وسط دعوات للتخلي عن مظهر لا صلة له بالمناسبة ورمزيتها
هستيريا المفرقعات تجتاح الجزائر عشية ليلة المولد

كامل الشيرازي من الجزائر: في ديكور خاصإعتادت عليه الكثير من المدن الجزائرية كل سنة، تشهد الجزائر نصب عديد الطاولات والأسواق المصغرة الخاصة ببيع المفرقعات عبر شوارعها وميادينها وأزقتها تأهبًا للإحتفال بذكرى ليلة المولد النبوي، وعلى الرغم من الحظر الرسمي على هذا النشاط وتباهي السلطات بحجزها كذا وكذا من حاويات المفرقعات، إلاّ أنّ المهووسين بعالم المفرقعات لم يتراجع نشاطهم، بل على النقيض إزدادت، تماما مثل رقعة زبائنهم التي تشهد إتساعا، وإمتدت إلى السيدات والكهول بعدما كانت مقتصرة في زمن ما على الفتيان والصبايا والمراهقين، وسط دعوات أكثر من طرف إلى التخلي عن مظهر لا صلة تربطه بعمق المناسبة ورمزيتها.

وعلى إيقاع صاخب، لا يكاد المتجول في العاصمة الجزائرية وضواحيها أن يعبر من دون أن يسمع دوي إنفجار المفرقعات وشتى الألعاب النارية والتي صار مفعولها المخيف شبيها بذاك الذي تحدثه القنابل، وبين براغماتية التجار ونهم قاصديهم، ارتفعت أسهم مفرقعات من نوع خاص حملت مسميات خاصة على غرار quot;الشيطانة1quot;، quot;الشيطانة2quot;، ''النمر''، ''الصاروخ''، quot;الرعدquot;، quot;التيتانيك''، إضافة إلى أخرى اصطلح عليها أصحابها بألقاب غريبة كـquot;الكوشمارquot;. ويتنافس المقبلون على اقتناء هذه quot;السلعquot; في تجريب قوة كل واحدة، بما في ذلك المفرقعات المحظورة الاستعمال، والأجسام المتفجرة مختلفة الأحجام والأشكال التي تتخذ شكل زجاجات حارقة وعبوات شديدة المفعول، على نحو قد يصل إلى حدود تشعرك بأنّك في ساحة حرب تتساقط فيها القنابل من كل حدب وصوب.

quot;رياضquot; (28 سنة) شاب ترك مقاعد الدراسة مبكرًا وانخرط في أعمال تجارية متعددة، التقينا به عند مدخل شارع quot;شاراسquot; الشهير وسط الجزائر العاصمة، كان يستعرض فوق طاولته الضخمة أنواعا من المفرقعات والألعاب النارية، قال رياض لـquot;إيلافquot;: quot;الاحتفالات بليلة المولد النبوي صارت فرصة لا تعوّض للربحquot;، ودون تردد يكشف لنا أنّه حصد عائدات معتبرة في السنوات القليلة الماضية وصلت الى ملايين الدنانير، ما شجعه على الاستمرار في هذه quot;المهنةquot; رغم مطاردات رجال الشرطة له. وردا على سؤال بشأن تعارض نشاطه مع مغزى الاحتفال بذكرى ميلاد النبي محمد (ص)، يرفض رياض كما زملاؤه فريد ومصطفى والصادق، أن تخضع مقاربة ظاهرة المتاجرة بالمفرقعات إلى هذه الزاوية، حيث يتحججون بأنّ البطالة المقنّعة التي وجدوا أنفسهم يصارعونها، دفعتهم إلى ممارسة هذا النشاط المثير للجدل. ويقترح الصادق بلهجة جادة على سلطات بلاده أن توفر وظائف محترمة ومعيشة كريمة لتجار المفرقعات بدل مطالبتها لهم بوقف أنشطتهم.

وخلال الاحتفالات بليلة المولد، تعرف quot;بورصة المفرقعاتquot; التهابا لافتًا في الأسعار، فبعدما كانت الأخيرة تتراوح في حدود 300 إلى 600 دينار، أصبحت تقارب عارضة التسعمئة دينار قبيل 72 ساعة عن الليلة الموعودة، بيد أنّ عموم الجزائريين لا يبالون بجنونية هذه الأسعار، وعدم تموقع المفرقعات في مقام ذي أولوية، لذا قد تفاجأ بإقدام عائلة على صرف 30 ألف دينار (ما يعادل 350 دولار) لإرضاء شغف أبنائها، حتى وإن كان ذلك أحيانًا على حساب مواد أساسية.