رغم احتفاظ بايرن ميونيخ بلقب الدوري الألماني و بلوغه للدور النهائي من مسابقة الكأس إلا أن شؤونه الداخلية ليست على ما يرام وذلك في أعقاب ظهور عدة خلافات بين عدة أطراف مما يهدد بضياع النادي لحلم تحقيق ثلاثية آخرى خاصة ان هذه الخلافات تأتي قبيل أيام من خوض العملاق البافاري لأهم استحقاق هذا الموسم عندما يلاقي ريال مدريد ذهاباً و إياباً في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا .

تحول التتويج المبكر للقب الدوري الألماني من نعمة إلى نقمة ، فمنذ ضمان النادي البافاري لدرع الدوري فقد تراجع أداء الفريق و سجل عدة خسائر لعلى ابرزها تلك التي مني بها على أرضه امام غريمه التقليدي بروسيا دورتموند بثلاثية نظيفة الأسبوع المنصرم .
وتم تحميل المدرب الإسباني بيب غوارديولا مسؤولية الأداء الهزيل بسبب تصريحاته الصحيفة عندما قال بان البايرن لم يعد مهتما بالدوري ، و خياراته التكتيكية القائمة تعتمد على تدوير التشكيل الاساسي الذي يلعب به المباريات الرسمية ، الأمر الذي جعل بيب مستهدفا من قبل عدة جهات رشحت البايرن لإضاعة العرش الاوروبي في حال قدم نفس الأداء امام الريال و هو ما أعترف به غوارديولا نفسه .
و لعل ابرز من انتقد غوارديولا هو نجم النادي السابق و رئيسه الفخري حاليا القيصر فرانز بكينباور الذي يحظى بمكانة خاصة في النادي ، حيث يُعد كلامه مسموعاً من قبل الجميع غير ان انتقاداته جعلته يدخل في حرب كلامية مع المدرب الإسباني .
و لم يهاجم القيصر استراتيجية تدوير التشكيل الأساسي فحسب بل أيضا طريقة quot; التيكي تاكا quot; التي يحاول غوارديولا تطبيقها في صفوف البايرن ، وبحسب رأي بكنباور فإن ذلك من شأنه ان يفقد النادي هويته الكروية ، حيث علق في تصريحات إعلامية في هذا الصدد قائلاً :quot; إن استمرار البايرن على الطريقة الحالية للمدرب غوارديولا سيجعله يسير في نفس الطريقة الذي سار عليه برشلونة من حيث الاستحواذ على الكرة لاطول فترة ممكنة من المباراة دون تسديدات من خارج منطقة الجزاء ، و دون توغل لمهاجميه بإتجاه مرمى المنافس في وقت عرف عن لاعبي البايرن استخدامهم لسلاح التسديد من بعيد بشكل مكثف quot;.
وبحسب القيصر فان عواقب هذه الطريقة ستكون لها تداعيات سلبية على الفريق في المستقبل القريب و منها شعور الجمهور بالملل من مشاهدة مباريات الفريق البافاري تماماً مثلما يحدث للنادي الكتالوني حاليا بعدما فرض سيطرته ، موضحاً بإن بايرن هاينكس افضل بكثير من بايرن غوارديولا .
وليست هذه أول مرة ينتقد فيها مدافع المانشافت السابق الأسلوب التكتيكي الذي اختاره غوارديولا للبايرن ، فرغم دعمه لاختياره خليفة لهاينكس إلا انه عارض بشدة محاولات الفريق الكتالوني باستنساخ تجربته في النيو كامب و نقلها إلى الاليانس آرينا دون احترام لتاريخ النادي العريق.
و يبدو ان القيصر استغل التوقيت جيدا لتوجيه رسالته إلى المدرب وإدارة النادي مفادها أن غوارديولا لا يمتلك شيك على بياض ليتصرف في الفريق كما يشاء ، فالنادي ملك للجميع و عليه احترام كافة فعاليته و مكوناته ، و على الإدارة التدخل قبل فوات الآوان ، و بحكم تجربته و خبرته فإن للقيصر نظرة خوف على النادي ، حيث يخشى عليه من الانهيار بعدما نجح غوارديولا في معادلة أرقام هاينكس لأن أي مدرب يخلفه سيجد صعوبة بالغة في التعامل مع التراكمات التي خلفها فهو لن يستطيع اللعب بنفس الاسلوب و لن يتمكن من إعادة اسلوب البايرن التقليدي تماماً مثلما يحدث حالياً مع الارجنتيني تاتا مارتينو في برشلونة ، وحينها سيتحول إلى فريسة سهلة لمنافسيه و خاصة بروسيا دورتموند الذي و على الرغم ما عرفه من مشاكل مالية إلا انه قاوم بشراسة و احتفظ بهويته التكتيكية .
و لم يتردد غوارديولا في الرد على القيصر حيث استغل الندوة الصحفية في مباراة الكأس الأخيرة ضد كايزر سلاوترن من خلال الاشادة بالنتائج الإيجابية التي حققها البايرن منذ توليه شؤون جهازه الفني قبل نحو عام و خاصة بعد ضمان لقب الدوري قبل عدة جولات من إنتهاء الموسم و بلوغه المربع الذهبي من أبطال أوروبا ، وهي نتائج بحسبه لن ينجح مدرب آخر في تحقيقها بل و هدد بالرحيل في حال لم يكن هناك اجماع من قبل كافة مكونات النادي حوله ، حيث يعلم بيب جيداً بإن الرد على القيصر أو على غيره بالأحاديث عبر وسائل الإعلام لن يكون له جدوى فالعبرة بالنتائج و بالبطولات التي سيظفر بها زملاء الحارس مانويل نوير محلياً و قارياً أما تضييعه لأي لقب من الالقاب التي حصل عليها هاينكس فسيجعله في موقف ضعيف و سسيتحتم عليه الانصياع لنصائح القيصر دون مناقشتها .
و تخشى جماهير البايرن أن ينشغل زملاء أريين روبن بالحرب الكلامية بين الرجلين وإهمال المواجهة المصيرية التي تنتظرهم الأربعاء القادم ضد النادي الملكي خاصة ان الاخير استعاد عافيته الفنية والمعنوية بعد تتويجه ببطولة كاس الملك على حساب غريمه التقليدي برشلونة .
كما أن دائرة الحرب توسعت و لم تعد تعني المدير الفني و الرئيس الفخري فحسب بعدما اثارات بإطراف آخرى ان تدلو بدلوها في الواقع الذي يعيشه العملاق البافاري منذ تتويجه المبكر بطلاً لألمانيا ، فالإعلام المحلي انتقد بشدة سياسة التدوير و مبالغته في ذلك لدرجة انه يلجأ في بعض المباريات إلى احداث ثمانية تغييرات في التشكيلة الأساسية ، و هو ما تسبب بحسب الصحافة الألمانية في فقدان اللاعبين للرغبة و الحماس في اللعب و بالتالي أصبحوا يكتفون بتأدية واجباتهم بغض النظر عن النتيجة النهائية للمباراة ، فاي لاعب لم يعد له مكانة اساسية يقاتل للاحتفاظ بها كما أن لاعبي دكة الاحتياط لم يعد لديهم حافزا لبذل مجهود أكبر لنيل ثقة مدربهم مما قلل من عطائهم في الميدان حتى في الاستحقاقات المصيرية مثلما حدث في مواجهة الإياب ضد مانشستر يونايتد رغم الفوز المحقق، فالتدوير جعل اللاعبين يشعرون و كأن الموسم انتهى و ينتظرون الدخول في الإجازة الصيفية خاصة ان الموسم الحالي استثنائي جاء بعد موسم حافل بالإنجازات جعلهم يصلون إلى درجة التشبع.
و لم يقتصر النقد على الإعلام بل ايضا على النجوم القدامى و على رأسهم الحارس السابق أوليفر كان الذي حذر غوارديولا من مغبة التمادي في تدوير التشكيل الأساسي التي بفضلها كسب ود اللاعبين بسبب ثراء العناصر الفنية لكنها بحسب الحارس السابق فإنها قد تتسبب في خسارة التاج الأوروبي مثلما حدث له عام 1999 عندما نال اللقب المحلي قبل سبع جولات عن النهاية في زمن المدرب اوتمار هيتسفيلد ، إلا أنه رغم ذلك خسر البايرن نهائي أبطال أوروبا من مانشستر يونايتد بطريقة تراجيدية ، و بحسب أوليفر كان فإن إراحة اللاعبين لمدة اطول في هذه الفترة من الموسم تأثر سلباً على لياقتهم البدنية و جاهزيتهم الذهنية.
كما اقر بدوره لاعب الفريق الحالي الفرنسي بلال ريبيري بتأثير عامل حسم الدوري مبكراً على أداء الفريق و التغييرات التي يقوم بها مدربه باستمرار على التشكيل الأساسي لانها تجبرهم على التأقلم مع اللاعبين الجدد الذين يشاركون معهم في كل مباراة ، لذلك فإنه يؤثر على النسق العام للفريق.