&في أواخر الثمانينات كانت مدينة بارما تشتهر بانتاج شرائح لحم "بروسسيوتو" والأجبان، ولكن على مدى العقد التالي، ساعد الايطالي الدولي جيافرانكو زولا ونجوم أمريكا الجنوبية فاوستينو اسبريا وهرنان كريسبو في رفع أسم المدينة كروياً لتصبح مرادفاً لكرة القدم فضلاً عن المواد الغذائية.

هذا وسيحتفل نادي بارما في غضون الأشهر الثلاث المقبلة &بالذكرى العشرين لفوزه بكأس الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى ، إلا أنه في الوقت نفسه قد يجد نفسه مضطراً لإعلان افلاسه ويغلق أبوابه إلى الأبد.
&
وكانت مباراة بارما ضد جنوة قد تأجلت بعدما كان مقرر اقامتها الأحد المنصرم بعدما الغيت مباراته السابقة على أرضه أمام أودينيزي، لأن المسؤولين في بارما، والذين يعانون من ضائقة مالية خانقة، لم يستطيعوا تحمل دفع أجور رجال أمن الملعب، إلى جانب أنهم لم يدفعوا رواتب اللاعبين طوال هذا الموسم.
&
ولم يصل الأمر لهذا الحد فقط ، بل وصل الحال بالنادي بأنه لايوجد هناك حتى ماء ساخن لإستحمام اللاعبين بعد التدريب، إلى جانب إرتداء اللاعبين للملابس الكتانية المتسخة وذلك بعد أن قطعت شركات التنظيف المحلية التعامل مع بارما، ليضطر اللاعبون على غسلها بأنفسهم من الآن فصاعداً.
&
وفي مساء الأربعاء الماضي تم مصادرة حافلة الفريق ووضعت المحكمة يدها على معداته الطبية وصالة الألعاب الرياضية والبالغ قيمتها 400 ألف جنيه استرليني، فيما تم تداول إعلان مصور على الانترنت يُظهر مقاعد البدلاء من غرفة تغيير الملابس في ملعب "إينو تارديني" التابع للنادي &لبيعها في مزاد علني بسعر لا يقل عن 1465 جنيهاً استرلينياً ليتم سداد الأموال لدائني النادي.
&
وكان بارما قد أنهى موسمه الماضي باحتلاله المركز السادس في دوري الدرجة الأولى الايطالي، وذلك تحت قايدة مدرب الفريق ولاعبه المنتخب الإيطالي السابق المدرب روبرتو دونادوني ليضمن بذلك تأهله إلى المنافسة الأوروبية للمرة الأولى منذ عام 2007، إلا أنه تم منعه من المشاركة في بطولة الدوري الأوروبي " يوروبا ليغ " بسبب عدم تلبيتة معايير " اليويفا " لترخيص الأندية الأوروبية بسبب وجود فواتير غير مدفوعة على النادي.
&
ملكية النادي&
&
هذا وتغيرت ملكية النادي مرتين في الشهرين الماضيين، في الوقت الذي ادعى رئيسه الحالي جيامبيترو مانينتي أنه واثق من حل المشاكل، على رغم أنه لا يحظى بشعبية لأنه يعتبر مسؤولاً عن الديون البالغة 145 مليون استرليني التي حطمت بارما ، علماً أنه لم تدفع أجور اللاعبين والموظفين منذ الصيف المنصرم فيما انتظر العديد من الدائنين فترة أطول للحصول على أموالهم .
&
كل هذا أجبر كابتن الفريق أليساندرو لوكاريللي للتعبير عن سخطه وحذر بأن "الوقت نفد".
&
هذا هو الوضع&
&
أوقاتاً عصيبة يمر بها النادي الذي يحتل المركز الأخير في ترتيب جدول دوري الايطالي للدرجة الأولى، وأصبح الآن يعيش &حالة أسوأ، في الوقت الذي يطالب رئيس بلدية بارما بلقاء مانينتي رئيس النادي ، ولكن الأخير استمر بالتهرب وإلغاء المواعيد.
&
&ويبدو الآن أن "إدارة الأعمال" ستتدخل في أمور النادي، فيما تتوقع الصحافة المحلية أنه سيتم قريباً حل بارما وإعادة تشكيله في كرة القدم للهواة. إلى جانب وجود مخاوف من انسحاب النادي من الدوري منتصف هذا الموسم.
&
بارما .. &من القمة إلى القاع
&
والقصة، في المقام الأول، تعود إلى التسعينات. كان بارما ناجحاً خلال عقد كامل، متوجاً بـ4 ألقاب أوروبية إلى جانب تحقيقه 3 كؤوس ايطالية، حيث أنهى موسمه في الكثير من الأحيان وصيفاً لدوري الدرجة الأولى. وكان ضمن صفوفه أساطير من بينهم جيانلويجي بوفون وفابيو كانافارو وليليان تورام وارييل أورتيغا وخوان سيباستيان فيرون وفاوستينو أسبريا وهرنان كريسبو ، &ولكن حتى الآن ربما لا يعلم أحد ما مدى التأثير السلبي لخسارته أمام رينجرز الاسكتلندي في دوري أبطال أوروبا في 1999.
&
وبالنسبة إلى بارما، فمساره من دوري أبطال أوروبا وحتى الآن كان أمراً غريباً وغامضاً ، &فعندما اشتراه رجل الأعمال توماسو جيراردي بـ21 مليون جنيه استرليني خلال الموسم 2006-07 كان الدين الإجمالي للنادي 12 مليوناً فقط وهو ما كان يسهل التحكم به ، ومنذ ذلك الحين وظف بارما بشكل لا يصدق 240 لاعباً مع إرساله الغالبية العظمى منهم إلى أندية أخرى على سبيل الإعارة.
&
وكانت وجهة نظر بارما لهذا التصرف ومنذ فترة طويلة بأنه "هذا هو مشروع النادي" دون إعطاء أي تفاصيل والكيفية العمل به وتحقيق أهدافه ، على رغم أنه من المفهوم أن الخطة كانت تعتمد على دفع أجور قليلة وارسال لاعبين إلى أماكن أخرى لتطويرهم. وإذا نجح اللاعب فإن النادي سيبيعه من أجل الربح. أما إذا فشل، فإن النفقات العامة لكل لاعب ستكون منخفضة نسبياً.
&
ومع ذلك، كما أكد مصدر مطلع على خطة النادي قائلاً : "هذا المشروع لم يشمل لاعبين شبان الذين ستكون صفقاتهم رخيصة جداً مع إمكانياتهم، ولكن وصل أعمار بعضهم إلى 27، 28، 29 و30 عاماً، فهؤلاء سيكلفون النادي المزيد من الأموال".
&
وذكرت صحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية في 2013، التي درست أكثر من 300 صفقة، أن اجمالي المبلغ وصل إلى 5.5 مليون استرليني فقط. فيما سبق أن وصفت الصحيفة النادي كـ"سوق للماشية".
&
وظهرت الدلائل على أن هناك شيء ما قد حصل في بارما بسبب الأخطاء المالية في الصيف الماضي فقط، بعد أن احتل النادي المركز السادس في الدوري في الموسم الماضي، ولكن تم منعه من المشاركة في يوروبا ليغ للموسم 2014-15 بسب فاتورة الضرائب غير المدفوعة التي بلغت 300 ألف يورو.
&
ولم يكن لمالك النادي توماسو جيراردي أي أجوبة عما يحدث ، فبعد هذه الديون الضخمة باع بارما في ديسمبر 2014 لرجل الأعمال الألباني ريزارد تاسي مقابل يورو واحد فقط، عندها أدعى كابتن الفريق لوكاريللي أن اللاعبين في الفريق شعروا بـ"خيانة" جيراردي لهم و"عدم احترامهم".
&
ولم يلتقي المالك الجديد تاسي باللاعبين ليقوم هو بدوره أيضاً ببيع النادي بعد أقل من شهرين وبالمبلغ ذاته، ليحل مانينتي محله ، &وفي واحدة من أولى لقاءاته مع الفريق أثبت شيئاً لا يُنسى، عندما أكد لوكاريللي أنه "أظهر لنا وثيقة بنكية تفيد أن هناك 100 مليون يورو متاحة للاستثمار في بارما.. كان لدينا بعض الشكوك".
&
وحتى الآن يقدم مانينتي أعذاراً تلو الأخرى لعدم اجتماعه مع رئيس بلدية المدينة فيديريكو بيزاروني الذي قال مراراً وتكراراً &"إن العلاقة مع مانينتي غير &قابلة للإصلاح. إنها حالة لا يمكن الدفاع عنها لأنه ليست لها أي مصداقية. إما أن يدفع الأجور أو أن يسمح لشخص آخر ليتولى المسؤولية".
&
وفي الوقت نفسه قررت النيابة العامة عقد جلسة الاستماع في 19 الجاري للنظر في قضية الافلاس الكامل لبارما، إذ تشير أن ديونه الاجمالية بلغت 197.4 مليون يورو، في الوقت الذي تستمر عملية مصادرة ممتلكاته في معظم أيام الأسبوع.
&
السوء ينتشر في كل أنحاء النادي الذي كان يعتبر عظيماً يوماً ما، بما في ذلك أبواب الملعب التي تحمل شعار "مغلق بسبب السرقة"، فيما لخص مدرب النادي للشباب كريسبو هذا الأمر بقوله "نحن في حالة فوضى. من الصعب أن نرى النادي مرة أخرى في هذه المدينة ، لقد أصبحنا نستحم بالماء البارد وهناك عدد من اللاعبين تعرضوا للمرض".
&
أما رسائل البريد الالكتروني إلى النادي فلا تلقى أجوبة، على رغم أن مصدر مطلع قال إنه قد يكون هناك سبب وجيه، فالشركات التي استأجر بارما منها أجهزتها للكومبيوتر ومطابعها قد أعادت معداتها مؤخراً.
&