضم مرشحين من مختلف مناطق العراق الوسطى والغربية والشمالية.