بدأ مئات من الثوار السوريين الذين أنهكتهم مشاركاتهم في أعمال القتال التي يخوضونها ضد قوات الأسد يتخلون عن "جهادهم" ويعودون إلى العمل عبر وظائف عادية من أجل تلبية احتياجات أسرهم ورأوا أن مواصلة تعليمهم أفضل من دمار كلي للبلد.


من بين هؤلاء شخص يدعى عماد فقاس، انخرط في أعمال القتال، حين وصلت إلى مدينة حلب، وكان يبتعد عن أسرته لمدة شهر كامل في بعض الأحيان. لكنه وبعدما بدأ يشعر بالتعب جراء الأعمال القتالية، قرر الابتعاد عن ذلك النشاط، وها هو يعمل الآن كبائع للآيس كريم.

جهاد مدني
وذكرت في هذا الصدد صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية أن فقاس قرر أخيرًا أن يوفر قوت يومه له ولأسرته من خلال افتتاح محل لبيع الآيس كريم المزدان بالكرز، ولم يضع عليه لافتة حتى الآن، واستعان كذلك بجهاز تجاري لتحضير القهوة، ولا شيء آخر سوى مجموعة من الأرفف الخاوية، وقد قرر افتتاح هذا المتجر أخيرًا لدعم أسرته.

وأوردت الصحيفة عن فقاس، 39 عامًا، قوله : "قررت التوقف عن المشاركة في أعمال القتال، لأنه لم يعد بوسعي إطعام أولادي ( ابنين وابنة وزوجة). وبات جهادي الآن من أجل أسرتي".

مضت الصحيفة تقول إن فقاس انضم أخيرًا إلى المئات، إن لم يكونوا الآلاف، من المقاتلين السوريين المنهكين الذين غادروا المعارضة المسلحة، لينضموا مرة أخرى إلى الحياة المدنية.

فشل فتشاؤم
وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أنه وبعد مرور أكثر من 3 أعوام على بدء الانتفاضة السورية، التي أثارت الآمال حينها بأن تنجح سريعًا، كما حدث في تونس ومصر، استُبدِل التفاؤل بشعور بالفشل وإحساس بأن الصراع لم ينتج منه سوى الدمار والخسائر المختلفة.

كما قرر البعض وضع السلاح الذي كان يحمله ومن ثم العودة إلى ممارسة مهنتهم الأصلية في مجال الزراعة، قبل أن يهجروها للمشاركة في أعمال القتال التي انطوت عليها الثورة.

وقال سمير زيتون، وهو قائد كتيبة التوحيد: "ترك عدد كبير من الأشخاص أعمال القتال، لأنها تستغرق وقتًا طويلًا، فقد كانوا يتصورون أنها ستقتصر على مجرد الصياح بمقولة "الله أكبر" مرتين في المظاهرات، وكذلك وتلقي عددًا محدودًا من الضربات ومن ثم سينتهي الأمر".

المستقبل أهم
وأشار زيتون إلى أنه يرى أن ما يقرب من نصف المقاتلين المتواجدين في حلب قد غادروا على مدار العام الماضي، وأن معظمهم من جماعات ثورية صغيرة. لكن مع تواصل الحرب في غيابهم، قد تؤدي مغادرة هذا العدد الكبير من الثوار السوريين إلى قدوم مزيد من المقاتلين الأجانب إلى سوريا من أجل سد الفراغ والانضمام للقتال ضد القوات الحكومية.

وقال هنا مقاتل يدعى صلاح: "اكتشفت أنه من الأفضل بالنسبة إليّ أن أواصل تعليمي وأن أهتم بمستقبلي. فالأمل يكاد لا يكون موجودًا. وتلك السنوات الماضية ضاعت من أعمارنا. وقد فعلنا كل ما في وسعنا، لكن البلاد تعرّضت في النهاية لحالة تامة من الدمار".

&