حرب كرة القدم: مصر x الجزائر

وصل إلى الأراضي السودانية أكثر من 20 ألف مشجع لمنتخبي مصر والجزائر لمتابعة المباراة الحاسمة المؤهلة لتصفيات كأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010، وتحولت مدينة الخرطوم إلى ما يشبه quot;مقاطعة جزائرية مصريةquot;، وتقام المبارة اليوم في الخامسة والنصف بتوقيت غرنتش على ملعب المريخ السوداني، وسط تأهب أمني كبير، وقد تحولت المقاهي في السودان إلى جلسات نقاش ساخن بين مشجعي الفريقين.


كامل الشيرازي من الخرطوم: تشهد العاصمة السودانية الخرطوم خلال الساعات الأخيرة حالة استثنائية قلبت وجه البلاد رأسًا على عقب، حيث شهدت الأراضي السودانية إنزالاً جزائريًّا مصريًّا مكثفًا، في صورة 20 ألف مشجع من البلدين أتوا على متن عشرات الطائرات، لمواكبة اللقاء الفاصل بين الجزائر ومصر مساء اليوم الأربعاء (17.30 سا توقيت غرينتش)، ووسط تضارب التكهنات حول هوية المنتخب الذي سيحظى بشرف تمثيل العرب في نهائيات كاس العالم بجنوب إفريقيا 2010، يخشى المتابعون بالخرطوم أعمال شغب وصدامات قد تنشب بين المشجعين حال إطلاق الحكم السيشلي quot;إيدي ماييquot; صافرة النهاية.

في منطقة الرياض وسط الخرطوم، وصولاً إلى منطقة أم درمان، مرورًا بالأسواق الشعبية والميادين العامرة، كان واضحًا أنّ الخرطوم تحولت إلى quot;مقاطعة جزائرية مصريةquot;، حيث بدت آثار (الغزو) الجزائري المصري للعاصمة السودانية وضواحيها، وحيثما اتجهنا كانت هتافات مشجعي الخضر والفراعنة وأعلامهم تلاحقنا، الجو بدا بهيجًا ومنعشًا على الرغم من الحرارة التي لا تطاق ومعدلات الرطوبة العالية التي تميّز الخرطوم هذه الأيام.

في مقهى quot;البيتلزquot; وسط الخرطوم، كان النقاش محتدمًا هذا الصباح، ووسط فناجين القهوة والشاي الساخن، أخذت المساجلات بين الجزائريين والمصريين شكلا أكثر سخونة، حيث ذهب الزبير (44 عاما) وصديقاه بشير (41 سنة) و(لطفي (39 عاما) القادمين من الجزائر، أنّ الخضر مدعوون إلى عدم التفريط في تأشيرة التأهل، ويرى الثلاثة بحتمية افتكاك لاعبيهم لتأشيرة التأهل بشكل ينسيهم الغلاء المعيشي والأزمات الاجتماعية الاقتصادية المتلاحقة والركود السياسي المزمن، وهو رهان يدافع عنه أيمن ومحمود وأحمد عن الجانب المصري، لكن المشجع الجزائري بشير يعلّق بلهجة واثقة:quot;عودة الجزائر إلى الواجهة ستكون هذا العامquot;، وأضاف لطفي:quot;حرام تضيع جهود عام ونصفquot;.

وفي الساحة الرئيسة أمام مطعم quot;دوديquot; الشهير وسط الخرطوم، الحماس الجماهيري كان في القمة، عربات من مختلف الأحجام ملفوفة بالأعلام الجزائرية والأبواق لم تتوقف وسط سلسلة من الأغاني الشعبية: quot;فيفا لالجيريquot;، quot;جزاير يماquot;، quot;لالجيري بلادي .. ساكنة في قلبيquot;، وبدا الأمر كما لو أنّ الجزائريون يحتفلون مسبقا بفوز يرونه أكيدا رغم أنّ اللقاء لم يُلعب بعد، وعلقت فريدة (23 سنة) التي قدمت من قلب منطقة القبائل الجزائرية :quot;أحس وكأنني أعيد معايشة الخامس يوليو/تموز 1962 حينما خرج الجزائريون عن بكرة أبيهم احتفالا بعيد الحريةquot;، لكن المواطن المصري جلال (36 عاما) يردّ عليها في هدوء:quot;الفراعنة لهم كلمتهمquot;.

ووسط هذا الصراع الثنائي الذي ينحرف أحيانا إلى مواجهات مثلما حدث أمام مقر السفارة الجزائرية بالخرطوم وكذا ملعب القلعة الحمراء الذي سيحتضن المباراة خلال الـ24 ساعة المنقضية، انقسم الشارع السوداني بين فريق مؤيد للجزائريين وآخر للمصريين، وأينما توجهت تلاحظ رفع السودانيين لرايات جزائرية ومصرية، إضافة إلى تلك النقاشات الماراثونية التي تدور بين السودانيين ويكون لقاء اليوم موضوعها الرئيس، بهذا الصدد، قال معاذ (26 عامًا) وإبراهيم (40 عامًا) أنّهما يناصران الجزائريين بشدة لأنّهما يؤمنان بإمكانية تحقيق محاربي الصحراء لإنجازات مهمة في المونديال خلافا للمصريين، على طرف نقيض، يبرز معاوية (45 عامًا) ومحمد (33 عامًا) تمسكهما بتشجيع الفراعنة، ويرى معاوية ومحمد أنّ عامل الخبرة يرجح كفة مصر، حتى وإن كان المنتخب الجزائري قويا بمحترفيه وشبابه.

وفيما استقبل الرئيس السوداني عمر البشير إداريي البعثتين الجزائرية والمصرية، واستكمل عناصر الجزائر ومصر تدريباتهما الأخيرة بملعبي المريخ والهلال ليلة أمس، يخشى هيثم، مروان، جابر، صلاح وغيرهم من نشوب أعمال شغب، وما يزيد من حجم الجزع، إعلان السلطات السودانية عن تجنيدها 15 ألف شرطي لتنفيذ الخطة الأمنية، وهو ما يراه مراقبون قليلا قياسا بتواجد 20 ألف مشجع جزائري ومصري داخل الملعب، دون احتساب الآلاف الذين سيكونون في الخارج، علما أنّ جزائريون ومصريون وحتى السودانيون ارتفعت أصواتهم مطالبة بحتمية الابتعاد عن كل إخلال بآداب الرياضة الشريفة النزيهة وأصولها والامتثال لواجب القبول بفوز الغالب والتحلي بالروح الرياضية الخالية من البغضاء والضغينة.

ويجمع كثير ممن تحدثوا إلى quot;إيلافquot; أنّ الـ90 دقيقة وربما الـ120 دقيقة ستحبس أنفاسهم، في حين يقر أيمن (33 سنة) وعادل (34 سنة) ووليد (28 عامًا) أنّهم لن يستطيعوا مشاهدة اللقاء لأنّهم من ذوي الحس المرهف، ويفضلون الانعزال بعيدا عن الشاشات، إلى غاية وصول خبر تأهل الجزائر أو مصر.

ويعترف سليم، أنيس، هيثم، بوعلام، شوقي وغيرهم من المتتبعين الرياضيين، أنّه رغم كل الذي قيل، فإنّ المقابلة ستكون صعبة على الفريقين، ومن الصعب التكهن بنتيجتها، ولا يستبعد رفيق وحسان أن لا يتم الحسم في هوية المتأهل عن طريق ضربات الترجيح.