سجلت منتخبات عرب آسيا نتائج ضعيفة بل وكارثية في الجولة الثانية من تصفيات مونديال 2014 في دورها الحاسم ، بعدما كانت تراهن عليها لتأكيد خرجاتها في جولة الافتتاح أو لتصحيح مسارها من اجل العودة إلى أجواء المنافسة.

اليابان سحقت نشامى الأردن بسداسية نظيفة

خسر المنتخب القطري على أرضه وأمام جماهيره بأربعة أهداف لواحد من منتخب كوريا الجنوبيةفي المجموعة الأولى، بعدما عاد بالانتصار من بيروت على حساب شقيقه اللبناني ، و اكتفى الأخير بتعادل ايجابي أمام نظيره أوزبكستان بهدف لمثله رغم انه خاض المباراة على أرضه قرب محبيه ، وفي المجموعة الثانية تعرض المنتخب الأردني لانتكاسة قوية بعدما خسر في طوكيو أمام المنتخب الياباني بسداسية نظيفة وهو الذيعاد في مباراته الأولى أمام العراق وحقق تعادلا بطعم الفوز بعدما كان متخلفا في النتيجة ، أما منتخب سلطنة عمان فقد سجل تعادلا سلبيا بنكهة الخسارة أمام ضيفه منتخب استراليا ، ليفشل في تعويض خسارته الأولى من اليابان بثلاثية نظيفة .

وفي انتظار الوجه الذي سيظهر به المنتخب العراقي والنتائج التي سيسجلهافي قادم الجولات بعدما أعفي من الجولة الثانية ، فان الهزائم المدوية أدت إلى تقليصحظوظ بقية المنتخبات العربية الأربعة في المنافسة على إحدى البطاقات الأربعة المؤهلة لنهائيات كأس العالم في البرازيل ، حيث أصبحت مطالبة بثورة في صفوفها و باستراتيجية إعدادها لمثل هذه الاستحقاقات الدولية الهامة، ولم يعد لها أي هامش للخطأ في الجولات المتبقية من التصفيات سواء على ملاعبها أو خارجها، و تخشى جماهيرها أن تدفعها هذه النتائج إلى رفع الراية البيضاء و الاستسلام المبكر والتركيز على المواجهات العربية العربية خاصة في الفوج الثاني الذي أصبح يتسيده اليابان بست نقاط من مباراتين .

وبالعودة إلى مباريات هذه الجولة، فان نتائجها كشفت عن الوجه الحقيقي للمنتخبات العربية الأربعة مقارنة ببقية المنتخبات الستة وخاصة الثلاثي القادم من شرق القارة الصفراء ، كوريا الجنوبية صاحب أفضل إنجاز آسيوي في المونديال ، واليابان الذي لم يغب عن أجواء المونديال منذ العام 1998 ، ومنتخب استراليا الفائز الأكبر من انضمامه إلى الاتحاد الآسيوي ، حيث أصبحت أمامه أربع تأشيرات و نصف التأشيرة بعدما كان في اتحاد اوقيانوسيا يلعب من اجل نصف تأشيرة فقط يخوض من اجلها سلسلة من المباريات التصفوية الفاصلة أمام منتخبات من شتى القارات.

و يبدو أنغرب آسيا وخاصة المنتخبات العربية هي الخاسر الأكبر من هذا العضو الجديد ، و بعدما كانت تخوض الاقصائيات من اجل بطاقتين و نصف البطاقة على اعتبار أن الشمشون والكومبيوتر كانا دوما يتأهلان مبكرا وبسهولة ، أصبحتومنذ انضمام استراليا في العام 2007 تلعب من تأشيرة و نصف التأشيرة فقطأمام إيران وأوزباكستان ومنتخبات أخرى كان بإمكانها التأهل للدور الحاسم على غرار كوريا الشمالية والصين، وسيندم عرب آسيا كثيرا على موقفهم المساند لانضمام الكانغارو إلى اتحادهم دون إضافة مقعد آخر للقارة.

South Korea's Kim celebrates after scoring a goal against Qatar during their 2014 World Cup qualifying soccer match in Doha

كوريا الجنوبية هزمت قطر برباعية

وما زاد من مرارة هذه الجولة المشؤومة على الكرة العربية أن الهزيمتين كانتا بنتيجتين عريضتين يصعب تفسيرهما فنيا فقط و دون أن يرافقهما أداء مقبول يمكن من خلاله الحفاظ على الحد الأدنى من الآمال لتجاوز عقبة بقية الجولات بنجاح ، خاصة أن الجولة الثانية لعبت مبارياتها بعد أسبوع من الافتتاح و بالتالي فانه يفترض ألا يكون لعامل الجاهزية البدنية تأثير كبير على مردود اللاعبين.

وإذا كان كل منتخب يحاول تبرير تعثره وفق معطيات و ظروف المباراة و البحث عن أعذار وهمية ، فان واقع الحال يؤكد ان منتخبات شرق القارة تتمتع بمؤهلات تفوق بكثير تلك الموجودة عند منتخبات غربها ومنها طبعا العربية وعلى جميع الأصعدة سواء تعلق الأمر بنوعية اللاعبين وحضورهم الذهني وجاهزيتهم البدنية ، و خطط الإعداد للمباريات ومدى تأقلمهم مع كل مرحلة من مراحل التصفيات حيث الاختلاف واضح بين مباريات بداية ومنتصف الموسم ونهايته ، فضلا عن الإستراتيجية الذكية التي تتبعها منتخبات الشرق والتي تتكرر تقريبا في تصفيات كل مونديال إذ أنها تحاول دوما تحقيق انطلاقة جيدةوتحقيق انتصارات باهرة تمنحها النقاط والثقة وتزرع الشكوك في نفوس منافسيها وتبعدهم عن السباق مبكرا ، عكس المنتخبات العربية التي في الغالب تسجل بداية خاطئة لتجد نفسها في النهاية تلهث وراء التأشيرة الفاصلة.

كما أن منتخبات الشرق تخوض تصفيات المونديال بتعداد بشري ثري يميزه وجود ترسانة من اللاعبين المحترفين في أوروبا في أقوى الدوريات والأندية ما جعل منتخبات بلدانهم تستفيد من خبراتهم وتجاربهموما صنع الفارق الفني لمصلحتهم ، فالمنتخب الياباني يضم في تشكيلته المهاجم شينجي كاجاوا لاعب في روسيا دورتموند بطل الدوري والكأس في ألمانيا والتي تتصارع عليه كبرى أندية أوروبا لانتدابه ، ويضم أيضا ريوتشي مايدا مهاجم سيسكا موسكو الروسي وأسماء أخرى لامعة في أوروبا ملتزمة بواجبها الوطني تجاه منتخبات بلدانها .

أما المنتخبات العربية فإنها تخوض التصفيات بلاعبين جلهم محليين ينشطونفي دورياتمتواضعة تنتهي مبكرا وقبل انطلاق المباريات الرسمية في يونيو بعدة أسابيع ما ينعكس سلبا على جاهزيتهم ، قد يمتلكون مهارات تقنية و إمكانيات بدينة عالية غير أنهم يفتقرون إلى خبرة المباريات الدولية الهامة ، فمباريات الدور قبل الاخير ليست معياراً للحكم على مستوى المنتخبات العربية خاصة ونحن نعلم انها تجاوزته بصعوبة بالغة ولم تضمن بطاقة العبور سوى في الجولة الاخيرة ،فالمنتخب الذي يخسر بالرباعية و السداسية لا امل منه للوصول الى النهائيات.

ورغم تألق الأندية العربية في المسابقات القارية على حساب نظيرتها الشرقية إلا أن ذلك ليس معيارا كافيا ، ذلك أن زبدة الكرة في الشرق نجدها عند المنتخبات في حين أن زبدة الكرة العربية نجدها عند الأندية باستثناء الكرة العراقية وبدرجة اقل السعودية في أوجها.

وبالعودة إلى أداء كل منتخب عربي في التصفيات الحاسمة نجد أن الخماسي العربي مثقل بنقائص فنية كانت موجودة منذ الدور المنصرم غير أن الأجهزة الفنية عجزت عن معالجتها خلال المعسكرات الطويلة التي أقامتها وتخللتها مباريات حبية عديدة كشفت المزيد من العيوب و مع ذلك استمر الوضع على ما هو عليه.

ومن هذه النقائص استدعاء لاعبين غير جاهزين ليلعبوا أساسيين ما يؤكدعدم استقلالية الطاقم الفني في اختياراته التكتيكية وتدخل جهات أخرى في عمله .

وحتى طريقة التحضير التي تتبعها المنتخبات العربيةلمثل هذه الاستحقاقات تحتاج إلى وقفة ، فالمعسكرات المغلقة طويلة المدى قد تأتي بنتائج عكسية إذا لم يرافقها إعداد نفسي للاعبين لجعلهم يتفادون الملل.

وفي الوقت الذي تعاني فيه منتخبات الشرق كثافة أجندتها بسبب طول الموسم فان المنتخبات العربية مواسمها قصيرة ومع ذلك تجدها تعاني وتبحث الانسحاب من المشاركة في بطولات إقليمية مثل كاس العرب بحجة أنها تؤثرفي لياقة اللاعبين سلبا ولو أن العكس ربما هو الصحيح.

كما أن هذه المنتخبات العربية سبق لها أن تعرضت لانتكاسات ممثلة و أمام المنتخبات نفسها تقريبا في أمم آسيا أو حتى في تصفيات المونديال ومع ذلك لم تستوعب الدروس والعبر ، ولا تزال تراهن على الجمهور لكسب مبارياتها أو الاستفادة من عامل المناخ ، وهي عوامل قلّ تأثيرها على أداء الفرق وعلى نتائج المباريات مع تطور الاحتراف في السنين الأخيرة ، ولم يعد اللاعب الياباني أو الكوري يحتفظ في قاموسه بكلمة داخل الملعب أو خارجه مثلما يحتفظ بها اللاعب العربي .

وتبقى الآمال العربية قائمة على قدرة الألماني ثيو بوكير و الفرنسي بول لوغوين و البرازيلي باولو أتوري و العراقي عدنان حمد في تقويم الاعوجاج الذي أصاب منتخباتهم ، واستغلال طول مشوار التصفيات لتدارك النقاط التي ضاعت ولو أن المؤشرات والتجارب السالفة تؤكد ان استمرار هؤلاء في مناصبهم أمر مستبعد، خاصة في ظل الثقافة السائدة عند رؤساء الاتحادات العربية الذين يراهنون على الأسماء الرنانة من المدربين الأجانب لتحقيق النتائج الايجابية بغض النظر عن الجوانب الأخرى.