هل حلم الدولة التي تجمع الكرد أصبح وشيكًا؟ وهل الظروف صارت مؤاتية لذلك؟ وما الموقف الدولي ودول الإقليم التي تتوزّع سيادة المناطق الكردية في ما بينها، كالعراق وتركيا وإيران وسوريا؟.


نصر المجالي: في تصريحات لفتت أنظار الجميع في 13 إبريل (نيسان) الماضي، كان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني قال إن الدولة الكردية المستقلة قادمة، فيما أشار إلى أن الحكومة المركزية ليست لها سلطة على غالبية مناطق العراق.

وأضاف بارزاني في تصريحات أوردتها قناة (سكاي نيوز العربية) أنه "لا أحد يستطيع أن يمنعنا من إعلان الاستقلال، لأنه حقنا الطبيعي، لكننا نريد أن يتم كل شيء عبر الحوار".

وأشار الزعيم الكردي إلى أن "الأمر يتجاوز الحدود العراقية، فالتطورات التي تشهدها المنطقة جاءت لتصحح اتفاقات دولية وإقليمية، ولتجاوز أخطاء جسيمة في رسم حدود البلدان والأقاليم، منذ سايكس بيكو".

وأكد بارزاني "أننا لا نريد أن ندخل في صراعات دموية مع أي جهة، لكن مسألة الاستقلال هي حق للشعب الكردي، ويجب عدم التعامل معها وكأنها تهمة تلاحقنا".

وأضاف ان "وحدة العراق أضحت أمرًا افتراضيًا"، معتبرًا أن "الدولة العراقية فقدت السيطرة على مختلف المحافظات، وأن الحكومة المركزية ليست لها سلطة على معظم مناطق العراق".

سؤال إيلاف
مسألة احتمال قيام دولة كردية موحدة مستقلة تضم الأكراد الموزّعين حاليًا، وهم على أرضهم حلم قديم حديث، وهو كان موضوع سؤال استفتاء (إيلاف): هل ترى أن قيام دولة كردية في المدى المنظور أمر ممكن؟.

شارك في الإجابة عن السؤال 26469 قارئًا، أفاد منهم 12451 ما نسبته 47 % بـ(نعم)، بينما أجاب 14018 قارئًا ما نسبته 53 % بـ (لا) حول إمكانية قيام مثل هذه الدولة.

واضح أن تداعيات الربيع العربي، وخاصة في المجال السوري، أعطت الكرد فرصة جديدة، تضاف إلى فرصتهم الحالية في العراق لتحويل الحلم إلى حقيقة، على أنه لا يمكن للمراقب أن يتناسى أن حلم الدولة يفجّر العديد من المناقشات والجدالات والتناقضات بين الكرد، الذين يشكلون أكبر عرقة في العالم بدون دولة ، فضلًا عن مواقف الدول التي ينتمون إليها في العراق وتركيا وإيران وسوريا.

ويبلغ عدد الأكراد في العالم حوالى 27 مليون نسمة، يشكل كرد تركيا 56% من مجموع الكرد في العالم، ويشكل كرد إيران 16 %، ويشكل كرد العراق 15%، بينما يشكل الكرد في سوريا ما نسبته 6 %.

وفي العقد الأخير تمكن الأكراد من وضع قضيتهم المضنية الطويلة على طاولة العالم، فقد أصبح لهم دور وقرار في تقرير شأن المنطقة من بوابة العراق، لكنهم اكتفوا رغم ذلك بالوقوف على أعتاب أمل الدولة، مكتفين بالوعود والهواجس والأماني القريبة أو ربما المستحيلة.

تقرير أميركي
هنا يشار إلى أن تقريرًا كان جرى تداوله بين أعضاء الكونغرس الأميركي في أغسطس (آب) العام 2005، ويتعلق بشكل محدد بخطة مستقبلية لقيام ما وصفها التقرير بـ(دولة كردستان).

وقال التقرير، الذي أعده مركز للدراسات في واشنطن، إن أميركا يمكن أن "تشجّع على قيام دولة مستقلة للكرد في العراق تمهيدًا لقيام كردستان الكبرى".

ويمضي التقرير في سرد "التحولات الإستراتيجية التي ستتحقق في المنطقة في حال تشجيع واشنطن على قيام دولة كردستان في العراق، ومنها ضمان وجود دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، وتطوير واستثمار مشاعر الملايين من الكرد، المتعاطفة مع الولايات المتحدة في منطقة إستراتيجية، لا سيما أن الولايات المتحدة تواجه خزانًا من الكراهية المتنامية عند الشعوب العربية".

يشير التقرير إلى أن تشكيل الدولة الكردية المقترحة، التي ستتوسع مستقبلًا، لتضم مناطق الكرد في إيران وتركيا وسوريا، يهدف أيضًا إلى "إيجاد حليف إستراتيجي لدولة إسرائيل يمكن أن يشكل لها عمقًا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وسوقًا رائجًا لبضائعها".

فالكرد، حسب التقرير، لا يتحسسون من أي انفتاح مع إسرائيل، بفعل تاريخ قديم من العلاقات ومن الدعم السياسي والعسكري للكرد منذ عهد الزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني، إلى جانب تشكيل قوة إستراتيجية عسكرية واقتصادية، لها القدرة على إيجاد توازن إقليمي حقيقي مع إيران والدول العربية، وأيضًا مع العراق أو ما يتبقى منه، في حال أفرزت الديمقراطية فيه تيارًا سياسيًا متطرفًا.

ويخلص التقرير إلى سرد الضرورات الإستراتيجية لقيام دولة مستقلة للكرد في العراق، ويورد في شكل خاص دور مثل هذه الدولة في ما يسمى بمكافحة الإرهاب، لا سيما بعد أن تتوسع لتصبح كردستان الكبرى ذات الـ40 مليون نسمة، وعلى رقعة كبيرة من الأرض قد تصل إلى نصف مليون كيلومتر مربع.