توزيع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة معظم مساعداته في مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري، لا يعبّر عن نهج سياسي أممي، وإنما إغاثي محض، لأنّ مهجّري مناطق المعارضة غالبًا ما ينزحون إلى المناطق الأخرى هربًا من الموت.


يوزّع برنامج الغذاء العالمي غالبية مساعداته الغذائية لسوريا في المناطق، التي تسيطر عليها قوات النظام، فيما لا يزيد نصيب المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة على ربع عمليات التوزيع، كما تبيّن أرقام الوكالة التابعة للأمم المتحدة.

من الأسباب التي تحول دون إيصال المواد الغذائية إلى السوريين في مناطق المعارضة: قصف قوات النظام هذه المناطق بلا هوادة. تضاف إلى ذلك حاجة برنامج الغذاء العالمي موافقة النظام للعبور إلى مناطق المعارضة.

لأنهم مهجّرون
في هذا الشأن، نقلت صحيفة لوس أنجيلوس تايمز عن المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي عبير عطيفة قولها quot;إن عدد المهجّرين يكون أعلى بشكل غير متناسب في المناطق، التي يعتقدون أنها أكثر أمنًا، وهي المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة والمناطق المتنازع عليهاquot;.

أضافت عطيفة أن برنامج الغذاء العالمي quot;يركز دائمًا على هؤلاء المهجّرين، ولهذا السبب يكون التوزيع أكثر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومةquot;.

وتبيّن أرقام توزيع المساعدات الغذائية نسبة ما حصل عليه كل طرف في محافظات سوريا الـ14. ففي آذار/مارس مثلًا، كانت كل المساعدات الغذائية التي وزّعها برنامج الغذاء العالمي من نصيب المناطق التي يسيطر عليها النظام، في ست محافظات، بينها حلب ودمشق وحماه. وفي الرقة ودرعا وُزّعت كل المساعدات على مناطق المعارضة، بحسب برنامج الغذاء العالمي.

ذهبت غالبية المساعدات الغذائية إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في كل المحافظات المتبقية، ما عدا محافظة واحدة، تقاسمت المعارضة والنظام المساعدة المقدمة إلى سكانها المحتاجين مناصفة. وفي المتوسط العام، فإن 75 في المئة من عمليات التوزيع حدثت في مناطق تسيطر عليها قوات الرئيس بشار الأسد.

مناطق كارثية
وتسببت الحرب في قدر هائل من الفقر والعوز في عموم سوريا، ولكن معاناة سكان المدن والبلدات والأحياء التي تسيطر عليها المعارضة أشد بكثير، نظرًا إلى القصف الذي تتعرّض له باستمرار، والغارات الجوية التي أحالت بعض البلدات والأحياء مناطق كارثية من دون أن يبقى شيء يُذكر من بناها التحتية.

ورغم انتقال كثير من السوريين إلى مدن وأحياء يسيطر عليها النظام، فإن عددًا كبيرًا انتقلوا في الاتجاه الآخر أيضًا، إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة يعتبرونها أكثر أمنًا. وانبثقت مخيمات للاجئين على امتداد الحدود مع تركيا، حيث تسيطر المعارضة على مناطق واسعة.

قال كريم شامي، الذي يعمل متطوعًا في إيصال المساعدات الغذائية إلى المحتاجين في دمشق، إن النظام السوري يتحمّل مسؤولية حرمان المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة من المعونات الإنسانية. ونقلت صحيفة لوس أنجيلوس تايمز عن شامي قوله إن جيش الأسد quot;فرض حصارًا على هذه المناطق، ليتعذر إدخال المساعدات إليهاquot;.

حصار شامل
وانتهج النظام سياسة التجويع والحصار على العديد من مناطق المعارضة في دمشق وحمص، مانعًا دخول المواد الغذائية والأدوية وغيرها من المساعدات طيلة أشهر عديدة.

ويعمل برنامج الغذاء العالمي، مثله مثل الوكالات الأخرى للأمم المتحدة، بموجب تفويض من الجمعية العامة، ينص على عدم انتهاك السيادة السورية. ويقول مراقبون إن هذا يعني عمليًا منع العبور إلى مناطق المعارضة، واقتصار توزيع المساعدات في المناطق القريبة من المعابر الحدودية مع تركيا، التي تسيطر عليها المعارضة، بما يتيح إدخال المساعدات وتوزيعها.

لكن المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي عبير عطيفة قالت إن سلامة الموظفين مبعث قلق كبير أيضًا، متسائلة: quot;من هم سائقو الشاحنات، الذين يمكن إرسالهم إلى منطقة تتعرّض للقصف من أجل إيصال المساعداتquot;، واصفة سوريا بأنها quot;ساحة حربquot;.