&
بمناسبة صدور ترجمة فرنسيّة لروايته الجديدة:”عامان، وثمانية أشهر وثمانية وعشرون ليلة"، أدلى الكاتب سلمان رشدي الذي آختار الإقامة في نيويورك قبل سبعة عشر عاما، بحوارات لكبريات المجلات الفرنسيّة تحدث فيها عن روايته الجديدة التي لها البعض من ملامح الخيال العلمي، وعن التطرف الإسلامي المتمثل تحديدا في الدولة الإسلامية المتمثلة في داعش، وعن الفتوى التي أطلقتها ايران مؤخرا، والداعية الى قتله تماما مثلما فعل الامام الخميني في أواخر الثمانينات من القرن الماضي.
وفي بداية حواره مع مجلة "لوبس" في عدد الأسبوع الأخير من شهر اغسطس، آب من العام الحالي، أشار الى أن روايته الجديدة لها بالفعل البعض من ملامح الخيال العلمي، كما أشار إلى ذلك العديد من النقاد. وقد يعود ذلك الى أنه فتن في سنوات شبابه بروايات من هذا النوع. وبإعجاب قرأ أعمل كتاب أمريكيين كبار من أمثال راي برادبوري، وكورت فونغوت، وآخرين. لكن في ما بعد لم يعد يهتم بروايات الخيال العلمي لأن أغلبها "مكتوبة بشكل شيء" بحسب تعبيره. وتدور أحداث رواية سلمان رشدي الجديدة في القرن الثاني عشر. بطلتها دونيا، ربة الصواعق، التي تتعلق بآبن رشد، وتتزوجه. ومن الزواج من هذا الفيلسوف الذي آنحاز إلى سلطة العقل، ولد جيش من الجنّ بآذان دون روْم. وبعد مرور قرون طويلة على ذلك، ساعدت فرقة من ذلك الجيش دونيا على إلحاق الهزيمة بجيش غريم أين رشد، الذي يدعى الغزالي، بينما كان هذا الأخير يسعى إلى أن بسط الظلام على العالم بأسره. وتدور المعارك بين الفيلسوفين في مدينة نيويورك التي تمثل رمز الحضارة الحديثة. ومن خلال روايته، يتطرق سلمان رشدي الى القضايا والمخاطر التي يعيشها العالم راهنا خصوصا بعد أن تفاقم الإرهاب التكفيري والجهادي ليشمل جميع الدول والمجتمعات بقطع النظر عن ديانتها، وثقافتها، وتاريخها، وجنسيتها. وقال سلمان رشدي إنه سعى في روايته:” جوزيف أنطون" التي روى فيها سنوات التخفي بعد فتوى الخميني، أن يكون نزيها ودقيقا بأكثر آحتمال ممكن. أما في روايته الجديدة،فإنه أراد أن يجتاز كلّ الحواجز لبلوغ الحد الأقصى من التخيّل. عندئذ تذكّر روايات الخيال العلمي التي قراها في شبابه. كما تذكر”الف ليلة وليلة"، وكتبا آخرى عمّقت حبّه للأدب.
وأشار سلمان رشدي الى أن الجن يتواجد في الأساطير والتقاليد الهنديّة. كما يتواجد في التراث الإسلامي. وفي نيو دلهي، يتردد الناس على خربة قديمة، فيها يضعون رسائل يطلبون فيها من الجن الذي يعشّش فيها، أن ينتقم لهم من أعدائهم. وخلافا لرواياته السابقة، لم يهتم سلمان رشدي كثيرا بالتقنيات الفنيّة كما هو الحال في "أبناء منتصف الليل"، على سبيل المثال لا الحصر، وإنما فضّل أن يترك نفسه على سجيّتها، لاعبا، قافزا من غصن الى آخر، متنقلا من عالم غريب إلى عالمم أشد غرابة، تاركا خياله يطير ويسبح كما يشتهي، وكما يريد.
وماذا عن الفتوى الإيرانية الجديدة؟
عن هذا السؤال، أجاب سلمان رشدي قائلا:” أعتقد أن وسائل الإعلام مخطئة. في كلّ سنة، في ذكرى الفتوى، يحدث شيء ما. وهذه السنة، إذا ما أنا لم أكن مخطئا، أرادت بعض الصحف الراديكاليّة أن "تصنع الحدث" ، فأعلنت أنها ستضيف بضعة آلاف للجائزة بهدف قتلي. إلا أنها لا تملك هذا المبلغ. وإذن المسألة لا تتعدى ان تكون مجرد بلاغة لغوية. المشكل الوحيد هو أن الصحف الغربية تعتقد أنها حين تجمع بين "ايران"، وبين"الفتوى"، وبين "رشدي" يمكنها أن تصنع هي أيضا الحدث الإعلامي المثير. لكن للأسف! العالم يواجه اليوم مشاكل أكثر اهميّة. لكن رغم كل هذا، أنا أواصل حياتي بصفة عادية، ومسألة الفتوى مسألة قديمة بالنسبة لي".
وعن الدولة الإسلامية، قال سلمان رشدي بإن الشيء المؤكد هو أن هذه الدولة سوف تفقد الجزء الهم من المناطق التي سيطرت عليها. ومن المحتمل ان تختفي من خارطة العالم في المستقبل القريب!