أكد الإعلامي الليبي محمود شمام، رئيس قناة ليبيا الأحرار، في تصريح لـ"إيلاف" أن اغتيال الصحافي الليبي مفتاح أبوزيد في بنغازي يوم أمس الاثنين كان مخططًا له، وأن القاتل محترف، مُتهمًا متطرفين بالتخطيط وتنفيذ عملية الاغتيال.


محمود العوضي من دبي: أوضح شمام خلال اتصال هاتفي مع "إيلاف" أن أبوزيد، رئيس تحرير صحيفة "برنيق"، انتقد المتطرفين مرات عدة، كان آخرها أثناء ظهوره معه قبل مقتله بنحو 24 ساعة على قناة "ليبيا لكل الأحرار" لمناقشة الأحداث الأخيرة في البلاد والسياق السياسي والأمني الحالي، منوهًا بأن أبوزيد تلقى تحذيرات عدة قبل اغتياله، حيث طلب منه مغادرة الأراضي الليبية (قبل 24 ساعة من عملية الاغتيال)، وإلا فإن حياته ستتعرّض للخطر. مبينًا أن أبوزيد أخضع للمراقبة وهو يوزّع صحيفته "برنيق" في بنغازي، وكانت هناك ثلاث سيارات مشبوهة في مكان الاغتيال.
&
ولفت شمام إلى "أن المتطرفين تمكنوا من إخراس كل الأصوات، ولم يبقَ أمامهم إلا الإعلاميون.. لم يخرج سياسي واحد يدين عملية الاغتيال فهذه معركة الإعلام، وهي عملية لاجتثاث التيار المدني، وأداتهم أعضاء، منهم داخل المؤتمر الوطني العام".

توقع مقتله
وكان أبوزيد قد هاجم خلال لقائه مع شمام المتطرفين في ليبيا، وتوقع مقتله على أيدي متطرفين، قائلًا "أنا مع المواطن الليبي، مع بنغازي، مع الدم، ولن نرضى بالدم.. أي حماية لدينا يا سيد.. قد أخرج من هنا، وأقتل بعد قليل، وسوف يمشي دمي مثل ضباط الجيش، في أي دولة يعيش هؤلاء المتطرفون.. هل هؤلاء في كتائبهم لديهم معلومات وتحريات عن الذين يقتلون أو يخطفون أو الذين أسالوا الدم في بنغازي أو في درنة أو في البيعة أو طرابلس. يختطف المواطن الليبي يا سيد.. كيف تقول لي أن اعترف بهؤلاء.. أنا لن اعترف إلا بالدولة.. وسوف أفدي نفسي لهذه الدولة".

بهذا يكون أبوزيد قد مات، لأنه أعلن الحرب على الإرهاب بالكلمة والقلم، مؤمنًا بمقولة "دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة".

على إشارة المرور
تمت عملية الاغتيال بعد قيام مسلحين اثنين يستقلان سيارة "هيونداي - رصاصية اللون" بإطلاق وابل من الرصاص على سيارة الصحافي أبوزيد، بينما كان متوقفًا لدى الإشارة الضوئية في شارع الاستقلال في بنغازي (شارع جمال عبد الناصر سابقًا). أصيب على أثرها في الرأس والبطن، وفارق الحياة.

من جهتها، استنكرت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا اغتيال أبوزيد، ووصفت اغتياله بـ"العملية الإجرامية". وطالبت الحكومة الموقتة والجهات المسؤولة بإجراء التحقيقات العاجلة، وتقديم الجناة إلى العدالة.

ودانت منظمة "مراسلون بلا حدود" اغتيال أبوزيد في بنغازي، وطالبت المنظمة بضمان سلامة الصحافيين في الدولة الليبية الجديدة. وقالت المنظمة "إن أبوزيد يحظى باحترام واسع وسط أهالي بنغازي، بفضل مواقفه الثابتة والجريئة ضد الجماعات المتطرفة المنتشرة في البلاد".

وطالبت المنظمة السلطات الليبية بفتح تحقيق في أقرب وقت ممكن لتوضيح أسباب هذا الاغتيال، وتحديد هوية الجناة، الذين يجب محاكمتهم أمام العدالة.

لمحاسبة المجرمين
وقالت مديرة الأبحاث في المنظمة لوسي موريون: "نشدد بشدة على أنه من الأهمية بمكان السهر على ضمان سلامة الصحافيين في الدولة الليبية الجديدة، وإلا فإن وسائل الإعلام لن يكون باستطاعتها العمل بحرية.. في ضوء المناخ السائد، الذي يطغى عليه العنف ضد الإعلاميين في البلاد، فإنه لا يمكن استبعاد السبب المهني في هذا الاغتيال المأساوي، الذي ذهب ضحيته أبوزيد.. يجب اتخاذ إجراءات تشريعية وقضائية على الفور، لوضع حد للإفلات من العقاب، وإتاحة المجال لسيادة القانون، مع ضمان حماية واحترام حرية التعبير والإعلام، التي تعتبر شرطًا أساسيًا لإقامة مجتمع ديمقراطي مستدام في ليبيا".

وقالت مديرة مكتب قناة "ليبيا لكل الأحرار" في بنغازي خديجة العمامي "نحن الصحافيين والإعلاميين نواجه جميعًا الوضع نفسه المتمثل في انعدام الأمن بشكل مستمر في بنغازي، إذ مازلنا نتلقى جميعًا تهديدات يومية، بسبب نشاطنا المهني، ويمكن لأي منّا أن يقتل في أي لحظة".

هذا وأدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اغتيال الصحافي أبو زيد، ودعت البعثة السلطات الليبية إلى التحقيق في هذا العمل الإرهابي، والإعلان سريعًا عن مرتكبي هذه الجريمة وغيرها من الجرائم، وتقديمهم إلى العدالة.

جاء في بيان للبعثة أن "حرية التعبير حق من حقوق الإنسان، وينبغي ألا يدفع الصحافيون أرواحهم ثمنًا لقيامهم بعملهم والتعبير عن رأيهم بحرية.. وتعدّ حرية التعبير أحد الأهداف الرئيسة لثورة 17 فبراير، التي ضحّى الشعب الليبي بالكثير من أجل تحقيقها".

وقدمت البعثة تعازيها إلى أسرة أبوزيد، داعية الليبيين مجددًا إلى الامتناع عن اللجوء إلى العنف، والدخول في حوار بناء للحفاظ على بلدهم. من جانبهم، احتشد الاثنين عدد من الصحافيين والإعلاميين في ساحة تيبستي احتجاجًا على ضياع الأمن في بنغازي واغتيال أبوزيد.