تسبب الصراع الذي ابداه اللاعب الفرنسي زاهر بليونس في محاولته الخروج من قطر بتسليط الأضواء مرة أخرى على نظام quot;الكفالةquot; المثير للجدل بإعتباره يمنح الكفيل حق السيطرة على حياة العمال الأجانب في البلاد التي ستستضيف نهائيات كأس العالم 2022.


لندن: استطاع اللاعب الفرنسي ذو الأصول الجزائرية زاهر بليونس أخيراً من مغادرة الدوحة الأسبوع الماضي بعدما كانت قطر قد قطعت، ولمدة عام، كل السبل أمامه عندما رفض ناديه الجيش الرياضي منحه تصريح خروج بسبب نزاع حول الأجور.

وسبق لمنظمات حقوق الإنسان أن كانت قد انتقدت مراراً وتكراراً نظام quot;الكفالةquot; الذي يتم تطبيقه في معظم دول الخليج العربي، ولكن مع شروط أكثر صرامة في قطر والمملكة العربية السعودية.
وبحسب ما ذكره موقع quot;ذي لوكلquot; الفرنسي، قال الباحث في منظمة العفو الدولية عن شؤون العمال المهاجرين في الخليج جيمس لينش: quot;يكون العمال المهاجرون أكثر عرضة لإساءة المعاملة والتسخير بسبب مثل هذه الأنظمةquot;.
وأضاف quot;ليس للناس، الذين يكتشفون أن وكالات التوظيف قد خدعتهم بما يتعلق بشروط عملهم بمجرد وصولهم إلى دول الخليج، أي وسيلة لتغيير وظائفهم من دون موافقة الكفيلquot;.
وادّعى الباحث بأنquot;الشروط في قطر والسعودية حول المغادرة من البلاد تعطي الشركات أصحاب العمل حق السيطرة على حركة الموظفين، وهي الأداة التي تعرض العمال للاستغلال بصورة خطيرةquot;.
أما فرانك برتون، محامي اللاعب الجزائري الأصل فقال للموقع ذاته: quot;اضطر زاهر لتوقيع وثيقة تسوية قبل السماح له بالسفر من الدوحة إلى فرنسا، إذ أنه يخطط الآن لرفع دعوى قضائية ضد نادي الجيش القطري لكرة القدمquot;.
رجال عالقون في دول الخليج بسبب نظام العمل
ولا يزال هناك رجلا اعمال فرنسيان عالقان في قطر، وهما جان بيير وناصر العورتاني، وكانت حالتهما هي الوحيدة التي جذبت التغطية الإعلامية، فيما هناك مغتربون آخرون مضطرون للمعاناة مع الصمت.
وعلق محمود عبد الرحيم، وهو فلسطيني يعمل في السعودية quot;لم أتمكن من الحصول على تأشيرة الخروج في الوقت المناسب لحضور جنازة اختي الصغيرة التي توفيت في غزة في الصيفquot;.
وفي الوقت نفسه أكد لينش أن quot;تأثير نظام الرعاية يمكن أن يكون خطيراً وبشكل خاص بالنسبة إلى أولئك الذين يتقاضون أجوراً مخفضة، إذ يواجهون في الكثير من الأحيان صعوبات في المطالبة بحقوقهم عبر نظام العمل، حيث لا تتم الاستجابة لشكواهم... يواجه العمال الذين يعملون محلياً(في المنازل على سبيل المثال) مخاطر معينة من التعسف والاعتداءquot;.
وأضاف انهم مستبعدون من quot;حماية قوانين العملquot; في معظم دول الخليج، ما يعني أنه quot;لا توجد معايير ملزمة قانوناً لضمان معيشتهم وظروف عملهمquot;.
وسبق لهيومن رايتس ووتش أن أكدت أن أصحاب العمل في هذه البلدان quot;لا يترددون في مصادرة جواز سفر العمال وحجب رواتبهم واجبارهم على العمل ضد رغباتهمquot;.
وقد سلطت الأضواء في الأشهر الأخيرة على قطر عندما أثارت منظمات رقابة حقوق الانسان مخاوفها بشأن أوضاع عمال البناء في الوقت الذي تباشر الدولة بالشروع في مشاريع هائلة للتحضير لنهائيات كأس العالم 2022.
أما وليد أبو الخير، الناشط المكلف بمراقبة حقوق العمال في السعودية، فقال إن نظام الكفالة هو quot;شكل من أشكال الرق الحديثquot;، مصراً على أنه quot;ينبغي إلغاؤهquot;.
وخلق هذا النظام سوقاً كبيرة لمواطني دول الخليج ليصبحوا بمثابة الرعاة والتجار للتأشيرات التي يحتاجها العمال المهاجرون اليائسون للوصول إلى أراضي المنطقة الغنية بالنفط والغاز.
وكانت السعودية قد واجهت هذه المشكلة، حتى أنها اضطرت مؤخراً إلى القيام بحملة ضخمة ضد المهاجرين غير الشرعيين، وأولئك الذين تحت رعاية السعوديين الذين ليسوا أرباب عملهم الفعليين.
وفي الوقت الذي تعتبر البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي ألغت نظام الكفالة، إلا أن الأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي قد اتخذوا تدابير لتحسين أوضاع العمال. فيما لا يملك أرباب العمل في الإمارات الحق من منع العمال من مغادرة البلاد، كما لا يسمح لهم بمصادرة جوازات سفرهم أو حجب رواتبهم. وأكد ذلك محمد الكعبي، عضو في جمعية الإمارات لحقوق الإنسان إذ قال quot;حتى أنه يسمح للعامل بتغيير كفيله، ولكن بشروطquot;.
ويتم تطبيق نظام مماثل في الكويت، فيما يؤكد رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الانسان محمد الحميدي أن quot;دول الخليج لا تحترم اتفاقيات العمل الدولية التي وقعت عليهاquot;، وذلك حسب ما ذكره الموقع نفسه.
وللحصول على إذن المغادرة اضطر بليونس (33 عاماً) على توقيع رسالة بأثر رجعي مؤرخة في فبراير ذكر فيها إقالته والتخلي عن عقده الذي كان من المقرر أن يستمر حتى يونيو 2015 وبالتالي خسر من الأجور إلى ما يصل إلى 150 ألف يورو (200 ألف دولار)، وبالتالي قرر محاميه اللجوء إلى مكتب المدعي العام في باريس لتقديم شكوى بناء على ثلاثة أسس: الاحتيال، العمل في ظروف غير إنسانية، وهي جريمة محددة في القانون الجزائي، والابتزاز الماليquot;.
يذكر أنه سبق للاتحاد القطري لكرة القدم أن نفى ادعاءات بليونس، قائلاً إنه quot;ساعده لاسترداد أجوره غير المدفوعة عندما لعب لنادٍ آخر في البلاد، ولكنه لم يقدم أبداً أي شكوى ضد نادي الجيشquot;.