&أجمع المتابعون لمسيرة نادي برشلونة هذا الموسم تحت إمرة مدربه الجديد لويس انريكي على أن الحصيلة الإيجابية التي حققها في أول تجربة له مع البارسا كانت نتاج خلطة فنية أعطت ثمارها في نهاية الموسم بإحراز بطولة الدوري المحلي في انتظار الظفر بكأس الملك ودوري أبطال أوروبا وتحقيق ثلاثية تاريخية جديدة للفريق بعد تلك التي حققها موسم 2008-2009 تحت قيادة المدرب بيب غوارديولا.&

وتتشكل هذه الخلطة الكتالونية من خمسة عناصر كل عنصر منها ساهم بشكل أو بآخر في إثراء أداء البارسا و تحسين نتائجه، والمساهمة في إخراجه من عنق الزجاجة والمطبات التي عبرها بسلام خلال الموسم الحالي.
&
1- قوة و فعالية الثلاثي الهجومي
&
فرض كل من الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار دا سيلفا والأوروغوياني لويس سواريز أنفسهم كأقوى وأفضل ثلاثي هجومي في تاريخ البارسا وفي العالم بعدما سجلوا في عامهم الأول في كامب نو كثلاثي ما يصل إلى &78 هدفاً في بطولة الدوري الإسباني من أصل 114هدفاً سجلوها في جميع المسابقات، كما ساهم هذا الثلاثي في تقديم 36 تمريرة حاسمة أثمرت أهدافا سواء لبعضهم البعض أو لزملائهم .
&
وكان للثلاثي الهجومي والمعروف بـ "الأم أس إن" دوراً محورياً في الإنتصارات التي حققها البلوغرانا في الليغا، خاصة انه احتكر هز شباك المنافسين في الكثير من المباريات ، حيث بدا وكأن المدرب انريكي حث المهاجمين الثلاثة على خوض منافسة إيجابية بينهم تصب في مصلحة الفريق وهو ما تحقق وكشفته الأرقام التي اخذت منحنى تصاعدي منذ ان تواجد الثلاثي معاً بداية من مباراة الكلاسيكو ضد الغريم ريال مدريد في ملعب سانتياغو برنابيو ، وخاصة مع مطلع عام 2015 حيث بصم الثلاثي على مباريات كبيرة سواء من حيث الرصيد التهديفي أو من حيث الأداء الفني والبدني الذي فرض على اللوتشو إشراكهم في جميع المباريات دون استبدالهم تعزيزا لثقته بهم .&
&
وسجل ميسي 40 هدفاً بينما سجل نيمار 22 هدفاُوسواريز 16 هدفاً، ليتمكنوا من تحقيق الهدف المنشود وهو بلوغ أو تجاوز سقف الـ100 هدف مع نهاية الموسم.&
&
و الحقيقة التي وقف عندها الجميع هي أن أقدام هذا الثلاثي كانت تحمل خطراً يستحيل صده على أي دفاع منافس إعاقته أو حتى التقليل منه بفضل المهارات العالية التي يتمتع بها كل عنصر وبفضل التناغم الكبير بين المهاجمين الثلاثة مما جعلهم يسجلون في بعض المباريات من انصاف الفرص ، و في مباريات آخرى عندما يقررون التسجيل فإن سوء الطالع فقط من يعيقهم عن ذلك.
&
2- سياسة التدوير
&
راهن المدرب لويس انريكي على سياسة تدوير اللاعبين على التشكيل الأساسي وهو ما سمح له بالحفاظ دوماً على جاهزية اللاعبين دون تعريضهم للإرهاق مما جعلهم يقدمون مردوداً بدنياً عالياً حتى نهاية الموسم ، ما سمح لأغلب العناصر بالاستفادة من أوقات مستقطعة خضعوا خلالها لراحة إيجابية حفزتهم على العودة بعيداً عن المنافسة السلبية و الغيرة بين اللاعبين التي يسببها احتكار عدد محدود من اللاعبين للتشكيلة الأساسية ، كما أن التدوير كان له دوراً في حماية لاعبي اللوتشو من الإصابات، فمتوسط الميدان الإسباني سيرجيو بوسكيتس هو الوحيد الذي تعرض &للإصابة هذا الموسم .
&
وباستثناء ميسي ونيمار وسواريز فإن بقية اللاعبين خضعوا لمبدأ التدوير سواء من مباراة لآخرى أو من مسابقة لآخرى مثلما حدث بين الحارسين التشيلي كلاوديو برافو الذي كلفه انريكي بحراسة العرين الكتالوني في مباريات الليغا ، بينما تولى الألماني تير شتيغن في مباريات كأس الملك ودوري أبطال أوروبا وكلاهما كان راضياً عن هذا التدوير، بل وساهم في تألقهما معاً، والأمر نفسه ينطبق على أسماء آخرى خضعت للتدوير على غرار المدافع الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو والفرنسي جيريمي ماثيو والإسباني اندريس انييستا والكرواتي ايفان راكيتيتش، لينجح انريكي في إيصال رسالته للاعبيه ومفادها يتلخص في كلمتين أن التدوير هدفه إشراك الجميع دون إرهاقهم.&
&
ورغم الانتقادات التي وجهت لإنريكي بسبب مبدأ تدوير التشكيل الأساسي خاصة عقب تعثره في بعض المباريات إلا انه أصر على العمل بها حتى نهاية الموسم، لينجح في كسب رهانه وتحديه امام منتقديه.&
&
كما أن نجاح انريكي في تطبيق مبدأ التدوير يكشف كفاءته التقنية العالية والاجتهادات الكبيرة والجهود المضنية التي يبذلها اللوتشو كل أسبوع &لوضع حساباته التكتيكية الجديدة في كل مباراة مما يجعل من الصعب على أي مدرب المنافسة وقراءة خططه.
&
3- العطاء الكبير لجيرارد بيكيه وداني الفيس
&
وعلى الرغم أن جميع مدافعي البارسا قدموا أداء راقياً هذا الموسم إلا أن الثنائي قلب الدفاع جيرارد بيكيه والظهير الأيمن داني الفيس فرضا نفسيهما بقوة وبصما على تقديم عطاء بدني وفني كبير يؤكد صحة القرار الذي اتخذه المدرب انريكي في حق المدافعين في بداية الموسم حيث فضل الإبقاء عليهما على دكة الاحتياط، بهدف استفزازهما من اجل حثهما على الاجتهاد أكثر وتقديم أفضل عروضهما بما كان اللوتشو متأكداً من كونهما يكتنزان مخزونا فنيا كبيراً.
&
وهكذا أدى المدافع الإسباني دوراً هاماً في تحصين الخط الخلفي البارسا وإعادة التوازن لمحوره وأصبح أقوى حلقة في الفريق بعدما كان نقطة ضعف خلال حقبة المدرب الأرجنتيني جيرارد مارتينو، وخير مثال على ذلك ، هو الاداء القتالي لبيكي في مباراة الكلاسيكو ضد ريال مدريد على إستاد كامب نو.
&
أما الظهير البرازيلي فظهر وبشكل إيجابي ورد على الطريقة البرازيلية على وضعه ضمن لائحة اللاعبين المسرحين في نهاية الموسم المنصرم ، ليبعث برسالة واضحة لإدارة الرئيس جوسيب بارتوميو لتسريع مفاوضات تمديد وتحسين عقده الحالي الذي ينقضي بنهاية الموسم الحالي بعدما استعاد مستواه المعهود الذي كان عليه في عهد المدرب غوارديولا فنجح في مد الثلاثي الهجومي بتمريرات حاسمة كان أهمها تمريرته لسواريز وبفضلها هز شباك الحارس ايكر كاسياس ومنح النقاط الثلاث للبارسا ضد المرينغي ، ودون الإخلال بواجباته الدفاعية حتى أصبح الفيس الممول الرئيس للثلاثي بالكرات العرضية الجانبية والطويلة.
&
4- فلسلفة المدرب لويس انريكي
&
ونجح المدرب انريكي في كسب التحدي بفضل فلسفته القائمة على الصراحة و بدا وكأن اللوتشو استفاد كثيرا من تجربته في الملاعب الإيطالية مع نادي روما فلم يشأ الدخول في صدامات مع اي جهة كانت من مكونات وفعاليات البارسا ، وذلك من خلال إيمانه بأن أي جهة من المفترض كسبها في صالحه، وقيامه بالعكس سيعرضه للدخول في حرب تساهم في إعاقة عمله .&
&
كما أن اللوتشو في كامب نو تخلى عن تعنته الذي عرف به كلاعب وحتى كمدرب للذئاب الإيطالية و فضل تغيير مواقفه وآرائه وفق ما تقتضيه مصلحة الفريق بغض النظر عن أي أمور آخرى &وتعامل مع الجميع بمنطق البرغماتية الذي يصب في سبيل تحقيق أفضل نتائج ممكنة، وأكبر مثال على ذلك طريقة تعامله مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي حيث نجح انريكي في ترويض البرغوث بمنحه مزيداً من الحرية داخل الملعب و عدم استبداله طالما يقدم مردوداً عالياً دون تعب شأنه شأن زميليه سواريز ونيمار فكانت النتيجة اعتراف الثلاثي بفضل المدرب عليهم، وبعدما كانت إقالة انريكي مطلب الجمهور والصحافة وعدد من أعضاء مجلس الإدارة فإن تمديدعقده أصبح قاسماً مشتركا بين جميع فعاليات النادي .
&
5- التوفيق والحظ
&
النتائج الإيجابية التي حققها برشلونة هذا العام لم تكن فقط بسبب الأداء الفني الجيد بل يعود ايضا في جزء هام منها إلى التوفيق والحظ اللذين برزا في العديد من المباريات مثل لقاء الكلاسيكو في كامب نو حيث سيطر ريال مدريد على مجريات المباراة غير أن فرصة واحدة حقيقية من الفيس ترجمها سواريز إلى هدف قاتل، والأمر نفسه تكرر في لقاء سيلتا فيغو حيث احتاج البارسا لرأسية من الفرنسي المخضرم جيريمي ماثيو للعودة إلى برشلونة بالحصة النقطية كاملة.
&
وفي مباراة فالنسيا اهدر أحد لاعبي الخفافيش ركلة جزاء كان بإمكانها قلب المباراة على البارسا ، وذات الأمر حدث في المواجهة ضد اتلتيكو مدريد يوم الاحد المنصرم ، حيث كان للحظ دوراً في فوز نجوم انريكي، والواقع أن البارسا عاش هذا الموسم سيناريو مختلف تماماً عن ذلك الذي عاشه الموسم المنصرم حيث جانبه الحظ ولم يكن موفقا خاصة ضد اتلتيكو مدريد في مباراته الأخيرة على أرض كامب نو والتي انتهت بالتعادل وهو ما منح اللقب للروخي بلانكوس .&
&
وعلى عكس برشلونة فإن غريمه ومنافسه ملاحقه المباشر ريال مدريد لم يكن موفقا خاصة ضد فالنسيا عندما اهدر رونالدو ركلة جزاء وهو الذي اعتاد التسديد بنجاح وسجل الكثير من أهدافه بواسطتها، كما أن الفريق المدريدي هو اكثر الفرق في إسبانيا و في أوروبا من ارتطمت كراته بإحدى العارضات الثلاث للمرمى وهو ما يؤكد أن الحظ &قد جانب الميرنيغي.