قد تكون الرواتب التي يتقاضاها البرتغالي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي وغيرهما من كبار لاعبي كرة القدم في العالم خيالية، لكن الاموال الناجمة عن عقود الاحذية تضاهيها ضخامة.

في تموز/يوليو 2017، تسبب الوجه الجديد في كرة القدم الفرنسية كيليان مبابي الذي تلهث خلفه الأندية الأوروبية الكبرى، بضجة من خلال الاعلان في حسابه على تويتر بأنه على وشك الكشف عن خبر هام جدا، وبدأ الجميع يتحدث عن أن الأمر يتعلق بانتقاله الى ريال مدريد الإسباني أو باريس سان جرمان.
 
لكن ما أعلنه المهاجم البالغ 19 عاما هو أن في صدد تمديد العقد الذي وقعه مع شركة المستلزمات الرياضية الاميركية "نايكي" منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره.
 
وبعدها بأسابيع معدودة، انتقل مبابي على سبيل الاعارة من موناكو الى باريس سان جرمان الذي ترعاه "نايكي" ايضا، مع خيار التوقيع نهائيا مع نادي العاصمة مقابل 180 مليون يورو.
 
انها ليست مسألة تتعلق وحسب بربط شريط الحذاء المصمم خصيصا لهذا اللاعب أو ذاك، أو تقاضي أموال طائلة من عقد الرعاية دون أي مجهود، بل أن اللاعبين يصبحون سفراء للعلامة التجارية ولديهم التزامات صارمة على صعيد العلاقات العامة.
 
ويتحدث فرانك هوكميلر، المتخصص بحقوق الصورة، عن هذه المسألة قائلا "الوضع ليس مشابها لتوليك وظيفة معينة وأن تكون موظفا لدى صاحب العمل. مع صفقة الرعاية هناك التزامات معينة. إذا وقعت صفقة مع اديداس، نايكي أو بوما، فهذا يعني أنهم اشتروا حقوق صورتك".
 
وواصل "كل ذلك يتصاحب مع حجم معين من متطلبات العلاقات العامة وإدارة الشبكة الاجتماعية".
 
- تسخير وسائل التواصل الاجتماعي -
 
هدف شركات المستلزمات الرياضية واضح - تسليط الضوء على منتجاتها، وتعتقد أن هذا الأمر يستحق أن تدفع الملايين من أجله.
 
ويرى كيفن جوفري، المسؤول في موقع فرنسي متخصص باخبار الملابس الرياضية (Footpack.fr)، أنه "تستثمر شركات الملابس الرياضية المزيد والمزيد من المال وتريد أن تجني شيئا في المقابل".
 
لذلك يتم تسخير حسابات اللاعبين على تويتر، انستاغرام أو سناب شات من أجل الترويج لمنتجاتها.
 
وقام نجم وسط ارسنال الانكليزي والمنتخب الالماني مسعود اوزيل مؤخرا بالترويج لشركة "اديداس" في حسابه على انستاغرام، حيث أشار الى أنه تربطه علاقة مدفوعة مع العلامة التجارية الألمانية. ويقال أن المبلغ الذي يتقاضاه اوزيل جراء ذلك يصل الى 3,7 مليون جنيه استرليني (4,19 مليون يورو) في السنة.
 
معظم اللاعبين الكبار لديهم صفقات مماثلة. فلاعب وسط فرنسا ومانشستر يونايتد الانكليزي بول بوغبا وقع مؤخرا صفقة لأعوام عدة مع "اديداس" بقيمة 40 مليون يورو بحسب التقارير.
 
ورغم اعتزاله اللعب في 2013، ما زال النجم الدولي الانكليزي السابق ديفيد بيكهام على علاقة مع "اديداس" ايضا، ونمط حياة المشاهير الذي يعيشه يتناسب تماما مع الاتجاهات الرياضية الحالية. وبما أنه خلع حذاءه الكروي، أصبح التركيز حاليا على منتجات أخرى مثل البزة الرياضية السوداء التي كان يرتديها لدى وصوله الى مطار لوس انجليس "ال اي اكس".
 
لا حاجة لتخمين هوية اللاعب الأكثر منفعة من عقود رعاية الأحذية في تاريخ كرة القدم، فنجم ريال مدريد الاسباني ومنتخب البرتغال كريستيانو رونالدو هو صاحب الصفقة الأغلى على الاطلاق، ويعتقد بأن عقده مع "نايكي" بقيمة 6,2 مليون جنيه استرليني سنويا.
 
ولإعطاء فكرة عن حرب المناقصة التي تدفع قيمة هذه العقود نحو ارقام خيالية، فإن العقد الذي وقعه مهاجم نيس الفرنسي الحالي ومانشستر سيتي وليفربول الإنكليزيين سابقا ماريو بالوتيلي مع الشركة الالمانية "بوما" قبل نهائيات مونديال 2014 كان مقابل 5,1 مليون جنيه استرليني سنويا.
 
لكن من المستبعد أن هذه الشروط المالية ما زالت قائمة بعد تراجع مستوى اللاعب واستبعاده عن تشكيلة منتخب بلاده.
 
- تضارب المصالح -
 
استخدام لاعبي كرة القدم من أجل الترويج للمنتجات ليس بالشيء الجديد. ففي ثلاثينات القرن الماضي، أطلق أندريه أبيغلن، المهاجم السويسري في نادي سوشو الفرنسي، علامته الخاصة للأحذية بشعار: "من أجل عامل جيد، أدوات جيدة، ومن أجل لاعب جيد، أحذية جيدة".
 
لكن لا يخلو الأمر من تضارب في المصالح، فنجم هولندا الراحل "الطائر" يوهان كرويف لم يكن يوافق على اللعب مع منتخب بلاده إلا في حال سمح له بانتزاع أحد خطوط "اديداس" الثلاثة من قميصه لأنه كان موقعا مع العلامة التجارية الفرنسية "لو كوك سبورتيف".
 
ووقع كرويف لاحقا مع "بوما" واستلم احدى كراته الذهبية الثلاث مع شعار العلامة التجارية مزخرف على جيب سترة العشاء.
 
وفي كأس العالم في فرنسا عام 1998، تجنب مدرب المضيف ايميه جاكيه مشكلة بعدما هدد عدد من لاعبي المنتخب بعدم المشاركة بسبب اجبارهم على ارتداء احذية "اديداس" وهم مرتبطون مع شركات منافسة.
 
وفي نهاية المطاف، خاض اللاعبون كأس العالم بحذاء "اديداس" وتوجوا ابطالا بين جماهيرهم على حساب البرازيل، لكن منذ ذلك الحين سمح لهم بارتداء الحذاء الذي يريدونه.
 
وهناك قصة أخرى متعلقة بالفرنسيين ايضا، إذ يقال أنه لم يسمح سوى للاعبين الذين يرتدون حذاء "نايكي" بالجلوس في الصف الأمامي خلال الصورة الرسمية للمنتخب المشارك في مونديال 2014 بغض النظر عن فارق الطول بينهم، وذلك لأن العملاق الأميركي هو الراعي الرسمي لمنتخب "الديوك".