قراءة متأنية في بيان المجلس التنفيذي لهيئة أعضاء الشرف
بيان الأهلي تحسر على إخفاقات الفريق وصادق على فشل الأجانب

- ذكاء في التعاطي مع المنتديات.. واحترام للجماهير الغاضبة

جدة-إيلاف: النادي الأهلي وأوضاعه الشغل الشاغل هذه الأيام لصناع القرار، فهم يدركون خطورة خروج فريقهم من أربع استحقاقات محلية دون لقب، إلى جانب عدم توفيق النادي في تعاقداته مع الجهاز الفني بقيادة البلغاري ملادينوف، والمحترفين الأجانب السبعة خلال موسم واحد ومن ثم إلغاء عقودهم دون الاستفادة منهم وكأن هناك هدر لمال خزانة النادي، وبالتالي قام المجلس التنفيذي لهيئة أعضاء شرف النادي بإصدار بيان يوضح موقفه من كل ذلك.
صحيفة الرياض السعودية قامت بقراءة متأنية للبيان الأهلاوي والذي جاء على النحو التالي:
المجلس التنفيذي لهيئة أعضاء شرف الأهلي تعامل مع قضايا النادي الأخيرة بكل عقلانية، في ظل الاحتقان الجماهيري، والانتقاد الإعلامي اللاذع، بعد خروج الفريق من الاستحقاقات السعودية بلا لقب ذهبي، خصوصا خروجه الأخير من دور الثمانية في كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، على يد الحزم.

مباركة الأهلاويين لم تأتي من فراغ، أو مجاملة، بل جاءت بعد أن قراءة وتمحيص البيان الأهلاوي الأخير الصادر عن اللجنة التنفيذية لهيئة أعضاء شرف النادي الذي جاء في قراءة متأنية وشاملة على مبدأ المثل القائل خير الكلام ما قل ودل.
فالبيان يجرح ويداوي في الوقت نفسه، بطريقة المعاتب المحب، وان كان حاسما في بعض نقاطه بلا هوادة.

المجلس لم يخفي حسرته وأسفه على خروج فريق كرة القدم من الاستحقاقات السعودية المحلية خالي الوفاض في ظل الدعم المعنوي والمادي الذي وجدته إدارة النادي، والأجهزة الفنية والإدارية واللاعبين كافة.

وفي لمسة جميلة أبدى المجلس التنفيذي اعتذاره الصادق تجاه جماهير النادي التي وقفت وساندت ألعابه كافة وفي جميع الاستحقاقات وهذا ليس بمستغرب على وفاء جمهور تجاه ناديه.

المجلس التنفيذي لم تأخذه الميول مع بعض الجماهير التي قست كثيرا على النادي بل كان المجلي منطقيا في قراراته، خصوصا وانه درس أوضاع وحال فريق كرة القدم وأقر بوجود سلسلة من الأخطاء أدت إلى نتائج غير مرغوب فيه عند صناع وأنصار القرار في الأهلي.

وصادق المجلس على أن من أبرز أسباب الإخفاقات وتعثر الفريق:
1-عدم التوفيق في اختيارات اللاعبين غير السعوديين.
ويمكن التمعن وتحليل العنصر الأول فنجد المجلس التنفيذي وفق في اختيار العبارات المناسبة والجملة القصيرة التي تفي بالغرض، وفيها نكهة الانتقاد الصحيح والسليم الخالي من الكلمات النابية أو التجريحية، فذكر(عدم التوفيق) ولم يذكر (سوء اختيار) ففي تلك الكلمات بعد نظر واحترام كبير للمتسبب والقارئ.
أيضا المجلس التنفيذي ذكر (اللاعبين السعوديين) والعادة جرت أن يكتب الاعلام بوسائله كافة، (المحترفين الأجانب)، والأدهى عندما ذكر المجلس عبارة(اختيارات اللاعبين) ولم يقل (تعاقدات اللاعبين) بمعنى أنه وجه رسالة خفية لإدارة النادي أن الاختيار من البداية لم يكن موفق، فلم تقف على المستويات الحقيقية للاعبين والتمحص في أداءهم الفني، خصوصا وأن اختيار 7 محترفين خلال موسم واحد ولم يكن من بينهم على الأقل محترف واحترف واحد بارز.


2-ضعف التنسيق بين الأجهزة الإدارية والتدريبية والطبية.
وهنا يكشف المجلس التنفيذي عن حلقة مهمة في العمل لكنها كانت ضعيفة في أدائها،أو بالأحرى لم تكن كما ينبغي خصوصا وإنها أهم حلقة في النادي في سبيل تهيئة الأجواء المناسبة للعمل وتذليل الصعاب كافة، وهنا نتوقف على ضرورة التواصل والنقاش الهادف والنقد البناء بين هذه الأجهزة ذاتها دون حساسية لأن الهدف الأول هو خدمة النادي بالطرق السليمة والصحيحة.


3-ظروف الإصابات التي لحقت بالفريق، وطالت أبرز نجومه.
وهنا يؤكد المجلس جدية نقده الهادف والتماس العذر في غياب الفريق عن البطولات المحلية الأربع، وعدم تحقيقه أي لقب ذهبي، إلى دور الإصابات التي أحرجت الفريق والمدرب والنادي، خصوصا وأن الدولي مالك معاذ، ومنصور الحربي، ومن قبلهما محمد مسعد، بينما سبقهم جميعا في معترك الإصابات لاعبي الفريق معتز الموسى، وحمود عباس، ومنصور النجعي، وغيرهم من اللاعبين بين فينة وأخرى، هذه الإصابات لأبرز نجوم الفريق كان لها تأثيرها السلبي على معطيات الفريق، حتى وإن وجد البدلاء ولكنهم ليسو في حيوية ومهارة أولئك الذين تعرضوا للإصابات.
تلك ابرز السلبيات التي تناولها المجلس التنفيذي لهيئة أعضاء شرف النادي، في اجتماعه الطارئ نهاية الموسم الرياضي الجاري، لكنه كان منصفا-أي المجلس التنفيذي- عندما تطرق للإيجابيات، بل كان ذكيا جدا أن أتى في البداية على السلبيات، ثم جاء على الإيجابيات لأنه يدرك جيدا أن أخرى ما يظل عالقا في الذهن الكلمات الايجابية فجعل الايجابيات بعد ذكر السلبيات.


ومن تلك الايجابيات التي حيا من خلالها المجلس إدارة العنقري:
تحقيق أربع القاب ذهبية، فعلى صعيد كرة القدم حقق الفريق بطولة خارجية، وهي البطولة الخليجية لكرة القدم في نسختها الأخيرة أمام النصر السعودي، وفي كرة اليد حقق الفريق البطولة الأسيوية والخليجية في نسختيهما الأخيرتين، وبلوغه في أول حدث سعودي إلى نهائيات كأس العالم، وفي كرة الطائرة كان للفريق الأهلاوي حضوره الجميل وتوج بلقب هذا الاستحقاق في البطولة التي نضمت فعالياتها على صالة رعاية الشباب في جدة، وبالتالي فأنه يحق إطلاق لقب أسياد الخليج عليه نظير ما حققه من إنجازات خليجية.


وكم كان المجلس منصفا وذكيا في طرحه ففي بداية البيان قدم اعتذاره لجماهير النادي على خروج الفريق خالي الوفاض من الألقاب المحلية، لكنه عاد مرة أخرى ليوجه عتب المحب وإن جاء في صيغة استغراب وتعجب خصوصا وانه يكن لجماهير النادي الحب والتقدير ويصفها بالوفية، فجاء استغرابه على ما بدر منها من أساليب دخيلة لم ترتقي إلى التشجيع المثالي وتقبل الفوز والخسارة بروح رياضية مهما كانت الأسباب، العتاب حوا باطنه استنكار لما قانت به بعض الجماهير داخل أروقة النادي وما قامت به من تصرفات يخالف مبادئ الرقي الذي درج عليها النادي الأهلي، وكأن فحوى العتاب يحمل أيضا رسالة تقول: ان التشجيع والمؤازرة من حق الجميع ولكن وفق ثقافة تشجيعية راقية، وكان المجلس أراد ان يعمم ضرورة النضوج والوعي بهذه الثقافة، حتى لا يحدث الخروج عن المألوف.


وبث المجلس التنفيذي رسالة سامية تجاه الاعلام وإن ربطها بالمنتديات وكأنه يريد يقول لمن يكتب في المنتدى الحرف أمانة كن واقعيا في طرحك بعيدا عن التجريح، بل كان أشبه بجرس عقلي يرن في أذن القائمين على هذه المنتديات لأنهم مؤتمنون ومسئولون عن ما يحدث تحت إدارتهم، داعيا المجلس التنفيذي إلى ضرورة فحكام العقل في الكتابة قدر الإمكان.
وعاد ليرفع من هامة المنتديات ودورها الايجابي من خلال جملة (يفترض أن تكون منابر إصلاح) فربط بين العمل في المنتدى بالرقي وبين المساندة الجماهيرية خارج الملعب من خلال النقد الهادف مؤكدا ـ أي المجلس التنفيذي- أن جمهور الأهلي عرف بالمثالية وما حدث من سلبيات لا يعبر عن الجمهور الحقيقي المحب لناديه، داعيا إلى فتح صفحة جدية، وتكريس الانتماء الايجابي لأنه هو الطريق الصحيح والخطى السليمة والفكر الناضج، والتشجيع الذي ينال رضا الجميع.


ثم اتخذ المجلس سلسلة من القرارات التصحيحية:
1.عدم التجديد لمدرب الفريق الكروي الأول ستويكو ملادينوف والجهاز الفني المساعد له مع عدم استمرارية لاعبي الفريق غير السعوديين.
وهذا أمر كان يتوقعه النقاد في ظل عدم توفيق المدرب واللاعبين والمحترفين غير السعوديين في تغيير جلد الفريق إلى حال أفضل مما كان عليه.


2.الإعلان رسميًا عن التعاقد مع اللاعب العماني أحمد كانو محور ارتكاز المنتخب العماني كلاعب آسيوي رابع، وهنا يبدو أن صناع القرار تحكوا بسرية تامة في ظل انشغال الوسط الرياضي بمقابلات المنتخب في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم وما صاحبها من مد وجزر خصوصا أمام منتخبي إيران والإمارات، إلى جانب مشاركات الاتحاد والهلال، والشباب، والاتفاق في دوري أبطال أسيا للمحترفين، وهو الحال أيضا ينطبق على انشغالهم بجولات دوري المحترفين السعودي الأخيرة.


3.تجديد الثقة في إدارة النادي الحالية برئاسة عبدالعزيز العنقري بعد إمضائها سنة واحدة من فترتها الرئاسية البالغة أربع سنوات مع ضرورة الاستفادة من الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة في هذا الموسم وتعزيز الإيجابيات التي قادت إلى نتائج مثمرة في بعض فترات الموسم.
وهنا تتجلى عقلانية المجلس التنفيذي، وإنصافه، ودراسة وضع رئاسة النادي من النواحي كافة، خصوصا وان ردة الفعل عند العنقري كانت قوية وصدمة غير متوقعة من جراء موسم كامل، عندما قرر الرحيل و نيته الاستقالة من رئاسة النادي ـ حسب ما يدور في الكواليس ـ بعد ما شاهد الخروج المر للفريق في أربع استحقاقات، وردة فعل جماهيرية قوية، إلى جانب انتقاد إعلامي لاذع، لكن عقلاء المجلس التنفيذي كانوا اكثر دهاء وعقلانية فمثلما حاسبوا الإدارة في قصورها كانوا منصفيها في ايجابياتها، خصوصا وإن إدارة العنقري إدارة شابة وطموحه، ولديه فكر راقي، وتعامل حضاري.

4.تم تشكيل لجنة برئاسة الأمير فهد بن خالد وعضوية عبدالعزيز العنقري ووجدي الطويل ويوسف عنبر وخالد الشنيف مع وضع آلية لاختيار مدرب الفريق المقبل واللاعبين غير السعوديين وتراعي هذه الآلية إمكانيات المدرب وأن يكون في مستوى الطموحات وأن يتم التعاقد مع أفضل الخيارات العناصرية لخدمة الفريق الكروي وسيتم رصد وتوفير ميزانية مالية للنادي للموسم القادم تقدر بسبعين مليون ريال بما فيها عقد الرعاية مع شركة الاتصالات.
من الطبيعي ان يتم تشكيل مثل هذه اللجنة في ظل عدم التوفيق في اختيار المحترفين غير السعوديين في الموسم الماضي بـ 7 محترفين لم يكن منهم لاعب واحد على الأقل بارز ومؤثر هذا يدل على أن هناك خلل في جودة الاختيار، وبالتالي كان من الطبيعي تشكيل لجنة تجمع ما بين الخبرة الإدارية والرياضية لاختيار مدرب مؤهل ومحترفين من خارج السعودية، وإن كانت المؤشرات تدل على اتجاه الأهلي للمدرسة البرازيلية خصوصا وان المدرب العالمي سكولاري سيكون اكثر تعاونا ونصحا فاختيار اللاعبين المحترفين من خلال علاقته الجيدة التي تربطه بشخصية أهلاوية كبيرة.
ولعل لأول مرة في تاريخ النادي سيتوفر مبلغ 70 مليون ريال، في خزانة النادي في سبيل تيسير أموره، وهو مبلغ جيد ومنصف لموسم واحد، تطلعات أهلاوية كبيرة وأماني مشرقة مع بداية الموسم الرياضي الجديد.
وأخيرا شكرا للمجلس التنفيذي لهيئة أعضاء شرف النادي الأهلي الذي يقدم دروسا راقية في التعامل الحضاري، مع معطيات الأحداث السلبية والايجابية بوسائل تثقيفية وتنويرية لا يدركها إلا العقلاء.