شكلت مشاركة المرأة العربية في الاحداث الرياضية الآسيوية والاولمبية موضوعًا مثيرًا للجدل لأعوام طويلة، فسلكت طريقها ببطء تحت عناوين مختلفة تدخل في اطار الواجب والاحتكاك واكتساب الخبرة والتخطيط للمستقبل.

وتضم جميع بعثات الدول العربية، المشاركة في دورة الالعاب الآسيوية في اينشيون بكوريا الجنوبية، رياضيات، وإن بأعداد متفاوتة ومن دون توقعات بإحراز نتائج، باستثناء السعودية التي اقتصر وفدها على الرجال، فنالت نصيبها من النقد إن كان من منظمة "هيومن رايتس ووتش" أو من وسائل الاعلام العالمية.

ودعا رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ اثناء حضوره افتتاح ألعاب اينشيون الى ضرورة اشراك الرياضيات بقوله: "موقف اللجنة الاولمبية واضح جدًا. اننا نشجع بقوة مشاركة السيدات في الالعاب الاولمبية ونحاول أن نساعد بكل احترام. في اولمبياد لندن وصلت نسبة مشاركة السيدات الى 45 في المئة، ونأمل أن تصل يوماً الى 50 في المئة".

وكان باخ يعلق على عدم اشراك السعودية أي رياضية في الاسياد، رغم موافقتها على مشاركة رياضيتين للمرة الاولى في تاريخها في اولمبياد لندن 2012& بعد جدل كبير، هما وجدان شهرخاني في الجودو وسارة العطار في سباق 800 م ضمن العاب القوى.

وتفرض اللجنة الاولمبية الدولية معايير مشددة بشأن ضرورة اشراك جميع الدول لرياضيات في ألعابها تحت طائلة الاستبعاد.

وتعزو اللجنة الاولمبية السعودية عدم مشاركة رياضيات في الالعاب الآسيوية الى عدم وجود لاعبة جاهزة لذلك من الناحية الفنية، والمحت الى أنها ستشرك رياضيات في اولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016.

وبعيدًا عن السعودية، فإن مشاركة رياضيات الدول العربية الأخرى في الاسياد يتراوح بين الواجب والمشاركة من اجل المشاركة، وبين البحث الجدي عن بداية ما والتخطيط للمستقبل.

ولا شك في أن التجربة ستواجه محطات قاسية، وخير مثال ما يحصل مع فرق المالديف للسيدات التي تلقى هزائم قياسية، ما يمكن أن يحدث للفرق العربية ايضًا.

&
تفاوت المشاركة

في البعثة الكويتية، تشارك قرابة 15 فتاة فقط من اصل 250 رياضياً، وعلق رئيس اللجنة الاولمبية الشيخ طلال الفهد على ذلك قائلاً "للاسف تقل مشاركة الفتيات الكويتيات في البعثة عن 5 بالمئة، وذلك لأن رياضة المرأة في الكويت لا تزال ببدايتها، ولكن نتمنى أن يكون هناك اهتمام اكبر في المستقبل".

ويتمثل الحضور الانثوي في العاب كرة الطاولة والتايكوندو والبولينغ والرماية والفروسية والتجذيف.

لكن في المقابل، رفعت قطر الجارة القريبة للكويت عدد الرياضيات في الاسياد الى 55 في رقم قياسي بالنسبة لها على الصعيد القاري والعالمي.

وقطر ايضًا سجلت بداياتها الاولمبية على صعيد مشاركة المرأة في لندن، وتمثلت برامية البندقية بهية الحمد والسباحة ندى وفا.

وقال رئيس البعثة القطرية خليل الجابر في تصريح لفرانس برس: "تشارك 55 فتاة قطرية في دورة الالعاب الاسيوية، مضيفًا "أن قطر تهتم بالرياضة بشكل كبير في فئتي الرجال والسيدات، وطبعاً الاتحادات الرياضية القطرية بدأت منذ فترة بالاهتمام بالمرأة التي تشارك في انشطة كثيرة حاليًا".

واضاف "نحن نمنح الفرصة للفتيات للمشاركة والانضمام الى المنتخبات الوطنية لتمثيل قطر في المحافل الخارجية".

وبدأ القطريون بالحديث عن ميداليات لفتياتهم بعد تحقيقهن نتائج لافتة في بطولات اقليمية وعربية ودولية سابقة.

ويعتمد الاردن بدوره سياسة اشراك منتخبات في الالعاب الجماعية الى جانب المتباريات في الالعاب الفردية.

&وتقول لانا الجغبير، الامينة العامة للجنة الاولمبية الاردنية، في تصريح لفرانس برس بهذا الصدد "إن اللجنة الاولمبية مهتمة بكرة القدم النسوية، وتشجع مشاركة المرأة بجميع المجالات كالتحكيم والادارة، فمعظم منتخباتنا في اينشيون تضم فرقًا نسوية وفي مختلف الالعاب وليس فقط في كرة القدم".

وتشكل المرأة نحو 35 بالمئة من عديد البعثة الاردنية البالغ نحو 160 رياضيًا.

وعن الاهداف الانية والمستقبلية، اوضحت: "نحن في مراحل البداية، ولكن في المستقبل اعتقد بأننا سنحقق نتائج جيدة لان اللاعبات صغيرات في السن".

&
الاستفادة والاحتكاك

تشكل الامثلة عن مشاركة رياضيات عربيات في اسياد اينشيون حتى الآن قناعة بأن الطريق لا يزال طويلاً، لكن الاهم هو خروج بعضهن بالاستفادة المطلوبة لإكمال المشوار.

وقد عبرت راميات البحرين بواقعية تامة عن استفادتهن من المشاركة من خلال اكتساب الخبرة والاحتكاك والاستفادة الفنية، بدون الحديث الآن عن احراز ميداليات.

وقالت الرامية اصيل عبد الغفار التي شاركت في منافسات بندقية الهواء المضغوط عن 10 م، "استفدت بشكل كبير من المشاركة واكتسبت خبرة كبيرة بفضل احتكاكي مع نخبة من أبرز الراميات من مختلف دول القارة الآسيوية".

وأضافت: "صحيح أننا لم نحقق ميداليات ولكن معدلاتنا كانت مرتفعة، الأمر الذي يدل على تصاعد مستوياتنا الفنية".

وحذت زميلتها لولوة يوسف حذوها بقولها: "انا راضية عن أدائي في الدورة، فلولا قلة الخبرة لتمكنت من تحقيق نتائج ومستويات أفضل"، مشيرة إلى أن "المشاركة ستكسبها المزيد من الخبرة والمهارة، فالتواجد في مثل هذه البطولات القارية ترفع من مستوى اللاعبات وتمنحهن الثقة بالنفس بشكل أكبر، والأمر ينعكس بشكل إيجابي على أدائهن في المستقبل".

واتفقت الرامية لبنى عبد العزيز مع زميلتيها، مؤكدة أن "اللاعبات اكتسبن الخبرة وصقلن قدراتهن الفنية من خلال مشاركتهن في أجواء البطولات الآسيوية التي تساهم بشكل كبير في تأهيل قدراتهن والارتقاء بها إلى أعلى المستويات".

ولم يكن احد يتوقع من لاعبة المبارزة الفلسطينية حنين الزمر (السيف)، ولا حتى من زميلتها السباحة سالة الاطرش، انجازات في هذه الالعاب، وتعد مشاركتهما بحد ذاتها انجازًا في ظل المعاناة والظروف الصعبة والحروب.

واعتبر مدرب فريق المبارزة الفلسطيني محمد عريقات، "مشاركة اللاعبة الزمر فرصة حقيقية لها لبداية الاحتكاك ودخول أجواء المنافسات القارية والدولية، تمهيدًا لاستمرار إقامة المعسكرات التدريبية التي ستجعلها وغيرها من اللاعبات قادرات على تمثيل فلسطين في البطولات الدولية القادمة".

&