محاولات شبابية فلسطينية جيدة في ركوب الأمواج، يتلوها سقوط مفاجئ فوق الأمواج المتوسطية المتكسرة ذات الإنحناءات، في أجواءٍ صيفية معتدلة بمدينة غزة، فعلى شاطئها في منطقة النادي البحري التابع لبلدية غزة يتنافس الشبان عند تكسر الأمواج في مشهد ملئ بالمغامرة والإثارة لاسيما أنها التجربة الأولى للمتزلجين على أمواج لا يتجاوز ارتفاعها المتر ونصف المتر، فطبيعة الموج، وإمكانيات ركوب الأمواج، ونظرة المجتمع لها تختلف في قطاع غزة كلياً عن مثيلاتها حول العالم، ولا يجد المتزلجون أمامهم سوى متابعة قنوات التلفزة الأمريكية لمشاهدة متعة ركوب الأمواج بجانب جمال الطبيعة وسحرها على شاطئ ولاية هاواي الأمريكية المشهورة بالتزلج على الأمواج، والتي تبرع أهلها ببعض المعدات الخاصة بركوب الأمواج لمتزلجي غزة.

محمود الرياشي 20 عاما أحد أفضل المتزلجين وأكثرهم ممارسة لهذه الرياضة يتحدث quot;لإيلافquot; عن تجربته فيقول: quot;المتزلجون في ازدياد، وما نتمناه هو أن نرى شواطئ غزة مليئة بالمتزلجين، وتنتشر هذه الرياضة الجديد في غزةquot;.

ويتحدث الرياشي عن شعوره عند ممارسته هذه الرياضة، فيقول: quot;عندما أصل البحر أضع نفسي في عالم آخر، وأشعر بالسعادة والحرية وأنني غير محاصر في غزة، فهي رياضة ممتعة، ولا أستطيع أن أصف لك الشعور عندما أقف على الزلاجه وتسحبني الأمواج، بينما يقف عشرات المواطنين على الشاطئ، ينظرون إلينا باستغرابquot;.

الرياشي وأصدقاءه يمارسوا هذه الرياضة كي يهربوا من الواقع الذي يعيشه أهالي غزة، وليشعروا بالراحة نوعا ما، ويثبتوا للعالم الخارجي أن غزة لا تعني فقط الموت والدمار.

ويشكو الرياشي هو وأصدقاءه الذين يمارسوا رياضة التزلج قائلا: quot;هناك عقبات تعترضنا وهو أن الفريق أصبح كبيرا، وليس لدينا زلاجات كافية، والتي بحوزتنا فيها بعض المشاكل، مع الأخذ بعين الإعتبار أن العدد يزداد ولا أحد يهتم بناquot;.

ويصاب المتزلجون بجروح كبيرة نتيجة رداءة الزلاجات التي يملكونها، ومحاولاتهم اليومية لتطبيق ما يشاهدونه على شاشات التلفاز، ولكنهم رغم ذلك مصممين على ممارسة تلك الرياضة خاصة بعد إنتهاء يومهم الدراسي.

إسرائيل تمنع دخول الزلاجات

الهندي عاشور 37 عاما وهو مدرب الشباب المتزلجين في غزة، وقد كان قبل سباحا قبل ممارسته هواية التزلج، وقد شارك في مسابقات دولية في السباحة، يقول إن الفكرة بدأت في تسعينيات القرن الماضي، وكنت حينها مع أربعة من أصدقائي نستخدم ألواح خشبية حيث نضعها على منطقة البطن، ونتزلج عليها، ويتحدث عن تطور الوضع فيقول: quot;كان هناك زلاجات تأتينا من إسرائيل، طول الواحدة 4 أمتار، وهي خاصة بالمراكب الشراعية وليست للتزلج على الأمواج، وبما أنه لا يوجد لدينا مراكب شراعية، استخدمناها للتزلجquot;.

وفي السنوات الأخيرة بدأ بعض الشباب في غزة الاهتمام برياضة التزلج، حيث وصل مجموع المتزلجين من 30 إلى 40 شخص، منهم 3 فتيات كما يقول عاشور، الذي أوضح أن غالبيتهم أخذوا يتابعوا التلفاز، ويشاهدوا المتزلجين كي يطوروا من أنفسهم، واكتشفوا بأن الزلاجات التي يستخدمونها لا تصلح للتزلج، يقول عاشور بهذا الشأن: quot;كنا نشاهد المتزلجون يقوموا بحركات جميلة بزلاجاتهم الصغيرة، ونحاول أن نقلدهم ولكننا لم نستطع ذلك لأن زلاجاتنا خشبية ثقيلة وكبيرة لا تصلح للتزلج على الموجquot;.

تماشى المدرب عاشور مع ما هو موجود في غزة إلى أن حصل بعد ذلك على 5 زلاجات، و10 بدلات خاصة بالتزلج تبرع بها أشخاص إسرائيليون، وقد جلبها إلى غزة شاب أمريكي يدعى ماثيو أولسون، ويتابع قائلا: quot;وصلت الزلاجات الخمسة مع بداية الحصار على غزة، وحتى اللحظة لم يصلنا أي شيئ، لاسيما أن هناك 15 زلاجة في إسرائيل، والجيش الإسرائيلي يمنع دخولها إلى غزة حتى الآنquot;.

ويشير عاشور إلى أنهم كانوا يتزلجوا فقط في أوقات الصيف، أما بعد حصولهم على البدلات الخاصة بالتزلج فإنهم ينزلوا إلى البحر في أي وقت، ويضيف: quot;هناك 7 أشخاص أساسيين في رياضة التزلج على مستوى قطاع غزة، وجميعنا نعيش في منطقة واحدة قريبة من البحر، ولذلك من السهل علينا النزول يوميا، خاصة الساعة العاشرة صباحا، أو الرابعة مساءا، فهي أفضل أوقات للتزلجquot;.

سأدفع باتجاه مشاركة بناتي في مسابقات دولية

رجب أبو غانم 37 عاما يسكن في بيت يطل على شاطئ بحر غزة، وهو أب لسبعة أطفال quot;4 فتيات و3 أولاد، جميعهم تعلموا السباحة على يديه، من ثم انتقلوا لممارسة رياضة التزلج باهتمام منه، وبإشراف من صديقه الهندي عاشور، يقول: quot;توقفت عن ممارسة السباحة، واكتفي فقط بتعليم أبنائي، وآمل لهم مستقبل جيد في رياضة السباحة والتزلج رغم القصور في هذا الجانب لديناquot;.

شروق 12 عاما، وخلود 11 عاما هما ابنتيه اللتان تمارسان رياضة التزلج على شاطئ غزة أمام منزلهما غرب المدينة وتشاركهما quot;روندquot; ابنه أخيه، فكلاهما لم يتجاوز الـ 13 عاما تقول شروق: quot;نتزلج على الأمواج ونكون على مقربة من الشباب، ولكننا لا نختلط بهم، وإذا ما حاول أحدهم الإقتراب منا نسبب له مشكلةquot;.

وعن طبيعة الملابس الي يرتدونها توضح: quot;لا نرتدي بدلة التزلج الخاصة كما يفعل الشباب لأننا لا نملكها، بل نكتفي فقط بلبس سروال وقميص فضفاضquot;.

ويتابع والد الفتيات قائلا: quot;الناس في داخل غزة لا يهتموا بممارسة السباحة والتزلج، ومن يهتم فقط هم من يسكنوا على الشريط الساحلي، مع العلم أن كافة الشبان الذين يمارسوا هذه الرياضة هم من أقربائنا وأصدقائنا وجيراننا، لذلك أنا لست قلق بشأن بناتيquot;.

كذلك يرى والد الفتيات أنه لن يكون لبناته حظ في الاستمرار بممارسة هذه الرياضة إذا ما كبروا وذهبوا إلى الجامعة بحكم المجتمع وعاداته ولكنه يشير: quot;يمكنني مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم في أوقات الصباح الباكر عندما يكون الشاطئ خالي من الناسquot;.

ويضيف: quot;سأحافظ عليهم وسأدفعهم للمشاركة في منافسات دولية في هذا العمر، وحى لو كبروا أيضا، ولكن يجب أن يكون ذلك خارج فلسطين، لان نظرة الناس في الخارج مختلفة عن الناس هناquot;.

فلسطين هي الدولة الثالثة في رياضة ركوب الأمواج

محفوظ الكباريتي رئيس اتحاد السفن الشراعية في قطاع غزة يتحدث quot;لإيلافquot; عن رياضة التزلج الحديثة في غزة، فيقول: quot;الحصار هو الذي دفع الشباب إلى ممارسة هذه الرياضة بشكل عشوائي يعتمد على التجربة والخطأ، فالبحر هو المتنفس الوحيد لهم، ومع ذلك فإننا نواجه عقبات أهمها تلوث شاطئ البحر بمياه الصرف الصحي، وعدم توفر بدلات خاصة للشباب لاسيما أن ممارسة تلك الرياضة تزداد في فصل الشتاءquot;.

وقد وصل إلى قطاع غزة 13 زلاجة تسلمها quot;الكباريتيquot;، حيث يقول في هذا الشأن: quot;سمع بعض الناس في الولاية الأمريكية هاواي أن هناك شباب متزلجون في غزة لا يملكون سوى زلاجة واحدة، فاهتموا بالأمر، وكان هناك تشجيع من قبل شخص يدعى الدكتور فيسكوفتش وهو مسن ولا زال يمارس هذه الرياضة حتى الآنquot;.

ويتابع قائلا: quot;تواصل فيسكوفتش مع كيلي سلايتر بطل العالم في ركوب الأمواج وطلب منه مساعدتنا وقد جمعوا 13 زلاجة، وأرسلوها لنا في غزةquot;

ويشير الكباريتي إلى أن الجهود بدأت تتواصل من أجل الاهتمام بهذه الرياضة، وتزويد الشباب بالإمكانيات اللازمة وتمكينهم من المشاركة في المسابقات الدولية مستقبلا، ويضيف: quot;نتواصل مع الإتحادات الدولية، وللأسف أن هذه الرياضة غير مشهورة في العالم العربي، إلا في المملكة المغربية لكونها تقع على المحيط، وكذلك الإمارات التي بدأت هذه الرياضة قبل فترة، أما نحن فيمكن اعتبارنا الدولة العربية الثالثة في هذه الرياضةquot;.