قبل 31 عاما، بدأ الثري الايطالي سيلفيو برلوسكوني بطريقة استعراضية عهده في نادي ميلان لكرة القدم بعدما وصل على متن مروحية على وقع إحدى المقطوعات الكلاسيكية لفاغنر ، قبل ان يطوى الاستحواذ الصيني بصمت على أحد أعرق الأندية الأوروبية، عصرا ذهبيا بنجاحاته وخيباته.

 في 1986، شهد عشرة آلاف مشجع دخول القطب المالي والاعلامي الذي أصبح لاحقا رئيسا لوزراء ايطاليا. وفي 2017، يودع برلوسكوني (80 عاما) في عهدة مستثمرين صينيين، بهدوء ونوستالجيا، النادي الذي أحرز 29 لقبا في عهده.
 
وقال برلوسكوني الخميس "بمزيج من الحزن والمشاعر أغادر النادي. لن أنسى أبدا المشاعر التي اختبرها".
 
ومن المقرر ان يصبح رجل الأعمال الصيني لي يونهونغ الذي أسس شركة "روسونيري سبورت انفستمنت لوكس" التي اشترت النادي، رئيسا لميلان بدءا من غد الجمعة.
 
ويأتي هذا الاستحواذ بعد أقل من عام على شراء نادي انتر ميلانو من قبل مجموعة سونينغ الصينية. وسيشهد ملعب سان سيرو في مدينة ميلانو، أول "دربي صيني" بين ناديي المدينة السبت.
 
الا ان الاقبال الصيني على الأندية الايطالية (والأوروبية عموما) لن يشكل ضمانا لاستعادة ميلان الأمجاد التي خبرها في عهد برلوسكوني، والتي تراجعت تدريجا خلال الأعوام الماضية، اذ ان النادي لم يحرز لقب الدوري المحلي منذ 2011.
 
وفي ظل هيمنة يوفنتوس على كرة القدم الايطالية، وصعود ناديي روما ونابولي، يجد ميلان صعوبة في العودة، ويحتل حاليا المركز السادس في ترتيب الدوري، بفارق 20 نقطة عن يوفنتوس المتصدر.
 
وعلى رغم ان مسيرة برولسكوني السياسية طبعتها الفضائح الخاصة والعامة، الا ان عهده في ميلان كان ناجحا على مختلف الصعد.
 
29 لقبا منها خمسة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وثمانية ألقاب في الدوري المحلي، وخمسة ألقاب في كأس السوبر الاوروبية، ولقب وحيد في كأس العالم للأندية، جعلت من ميلان أحد أكثر الأندية نجاحا وشعبية جماهيرية في ايطاليا وأوروبا والعالم.
 
- البقاء أو الرحيل -
 
ووفرت الامكانات المالية للنادي قدرة على استقطاب أسماء كبيرة في عالم كرة القدم، مثل الثلاثي الهولندي رود خوليت وماركو فان باستن وفرانك رييكارد، والمدرب الايطالي أريغو ساكي الذي تولى هندسة عودة النادي الى خانة الكبار بعد عام من استحواذ برلوسكوني.
 
وهيمن ساكي وميلان على المنافسات الأوروبية بأسلوب لعب قام على تشكيلة تقليدية (4-4-2) مدعمة بخطة تسلل نادرا ما تخطىء.
 
ويتحدث المدرب السابق ساكي (71 عاما) بإعجاب شديد عن برلوسكوني، مستعيدا كيف قدمه الى لاعبي النادي.
 
ويقول "أتى وتحدث لزهاء 30 ثانية فقط، الا انه كان الخطاب الأكثر فاعلية الذي سمعته في حياتي".
 
يضيف "قال +ساكي هو المدرب الذي اخترته. اللاعبون الذين يؤيدونه يمكنهم البقاء في ميلان، الآخرون في امكانهم الرحيل+".
 
في العام 1988، أحرز ميلان لقبه الأول في الدوري الايطالي منذ تسعة أعوام، وأحرز بعدها بعام الكأس الاوروبية (للمرة الأولى منذ 1969) ودافع عن لقبها بنجاح في 1990. ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن أي ناد من الدفاع عن لقبه بنجاح في البطولة القارية الأبرز، والتي باتت تعرف منذ مطلع التسعينات بدوري أبطال أوروبا.
 
مهد رحيل ساكي في 1991 الطريق أمام مدرب مخضرم آخر هو فابيو كابيلو، اللاعب السابق في النادي، لقيادة "الروسونيري" الى ثلاثة ألقاب متتالية في الدوري بين العامين 1992 و1994.
 
وتضمنت مسيرة كابيلو سلسلة من 58 مباراة بلا هزيمة في الدوري المحلي، وبلوغ نهائي دوري الأبطال ثلاث مرات متتالية في 1993 و1994 و1995.
 
وبعد الخسارة أمام مرسيليا الفرنسي في 1993، أسقط ميلان برشلونة بقيادة الهولندي الراحل يوهان كرويف في العام التالي 4-صفر، قبل ان يخسر في 1995 بهدف قاتل للهولندي الشاب باتريك كلايفرت.
 
وانتظر ميلان حتى 2003 ليعانق الكأس الأوروبية مجددا في اشراف نجمه السابق الايطالي كارلو انشيلوتي، مدرب بايرن ميونيخ الالماني الحالي. وفاز ميلان في النهائي بركلات الترجيح على يوفنتوس.
 
وقال انشيلوتي الذي قاد ميلان لاحقا للقبه في كأس العالم للأندية، ان "برلوسكوني انتقدنا عندما كانت الأمور تسير بشكل جيد، ودعمنا عندما كانت سيئة. معظم رؤساء الأندية يقومون بالعكس".
 
وعلى رغم احراز ميلان لقبه الأخير في الدوري الايطالي عام 2011 بقيادة المدرب الحالي ليوفنتوس ماسيميليانو أليغري، الا ان خسارته العديد من اللاعبين المؤثرين صيف 2012 شكلت نقطة تحول لم يتمكن النادي من بعدها من استعادة أمجاده.
 
وفي كانون الاول/ديسمبر 2012، بدأ برلوسكوني يدفع لزوجته السابقة فيرونيكا لاريو 48 مليون دولار سنويا كجزء من تسوية طلاق.
 
وعندما أعلن ميلان في آب/اغسطس الماضي ان النادي سيكون معروضا للبيع، أبدى انشيلتوتي اعتقاده ان برلوسكوني "قاد النادي الى أبعد ما يمكن ان يصل اليه".