&يمكن للحكم الافتراضي مستقبلًا أن يزيل اللاعب من الملعب بلمسة زر، لأن اللاعب سيكون &"هولوغرام" يركض وراء كرة افتراضية. وهذه ليست سوى لوحة واحدة من تصورات العالِم الألماني ساشا شميدت لكرة القدم المستقبلية.

في مستقبل ليس بالبعيد، ربما خلال العقدين القادمين، ستدخل التقنية الرقمية المجال الرياضي من أوسع أبوابه، ويمكن حينها أن نتصور ملاعب كروية الشكل تقرب كل المشاهدين إلى قلب الساحة، ومقاعد متفرجين تتوافر فيها الانترنت إلى جانب تقنيات اعادة اللقطات، إضافة إلى هولوغرام مايكل جاكسون يغني نشيد النادي بدلًا من مكبرات الصوت.
&
وبدلًا من تحريك اللاعبين على الشاشة، كما هي الحال في ألعاب كرة القدم الكومبيوترية، سيتفرج الناس على مباريات يخوضها لاعبون بشكل "هولوغرام" على أرض الساحة. وقد يتمكن متفرجان من التدخل في تحريك اللاعبين في مبارات خاصة بهما، أو أن يشاهدا المباراة مع بقية الناس من دون تدخل، إلا من قبل الحكم.
&
ليس خيالًا
&
يتصور البروفيسور ساشا شميدت، عميد قسم الرياضة والبرمجة في جامعة دسلدورف الألمانية، أن فريق ميونخ الايانس سيلعب ضد فريق هولو (هولوغرام) مدريد على ملعب الهولوغرام "سوبر ستاديوم" في هونغ كونغ بحضور حشد من اللاعبين الدوليين الهولوغراميين، في العام 2027. سيتسع الملعب لأكثر من 120 ألف شخص تصلهم المرطبات والسندويتشات إلى مقاعدهم وقتما يريدون، ويستطيعون ارسال طلباتهم عبر لوحة تفاعلية صغيرة مرفقة بكل مقعد.
&
ستتيح التقنيات الحديثة وقتذاك نقل المباراة، التي تجري بين فريقين من الهولوغرامات، من هونغ كونغ إلى ميلبورن ومدينة الكاب ومومباي وسان فرنسيسكو، مباشرة وبدون وقت ضائع وبنفس أشكال الهولوغرامات.
&
واقع الحال أن المباراة الحقيقية، باللاعبين الحقيقيين، على كأس أندية أبطال أوروبا، ستجري في العاصمة الفرنسية باريس، لكن الجمهور في كافة أنحاء العالم سيشاهدها، ليس على الشاشات، وإنما على أرضية ملاعب حقيقية تتحرك عليها هولوغرامات اللاعبين في باريس. وليس هناك فرق بالنسبة للجمهور لأنهم يشاهدون المباراة حية فعلًا، كما يشاهدها المتفرجون في ملعب سان جرمان.
&
&
ملاعب مضغوطة
&
رقص هولوغرام مايكل جاكسون وغنى أثناء توزيع جائزة Billboard Music الموسيقية، وهذا يعني أن النقل الهولوغرامي للمباريات ما عاد سحرًا ولا خيالًا علميًا من أفلام هوليوود، بحسب رأي شميدت.
&
لذلك، يمكننا اليوم أن نشاهد هولوغرام ألبرت اينشتاين يلقي محاضرة في جامعة برلين التقنية مطورًا عن فيلم مأخوذ له، أو مشاهدة اللاعب الكبير بيليه وهو شاب يشارك في منتخب بلاده الحالي إلى جانب نيمار.
&
ومع تطور لعبة كرة القدم، ستتطور أيضًا الملاعب وتتغيّر هندستها المعمارية بما ينسجم مع هذا التطور. وستكون ملاعب الغد أقرب ما تكون إلى الكروية كي تسمح بوجود كل المشاهدين قرب ساحة الحدث.
&
&فبعض المشاهدين، كما هي الحال في الملاعب الأولمبية القديمة، يبعد نحو 100 متر عن منتصف الملعب، هذا ناهيكم عن جلوس الجمهور تحت المطر، أو الثلج المتساقط، أحيانًا من دون سقف يحميهم. في حين أن بناء الملعب بشكل كروي، يسمح بوجود صفوف المقاعد فوق بعضها وسيقرب الجميع من الحدث.
&
حققت الملاعب الحديثة خطوة واعدة حينما تخلصت من خطوط الركض لصالح تقريب المشاهدين إلى الساحة الخضراء. لكن هذا لا يكفي بحسب تقدير شميدت. ووضع مكتب "انتربول" الهندسي مخطط أول ملعب مستقبلي أطلق عليه اسم "سوبر ستاديوم"، وهو ملعب صغير مضغوط يتسع لنحو 120 ألف مشاهد.
&
&
مساحة أصغر وجمهور أكبر
&
وفي حين يجلس المشاهد اليوم في الملعب الأولمبي ببرلين في مكان قد يبعد 100 متر عن منتصف الملعب، لا يجلس أبعد متفرج في "سوبر ستاديوم"، في عالم الغد، أكثر من 40 مترًا عن نقطة بداية المباراة في منتصف الملعب. وذكر مارك هوفلر، المهندس من مكتب انتربول الهندسي، أن 3% فقط من المتفرجين في الملعب السوبر الجديد يجلسون ابعد من 50 مترًا عن وسط الملعب، في حين ترتفع هذه النسبة في الملاعب التقليدية الأخرى إلى 36%.
&
ويضيف هوفلر أن مباحثات تجري الآن مع النوادي الكبيرة في ألمانيا وايطاليا وانجلترا وفرنسا للبدء في بناء أول ملعب من طراز سوبر ستاديوم. ويتوقع المهندس أن يشهد العالم أول ملعب من هذا النوع في وقت لا يتعدى العام 2018، وبعدها يمكن للتقنيات الهولوغرامية والرقمية أن تأتي. ويؤكد أن كلفة الملعب السوبر لن تزيد عن كلفة بناء ملعب تقليدي، إلا انها ستكون على مساحة من الأرض تقل بنسبة الثلث عن المساحة التي يحتلها الملعب التقليدي، في حين تزداد طاقة استيعاب المتفرجين بنسبة 20%، وهذا عامل مهم بالنسبة للمدن الكبيرة المزدحمة، كما ستستخدم الطاقة البديلة في تدفئة وانارة الملعب، وهذا اقتصاد آخر في كلفة التشغيل.
&
&
فردانية أكبر
&
لا يخلو ملعب حديث اليوم من شاشة كبيرة تعيد اللقطات وتظهر النتائج وبعض المعلومات، وسبق لملعب باير ارينا لنادي باير ليفركوزن أن أتاح استخدام الانترنت مجانًا للجميع على مدرجات الملعب. إلا أن تطور عالم كرة القدم يتطلب المزيد من الفردانية، بحسب شميدت. وهذا يعني أن ملعب المستقبل سيتخلى عن الشاشة الكبيرة للجميع، وسيكون كل مقعد في سوبر ستاديوم مزودًا بشاشة صغيرة وتقنيات تتيح لكل فرد إعادة اللقطات، ومشاهدة نتائج بقية المباريات، والاستماع إلى التحليلات...إلخ.
&
هذا يعني أن المقعد في الملعب سيتحول إلى استوديو صغير يستطيع فيه المتفرج أن يرسل طلباته من المأكولات والمشروبات إلى الحانوت، أن يتبادل منه الآراء حول سير المباراة مع الأهل في البيت، وأن يساهم في المراهنات، وأن يرسل الصور منه أيضًا. فضلًا عن ذلك، يمكن للمقعد الاستوديو أن يتحول إلى مصدر ربح للنوادي لأن بإمكان الشركات العالمية أن ترسل دعاياتها عبره إلى آلاف المتفرجين.
&
وعبر ماينهولف شبرنك، من نادي ليفركوزن، عن ارتياحه لطريقة استقبال الجمهور للانترنت في الملعب، وقال انه يسجل 10 آلاف دخول للانترنت في كل مباراة، علمًا أن ذلك محدود داخل الملعب بسبب عدم الرغبة بالتضارب مع أصحاب حقوق نقل المباريات.
&
&
تأنيث الملاعب
&
تفاقمت في الفترة الأخيرة أعمال الشغب في الملاعب، وتصاعدت معها أعمال العنف بين مشجعي النوادي الألمانية المختلفة. ويضطر الاتحاد الدولي إلى رفع شعار لا للعنصرية في محاولة لتقليل الشغب العنصري في الملاعب. لذلك لا بد في المستقبل من تأنيث الملاعب كطريقة نفسية للتغلب على الشغب والعنف والبذاءة.
&
هذا ما دعا له الألماني هارالد لانغة، بروفيسور التربية الرياضية في جامعة فورتسبورغ، مؤخرًا برغبته في ترويض المشجعين، الميالين للعنف، والهوليغانز، وجعلهم أكثر ليونة. وعبر لانغة عن قناعته بأن ملاعب كرة القدم المستقبلية تتحول إلى مكونات اجتماعية بالتدريج، كما أن النوادي الرياضية، ونوادي المشجعين، تتخذ شكل العوائل والشركات التجارية، وهذا يشجع على التعامل معها اجتماعيًا.
&
ويفضل لانغه استبدال الشرطة بالنساء، بجعل حضور النساء في الملاعب يرتفع إلى النصف. وهي مهمة صعبة، لكنها غير مستحيلة، بحسب رأيه، وهو يعني بذلك اجتذاب النساء إلى الملاعب. من الممكن أيضًا استخدام شرطيات ونساء لإدارة المباريات وفرض الرقابة في الملاعب بغية.
&
ولاحظ لانغة أن الحضور النسائي القوي أفشل محاولات المشجعين الذكور ترداد الأغاني الفاحشة، وشتم الحكام، وتحريض الآخرين على كراهية مشجعي الفرق الأخرى. بل شاهد كيف يصفق الجمهور بأدب للاعبة خصم تقوم من إصابتها.
&
كاميرات في القمصان
&
يتوقع شميدت أن تحل النظارات الذكية محل الهاتف الذكي قريبًا، وأن يؤدي ذلك إلى مزيد من الفردانية في عالم مشاهدة مباريات كرة القدم، لأنه يمكن للمتفرج أن يختار الزاوية التي ينظر منها، وحجم الصورة، وأن يتحكم بالكثير من مشاهد المباراة بواسطة هذه النظارات. وستكون نظارات الملاعب الذكية في المستقبل عبارة عن جهاز كامل يقيس نبض قلب اللاعب وحرارة جسده عن بعد لمعرفة قواه الاحتياطية اللازمة لانهاء المباراة، وأن يحلل ما إذا كانت الكرة قد دخلت المرمى أم لا، أو ما إذا كان الخطأ المرتكب يستحق ضربة جزاء أو لا. وكاميرا الملاعب ستعمل بمثابة شاشة صغيرة تظهر عليها تفاصيل المباراة مثل نسبة الاستحواذ على الكرة، وعدد الهجمات المتبادلة، وعدد الضربات الركنية، والمسافة التي يركضها كل لاعب.
&
وسيكون قميص اللاعب المستقبلي، وكذلك قميص الحكم، مزودًا بكاميرا منمنمة وخفيفة تأخذ الصور بـ 360 درجة، بمعنى أن تتيح النظارات للمتفرج أن يشاهد المباراة من وجهة نظر اللاعب، أو من منظار الحكم. تتوفر مثل هذه الكاميرات اليوم أثناء تصوير سباقات السيارات، كما تستخدم في عالم التجسس، لكنها مسألة وقت فقط حتى تجد طريقها إلى عالم كرة القدم.
&