بطلة العراق شاركت بحذاء مستعمل والهولندي ويدن قهر السرطان بالذهبية
دانة العراقية و ويدن الهولندي نجما الانسانية في أولمبياد بكين

محمد حامد ndash; إيلاف : لن نختلف كثيرًا حينما نقول السباح الأميركي الأسطوريquot;مايكل فيلبسquot; و سوبر مان سباقات السرعة الجامايكي quot;أوساين بولتquot; هما نجما أولمبياد بكين بلا منازع، حيث وصل كلاهما لقمة الإنجاز البشري

بطل السباحة الهولندي يحتفل بالذهبية وجروح العلاج الكيمائي ظاهرة في رأسه
ي المجال الرياضي، ولكن الجانب الإنساني يظل له بريقه حتى لو لم يكن مقرونًا بانجاز أولمبي ذهبي، ودورة الألعاب الأولمبية التي أختتمت يوم الأحد الماضي في بكين شهدت أكثر من قصة إنسانية جديرة بالرصد لاستخلاص الدروس والعبر التي تتجاوز مجرد الإنبهار بالإنجاز الرياضي ... quot;دانة حسينquot; العداءة العراقية و quot;فان دير ويدنquot; بطل السباحة الهولندي كانا بطلا الإنسانية في أولمبياد بكين 2008 .

فقد كانت العداءة العراقية quot;دانة حسينquot; واحدة من بطلات تلك القصص التي جذبت اهتمام وسائل الإعلام العالمية، فقد شاركت في أولمبياد بكين رغم كل ما واجهته من مصاعب هي جزء لا يتجزأ من المصاعب التي يعيشها كل أبناء شعبها، وكم كانت مبادرة رائعة حينما أشادت أكبر صحيفة صينية quot;الشعبquot; ببطولة quot;دانة حسينquot; وأشارت إلى أنها شاركت في أولمبياد بكين بحذاء مستعمل اشترته من الأردن ..! وعلى الجانب الآخر لدينا السباح الهولندي quot;فان دير ويدنquot; الذي قهر سرطان الدم وانتفض من فراش الموت ليعانق المجد الأولمبي بحصوله على ذهبية سباق السباحة لمسافة 10 كم، وضرب لنا مثلاً في كيفية أن يتحول الإنسان من حالة الدفاع عن فرصه في البقاء على قيد الحياة إلى بطل أولمبي ..!

دانة حسين ... كيف يقهر الإنسان كل المستحيلات ؟!
نعم خرجت العداءة العراقية دانة حسين منذ الجولة الأولى من مباريات التصفية لسباق 100 م للنساء في أولمبياد بكين، وسجلت زمن مقداره 12.36 ثانية في السباق. ورغم أنها ظهرت في مضمار السباق ضمن أولمبياد بكين لفترة قصيرة جدا، إلا أن هناك قصة طويلة ومفعمة بالمتاعب كانت وراءها. فقد شرعت دانة حسين في ممارسة التدريبات على ألعاب القوى عام 2003. وفي ملعب التدريب الذي دمرته نيران الحرب، كانت تواظب على التدريب وهي ترتدي حذاء عدو باليا. ولكن الحلم الأكبر تمثل في الوقوف على مضمار الجري في دورة الألعاب الأولمبية. وفي الوقت الذي كان جميع أبطال العالم يستعدون للمشاركة في الأولمبياد بعرقهم، كانت دانة حسين تستعد للمشاركة في الاولمبياد بحياتها. ففي نوفمبر 2007، عندما كانت تمارس التدريب على العدو، سمعت صوت طلقة، وطارت الرصاصة بجانبها وأصابت شجرة قريبة. ولم تهتم دانة كثيرًا حتى سمعت صوت طلقة أخرى، فوقفت وشعرت بريح ملتهبة وراءها ـ فقد مرت رصاصة بجانب قدمها! فوقعت البطلة العراقية على الأرض مغشيا عليها ذعرًا.

العداءة العراقية دانا حسين تتدرب في احدى التمرينات
وكما قال تقرير الصحيفة الصينية الأكبر والأوسع إنتشارًا فقد طارت دانة حسين من الفرح مع اقتراب موعد افتتاح أولمبياد بكين. ولكن الحكومة العراقية حلت اللجنة الأولمبية العراقية في مايو 2008، فألغت اللجنة الأولمبية الدولية أهلية العراق للمشاركة في أولمبياد بكين. وبعد سمع هذا النبأ المحزن، انهارت دانا من شدة الصدمة، فقد تبدد الحلم الذي عاشت له. فخفف المدرب حزنها قائلا أنه يمكنها أن تشارك في أولمبياد لندن بعد أربع سنوات. فكان ردها ... quot; بالقياس للوضع الراهن في العراق، لا أعرف ما إذا استطعت أن أعيش حتى عام 2010 أم لا...!quot;

وفي يوم 29 يوليو الماضي، أعلنت اللجنة الاولمبية الدولية أنها سمحت للوفد العراقي بالمشاركة في أولمبياد بكين. فغرقت دانة حسين في دموعها فرحا من اعادة أهلية العراق للمشاركة في الأولمبياد. وفي يوم 16 أغسطس الحالي، وقفت دانة حسين على مضمار الجري لأولمبياد بكين وهي ترتدي الحذاء المستعمل الذي اشترته من الأردن. وبعد انتهاء السباق قالت البطلة العراقية... quot; في الواقع أنه لأمر غير مهم أن أستطيع اليوم الفوز بأي مركز، وأنه لنصر أن أشارك في الدورات الاولمبية هنا نيابة عن العراق وأن أقف على مضمار الجري في أولمبياد بكينquot; .

السباح الهولندي من فراش الموت إلى المجد الأولمبي

في 31 مارس عام 1981 شهدت quot;دوردرختquot; الهولندية ميلاد السباح الموهوب quot;فان دير ويدنquot; والذي مارس السباحة منذ مراحل طفولته الأولى ليقدم مستويات جعلت منه سباح واعد وفق آراء خبراء السباحة، وبالفعل نال كل البطولات المحلية في هولندا في مراحل الناشئين، كما حصل على بطولات هولندا للشباب في سباحة الـ 1500 متر حرة لأعوام 1998 و 1999 و عام 2000 ثم كان ظهوره اللافت في بطولات أوروبا للشباب مع بداية الألفية الجديدة، ولكن سرطان الدم quot;اللوكيمياquot; لم يمهله الكثير من الوقت لمواصلة مشوار التألق، وكاد المرض اللعين يقضى على حياة البطل الهولندي في عام 2001، ليتفرغ quot;فان دير ويدنquot; للبحث عن فرصة أخرى في الحياة، وليس مواصلة مشوار البطولات الذي أصبح درب من الخيال .

ولكن الشاب الهولندي الذي بدأ يخضع علاج كيمائي مكثف من سرطان الدم، وغيره من أساليب العلاج القاسية بدأ يتماثل للشفاء، واكنت لديه روح المقاومة والتمسك بالحياة، وكانت المفاجأة أن حلم مطاردة البطولات في أحواض

بطل السباحة الهولندي على فراش الموت يقاوم سرطان الدم
بحار السباحة لم يمت ولم تطاله الهجمة السرطانية الشرسة، فتماثل البطل للشفاء وبدأ يعود لممارسة تدريباته في مجال سباحة المسافات الطويلة، وعاد للتألق مجددًا، وفي عام 2004 تمكن من الظفر بذهبية ماراثون السباحة الأوروبي ضاربًا الرقم القاري بـ 15 دقيقة حينما حقق زمن قدره 4:20:58 ساعة، وفي عام 2005 تمكن من الحصول على المركز الخامس في بطولة العالم لسباحة الـ 10 كم، ثم حصل على المركز السادس في سباق الـ 25 كم .

ثم حصل على بطولة أوروبا في سباق الـ 10 كم والتي أقيمت في بودابست المجرية، وفي عام 2008 حصل برونزية العالم لسباق الـ 5 كم ثم ذهبية بطولة العالم لسباق الـ 10 كم في نفس العام، وجاء فوزه بذهبية أولمبياد بكين 2008 ليكون درة التاج في مسيرة انجازات البطل الهولندي الذي قهر المرض، وقدم النموذج والقدوة في قوة الإرادة الإنسانية .

بدورها احتفلت الصحافة الهولندية بانجاز بطلها، صحيفة quot; ن.ر.س هاندلزquot; اظهرت السباح مارتن فان در وايدن ، وهو يشق الماء للفوز بالميدالية الذهبية لسباق الماراثون البحري المنهك. وصحيفة quot;ألخمين داخبلادquot; تخبرنا أن فان در وايدن كان قد شخص له سرطان في الدم في العام 2001 ، وتذهب إلي أن انتصاره هذا يشكل مصدر الهام لمرضى اللوكيميا، حيث عنونت الصحيفة ... quot; اللوكيميا لا تعني نهاية اللعبة quot; بشهادة احد الذين عانوا منها .
وعندما فاز مارتين فان دي ويدن بذهبية 10 كم في أولمبياد بكين، رأى المتفرجون عبر شاشة التلفاز في كل دول العالم الحروف quot;NEDquot; على جانبي رأسه، وهي حروف مختصرة لكلمة (هولندا) وربما رأوا أيضا الندبات والآثار على رأسه بجانب الحروف الممثلة لوطنه، وهما اثر العلاج الكيميائي وزرع النخاع للبطل الذي كلن قد أصيب باللوكيميا. ولكن هذا المريض أصبح أول بطل لماراثون السباحة الأولمبي في بكين صباح 21 من أغسطس 2008، ويستحق هذه الميدالية الذهبية التاريخية اذ أنه معجزة إنسانية ورياضية حقيقية .

وحول مشاعره بالذهبية وتجربته المرضية قال البطل الهولندي ... quot;عندما كنت عل الفراش في المستشفى وأنا اتحمل الألم الشديد، لم اكن استطيع أن افكر في أمور الشهر القادم أو الأسبوع القادم او حتى الساعة القادمة وقد تعلمت من تجربة المرض التزود بالصبر والتقدم خطوة خطوة.quot;