الرباط: تفاعل المغاربة، بشكل ساخر، مع نتائج قرعة نهائيات كأس العالم روسيا 2018، التي جرت الجمعة في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو، ووضعت "أسود الأطلس" في المجموعة الثانية، إلى جانب منتخبات البرتغال وإسبانيا وإيران.

وتسلح المغاربة، خصوصاً في العالم الأزرق ومواقع التواصل الاجتماعي، بمحطات متفرقة من تاريخ غرب البحر الأبيض المتوسط، الذي جمع شبه الجزيرة الإيبيرية بمنطقة الغرب الإسلامي بشكل عام، وبلاد المغرب بشكل خاص ، كما استحضروا التاريخ الحديث، سواء فيما يتعلق بعلاقة إسبانيا بالمغرب أو علاقة السنة بالشيعة في العالم الإسلامي، للسخرية من نتيجة القرعة التي حكمت على "أسود الأطلس" بالوجود، إلى جانب منتخب البرتغال، بطل أوروبا 2017، ومنتخب إسبانيا، بطل العالم 2010، فضلاً عن المنتخب الإيراني.
 
بين التفاؤل والتشاؤم
 
ونقل حس الدعابة من نتائج قرعة نهائيات كأس العالم روسيا 2018، ليتراوح بين التفاؤل والتشاؤم من النتائج المتوقعة للمشاركة المغربية.
 
وكتب أحدهم: "سنخوض معركة الملوك الثلاثة مع البرتغال، ونفتح الأندلس من جديد، ونهزم الشيعة بقيادة المجاهد صلاح الدين رونار"؛ فيما كتب آخر: "هيه. يلزم أن يكون اسم المدرب موسى بن نصير، لكي نضمن التأهل. وأن يكون يوسف بن تاشفين في الدفاع، وعبد الكريم الخطابي في وسط الميدان، وطارق بن زياد في مركز الجناح الأيمن".
 
كل شيء ممكن
 
ويبدو أن التفاعل الساخر للمغاربة من قرعة المونديال، لا يعني أنهم لا يؤمنون بحظوظ منتخبهم في التأهل إلى الدور الثاني من النهائيات، حيث يفرقون بين موازين القوى على الورق ومنطق المستطيل الأخضر، لذلك، نقرأ على صفحة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم: "صعبة، لكنها ليست مستحيلة".
 
فيما كتب الإعلامي الرياضي سعيد بلفقير، متفاعلاً: "من الأفضل أن نقع في مجموعة صعبة حتى لا ننتظر الكثير، دون أن ننسى أنها كرة القدم. كل شيء ممكن".
 
رغم أنف القرعة
 
من جهته، كتب الإعلامي حسن العطافي: "علينا أن نواصل دعم منتخبنا رغم أنف القرعة ، يذكرني ما يقوله الناس بعد قرعة مونديال روسيا 2018 بما قيل بعد قرعة مونديال 1986، حين حكمت علينا القرعة بمواجهة بولونيا وإنكلترا والبرتغال ، كان الكثيرون متشائمين وانخرطوا في الحديث عن المواجهات بسخرية ورسموا صور الأبطال للمنافسين، واعتبروا أن النوم هجر عيون لاعبينا بل أن "بوغطاط" (مرادف لكوابيس الليل في التراث الشعبي المغربي) أصبح اسمه "بونييك" نجم بولونيا".
 
وتابع :" لكن حين حلت ساعة الحقيقة صار الجميع ينتظر أول مواجهة ضد بولونيا ، وبعد التعادل دون أهداف، صار الجمهور أكثر حماساً، فكان التعادل مع إنكلترا، ... وبعد الفوز على البرتغال بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، والتأهل إلى الدور الثاني، أصبح الجميع يرى في الأسود مرشحين للفوز بكأس العالم".
 
تجارب سابقة
 
وزاد العطافي: "في نظري، وانطلاقاً من تجربة مونديال 1986 وأيضاً مونديال 1998 ... دائماً نتشاءم من القرعة، نتخوف وننكت لنطرد خوفنا، لكن هل نكون على صواب حين نستخف من منتخبنا وحظوظه؟ هل نقوم بواجبنا تجاهه؟ ... نمزح، لكن هل نسينا أنه منتخب يمثلنا ويرفع علمنا ، علينا أن نبعث لـلاَعبين رَفعوا رؤوسنا عالياً رسائلَ دعم، ونؤكد لهم ثقتنا فيهم، وليس من حقنا أن نساهم في تدني معنوياتهم مباشرة بعد القرعة بإطلاق دعابات ونكت"ثقيلة على القلب". علينا أن نواصل دعم منتخبنا رغم أنف القرعة".
 
ويتضمن برنامج مباريات المنتخب المغربي، في الدور الأول من نهائيات كأس العالم روسيا 2018، مواجهة إيران يوم الجمعة 15 يونيو، ثم البرتغال يوم الأربعاء 20 يونيو، وإسبانيا يوم الاثنين 25 يونيو.
 
شيء من التاريخ
 
إذا كانت أسماء من قبيل موسى بن نصير، الذي يعتبر من أول الفاتحين المسلمين لمنطقة الغرب الإسلامي، والقائد العسكري طارق بن زياد الذي يرمز لفتح الأندلس، ويوسف بن تاشفين أمير المرابطين وقائد معركة الزلاقة الشهيرة (1086 للميلاد) التي هزم فيها جيش المرابطين جيش ألفونسو بعد استنجاد ملوك الطوائف بقيادة المعتمد بن عباد بالمرابطين وأميرهم يوسف بن تاشفين، معروفة في كل ما يرتبط بتاريخ المغرب وعلاقة منطقة الغرب الإسلامي بالأندلس، فإن استحضار عبد الكريم الخطابي يحيل على إحدى أشهر ملاحم المقاومة ضد الاستعمار في المغرب، والتي يحتفظ خلالها التاريخ بمعركة "أنوال" الشهيرة (يوليو 1926) التي مني فيها الجيش الإسباني بهزيمة نكراء.
 
من جهتها، تحيل "معركة الملوك الثلاثة"، على هزيمة الجيش البرتغالي، تحت قيادة ملكهم دون سيباستيان.
 
وتذكر كتابات المؤرخين أنه، عندما توفي عبد الله الغالب السعدي، أحد ملوك الأسرة السعدية، عام 1574، تولى ابنه محمد المتوكل مقاليد الحكم، وكان فظاً مستبداً ظالماً، قتل اثنين من إخوته عند وصوله إلى الحكم، وأمر بسجن آخر، فكرهته الرعية، فرأى عمه عبد الملك أنه أولى بالملك من ابن أخيه، فأضمر المتوكل الفتك بعميه عبد الملك وأحمد، ففرا منه مستنجدين بالعثمانيين، الذين كانوا موجودين بالجزائر، فاستطاعا الانتصار على المتوكل، الشيء الذي دفعه، هو الآخر، إلى الاستنجاد بالملك البرتغالي دون سيباستيان، حتى يساعده على استرداد ملكه؛ حيث ستبحر سفن البرتغاليين من ميناء لشبونة، يوم 24 يونيو (حزيران) 1578، لترسو على شاطئ أصيلة. 
 
وكانت المصادر قد تضاربت في تحديد عدد أفراد الجيش البرتغالي، الذي قاده سيباستيان، ما بين 60 و100 ألف مقاتل. على الجانب المغربي، ستنجح خطة السعديين في جر الجيش البرتغالي إلى سهل فسيح يسمى "القصر الكبير"، أو سهل "وادي المخازن"، بالقرب من نهر "لوكوس"، الذي كان يوجد جسر وحيد للعبور عبره ، حيث كانت خطة عبد المالك، ملك السعديين، القتالية، تقوم على أن يجعل القوات البرتغالية تعبر الجسر إلى سهل "وادي المخازن"، قبل أن تقوم قوات خاصة من الجيش المغربي بتدمير هذا الجسر لقطع طريق العودة عليهم، ومن ثمة يكون النهر في ظهرهم أثناء القتال، بحيث لا يجد الجنود البرتغاليون غيره ليهرعوا إليه، عند اشتداد القتال، وهو ما يعني غرقهم الأكيد. ويوم 4 اغسطس 1578، حين بدأ القتال، وكان شديداً، أصيب عبد المالك بمرض أقعده في الفراش، وقيل إن بعض الخدم، المحسوبين على المتوكل، دس له سما في طعامه. 
 
وتتفق المصادر التاريخية على أن عبد المالك كان أوصى (وهو على فراش المرض) إن مات، أن يتم كتمان الخبر إلى حين الانتهاء من القتال، حتى لا يؤثر ذلك على معنويات الجنود المغاربة. وهو ما وقع، إذ توفى، قبل انتهاء المعركة، ليعمل رجاله بوصيته، فتكتموا على الخبر ، وحين بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق للجيش المغربي، حاول البرتغاليون الهرب من أرض المعركة والعودة إلى أصيلة، لكنهم وجدوا أن جسر "وادي المخازن" قد دمر تماماً ، وهكذا، فقدت البرتغال في أقل من خمس ساعات ملكها وجيشها ورجال دولتها ، وحيث إن ثلاثة ملوك لقوا حتفهم في المعركة، وهم عبد المالك وسيباستيان والمتوكل، فقد اشتهرت المعركة بــ"معركة الملوك الثلاثة".