عاد النقاش حول إعادة النظر في قضية الحدود البرية المغلقة بين الجزائر والمغرب ليفرض نفسه بقوة في الأوساط الشعبية و الإعلامية للبلدين الشقيقين بمناسبة المباراة التي ستجمع بين منتخب الخضر ونظيره منتخب فرسان المتوسط ليبيا لحساب ذهاب الدور الأخير من اقصائيات كاس أمم إفريقيا 2013 و هي المباراة التي سيحتضنها ملعب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء الأحد و هي المباراة التي اختير هذا الملعب لإقامتها بسبب الظروف الأمنية المتدهورة التي تعيشها ليبيا منذ اندلاع الثورة ضد نظام القذافي.

ومثلما جرت عليه الأمور منذ إغلاق الحدود البرية شهر أغسطس من العام 1994 تمثل المواعيد الكروية التي تجمع البلدين الشقيقين خاصة على صعيد المنتخب الأول تمثل فرصة لتحريك المياه الراكدة في هذا الموضوع الذي يؤرق الأشقاء في البلدين خاصة تلك العائلات المقيمة على ضفتي الحدود من الجانبين في مدن مثل احفير و وجدة و الناضور و السعيدية و غيرها من الضفة المغربية أو مغنية و باب العسة و مرسى بن مهيدي و بوكانون من الضفة الجزائرية .

وطالما بقيت الحدود مغلقة فان جمهور البلدين يبقى متمسك ببصيص من الأمل يعلقه على مثل هذه المناسبات في ظل الانغلاق السياسي و فشل الطرق الدبلوماسية في إيجاد مخرج للمسالة.

ولا يزال الحنين يراود الجمهور الرياضي في الجزائر للفترة ما بين العام 1988 و 1994 عندما كان يرافق الأندية الجزائرية التي تحل ضيفا على المغرب مثلما حدث مع عشاق نادي مولودية وهران في ذهاب نهائي كاس إفريقيا للأندية الأبطال في كانون الأول 1989 أمام الرجاء البيضاوي أو محبي الكناري شبيبة القبائل في كاس أبطال العرب في نفس السنة.

ويجمع عشاق المنتخب الجزائري على اختلاف أطيافهم بأنه لو كانت الحدود البرية مفتوحة لعرفت مدرجات مركب محمد الخامس بالدار البيضاء توافدا كثيفا بل أن المباراة تمثل فرصة و دافعا للجزائريين لزيارة المغرب حتى بالنسبة لغير المولعين بكرة القدم ، تماما مثلما حدث في نهائيات كاس أمم إفريقيا 2004 التي جرت بتونس و لان الحدود مع الأخيرة مفتوحة فقد صنع وقتها الجمهور الرياضي صورا جميلة في المدرجات و في شوارع المدن التونسية استفادت منه كثيرا السياحة هناك. و يؤكدون أيضا على أن إزالة التأشيرة وحده ليس كافيا رغم أن ساهم كثيرا في رفع الغبن عن الراغبين في زيارة الأشقاء ذلك أن ارتفاع تكاليف الطيران و قلة عدد الرحلات الأسبوعية من و إلى الجزائر يحد كثيرا من التوافد على المغرب ، و هو ما سيقلص من عدد من الجزائريين الذين سيؤازرون الخضر في لقاء اليوم ضد ليبيا رغم لجوء الديوان الوطني للسياحة بالتعاون مع الجوية الجزائرية و الاتحاد إلى تنظيم رحلات قصيرة تنطلق حيث يكون الذهاب يوم السبت و العودة يوم الاثنين مقابل قرابة ال500 اورو تشمل تذكرة الطائرة و تذكرة الدخول إلى الملعب و الإقامة في فندق محترم و النقل من المطار إلى الملعب ، و مع ذلك فان هذا المبلغ يعتبر مبالغ فيه بالنسبة لغالبية الشباب الجزائري خاصة البطالين منه ، و لو أن الحدود البرية مفتوحة فان الرحلة من الجزائر العاصمة حتى الدار البيضاء لن تكلف في أسوء الأحوال نصف هذا المبلغ.

الحدود المغربية-الجزائرية المغلقة

ومما زاد من غصة الجزائريين و المغاربة هو أن الحدود موصدة فقط في وجه القاصدين زيارة أقاربهم أو لغرض سياحي أو علاجي ، أما المهربين و من البلدين فان الحدود بقيت مشرعة أمامهم يصدرون و يستوردون كل ما يرغبون فيه و بتواطؤ مع الكثير من رجال الأمن المكلفين بحراسة الحدود ، بدليل أن السيارات المغربية في إقليم وجدة تسير بالوقود الجزائري و الهواتف النقالة للجزائريين في مغنية تحمل شرائح ميديتال المغربية و الأمثلة كثيرة ، بل أن بعض المهربين استهوتهم فكرة تنظيم رحلات برية لعشاق الخضر قبل الديوان الوطني للسياحة و بتكاليف اقل بكثير.

وتستغل صحافة البلدين مثل هذه المباريات لإعادة الحديث عن فتح الحدود في ظل الجمود السياسي الذي يخيم على علاقات الشقيقتين في محاول منها قد تفلح ذات مرة لجعل النقاش يرتقي إلى المستوى السياسي خصوصا أن مباراة اليوم احد طرفيها منتخب يمثل بلدا مغاربيا آخر عرف ثورة شعبية ضد نظام ظل يتغنى بالوحدة و يعمل ضدها ، و لابد من توظيف الرياضة بطريقة ايجابية لمعالجة هذا الملف السياسي ، و بالتالي فان المناسبة مواتية لقادة البلدين للإقبال على المبادرة و إعادة فتح الحدود طواعية قبل أن تأتيهم الأوامر من واشنطن أو باريس.