يهدد استبعاد محتمل لروسيا من الالعاب الاولمبية المقبلة بسبب المنشطات احلام الرئيس فلاديمير بوتين بفرض بلده كقوة رياضية، لكنه يعطيه في الوقت ذاته سلاحا في مواجهة الغربيين.

وتجتمع اللجنة الاولمبية الدولية من الثلاثاء الى الخميس، قبل 66 يوما من انطلاق الالعاب الاولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية، للبت في مشاركة الرياضيين الروس من عدمها في هذه الالعاب.

ويعد رفض مشاركة روسيا تراجعا كبيرا بالنسبة الى موسكو التي استثمرت مليارات الدولارات من اجل احتضان اولمبياد 2014 الشتوي، الاغلى في تاريخ الالعاب الاولمبية، في منتجع سوتشي حيث انهت المنافسات في المركز الاول.

ووصف بوتين الاستبعاد المحتمل لبلاده بـ"الاهانة" التي تأتي في وقت تستعد فيه روسيا لاستضافة الحدث الرياضي الاكثر متابعة حول العالم: مونديال 2018 لكرة القدم الذي سحبت قرعته الجمعة في الكرملين.

واعتبر الاستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو سيرغي مدفيديف ان "الرياضة منصة هائلة للاعلام والسياسة، وسوتشي كانت اساسية بالنسبة لصورة روسيا"، مشيرا الى ان موسكو استطاعت وضع نظام تنشط من اجل ضمان الفوز في سوتشي.

وتابع "بعد ذلك، جاءت الفضيحة المدوية الاقوى صدى في تاريخ الحركة الاولمبية. انها ضربة قوية للرياضة الروسية".

ومنذ صدور تقرير ماكلارين عام 2016 بناء على طلب الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات والكشف عن نظام التنشط الذي اتبعته الحكومة، فقدت روسيا بعض ميداليات ابطالها واصبحت نظريا خلف النروج في الترتيب العام.

وتراكمت الاشارات السيئة: ففي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، مدد الاتحاد الدولي لالعاب القوى ايقاف روسيا، واكدت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات استبعاد الوكالة الروسية.

وترفض موسكو دائما البعد الحكومي في نظام التنشط الذي كشف عنه تقرير ماكلارين، واجهزة التحقيق الروسية تؤكد تورط الرئيس السابق لمختبر موسكو غريغوري رودتشنكوف الذي كان وراء الشرارة الاولى حول نظام التنشيط والصادرة بحقه مذكرة توقيف روسية، وتتهمه بأنه قام بناء على مبادرة شخصية منه بتنشيط الرياضيين دون علمهم.

لكن بعض الخبراء يرون انه اذا كان الغياب عن بيونغ تشانغ سيظلل الطموحات الرياضية لفلاديمير بوتين، فان الكرملين قد يستطيع استخدام هذا "النبذ" لتعزيز منطقه المناهض للغرب.

- "حرب مع العالم بأسره" -

اكد نائب رئيس الوزراء الروسي المكلف الاشراف على الرياضة فيتالي موتكو الجمعة ان الاتهامات بالتنشط الموجهة لروسيا تهدف الى وضعها ضمن "محور للشر" وتريد ان تجعل من البلد "نوعا من الشبح".

وصرح الرئيس بوتين مطلع تشرين الثاني/نوفمبر ان الولايات المتحدة نظمت هذه الاتهامات من اجل الاضرار بسير الانتخابات الرئاسية في آذار/مارس 2018.

ويرى البروفسور مدفيديف "ان ما يجري يقدم للكرملين دليلا جديدا على ان روسيا في حرب مع العالم بأسره".

وتعتبر تاتيانا ستانوفايا من مركز التكنولوجيا السياسية ان الرئيس الروسي يعتقد بأن الغالبية العظمى من الرياضيين يتنشطون من تلقاء انفسهم، وان روسيا عوملت ككبش فداء.

وتقول ستانوفايا لوكالة فرانس برس "بوتين يعتقد بأن المقصود ليس التنشط وانما اتخاذ موقف ضد روسيا".

وترى ان استبعاد الرياضيين الروس قد يصب في مصلحة بوتين، والدليل ان شعبيته تضاعفت بعد العقوبات التي فرضت على روسيا على اثر ضم جزيرة القرم في آذار/مارس 2014.

- ماذا تفيد الالعاب الاولمبية؟ -

يعبر المعلق في اذاعة "ايكو" التابعة للمعارضة الروسية في موسكو انطون اوريخ عن اسفه بالقول "قرارات (اللجنة الاولمبية الدولية) متأثرة بجو سياسي مسموم".

من جانبه، يؤكد رئيس التحرير المساعد لموقع "championnat.com" للاخبار الرياضية يفغيني سوليوسارنكو "نشك بأن الرياضيين الروس يملكون الحق في يومنا هذا بمحاكمة عادلة".

واخطرت شبكات تلفزيونية رسمية عدة بأنها لن تنقل فعاليات اولمبياد 2018 في بيونغ تشانغ في حال استبعاد الرياضيين الروس عن المشاركة.

وتساءل المعلق في صحيفة "سوفيتسكي سبورت" ديميتري بونومارنكو "لماذا نحن بحاجة الى الالعاب الاولمبية؟ هل هي جامعة في الوقت الراهن؟ هل تعزز السلام في العالم؟".

واضاف "الرياضة المحترفة من وجهة نظري مرتبطة ارتباطا وثيقا بالالعاب السياسية، بالخداع، بالنميمة، بالكذاب وبقاذورات اخرى".

ويفضل الروس على الارجح التركيز على المونديال الذي تستضيفه بلادهم من 14 حزيران/يونيو الى 15 تموز/يوليو 2018 من اجل تلميع صورة رياضتهم.

وقال الرئيس بوتين الجمعة خلال سحب القرعة "بلدنا ينتظر بفارغ الصبر البطولة"، واعدا بـ"حفل رياضي كبير".