تخشى كل مدينة مضيفة لدورة الألعاب الأولمبية من وقوعها ضحية أمر من اثنين: اعتداء دام أو كلفة مالية باهظة يتطلب تعويضها سنوات طويلة. الا ان لطوكيو مضيفة أولمبياد 2020 هاجسا إضافيا: زلزال أو موجة "تسونامي" مدمرة.

قبل ثلاثة أعوام على انطلاق دورة الالعاب الصيفية التي تستضيفها العاصمة اليابانية بدءا من 24 تموز/يوليو 2020، تبذل سلطات المدينة جهودا مضاعفة لتبديد مخاوف الرياضيين والزوار المرتقبين في هذا الحدث الرياضي الأكبر في العالم.
 
وتعرضت طوكيو والمناطق المحيطة بها لهزات أرضية قوية على مدى العقود الماضية أبرزها زلزال كانتو الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص عام 1923، لوقوعها على فالق زلزالي نشط.
 
كما ضربت اليابان في العام 2011 هزة ضخمة تبعتها موجة مد "تسونامي" أدتا الى مقتل أكثر من 18 ألف شخص في شمال شرق البلاد، وعانى على اثرها الملايين من انقطاع في التيار الكهربائي وتوقف وسائل النقل، اضافة الى حصول تسرب من مفاعل فوكوشيما النووي، الواقع على مسافة 240 كلم من طوكيو.
 
ويقول المسؤول في معهد رصد الزلازل في جامعة طوكيو ناوشي هيراتا لوكالة فرانس برس "اذا وقعت هزة ارضية كبيرة في منطقة طوكيو في الفترة حتى انطلاق الالعاب سنة 2020، لن يعود السؤال حول استضافة الألعاب من عدمها، وإنما عن معرفة ما اذا كان الاقتصاد الياباني سيستطيع النهوض من جديد".
 
ويتوقع ان تصل الفاتورة الاقتصادية، في حال حدوث هزة ارضية ضخمة الى 95 مليار ين (730 مليار يورو). ويوضح هيراتا انه في هذه الحالة "لن يكون أمامنا سوى البحث عن مدينة مضيفة أخرى".
 
وعرفت اليابان بعملها الدؤوب للتأقلم مع تواتر الهزات الأرضية، لاسيما في مجال البناء. ويؤكد المسؤول في بلدية طوكيو المكلف الاشراف على المنشآت الاولمبية ساتورو سونادا ان "اليابان معرضة للهزات الارضية، لكن قواعد البناء فيها هي الاكثر دقة في العالم".
 
ويضيف "نقوم بكل ما نستطيع لتحضير المواقع من اجل ضمان حياة آمنة لكل شخص في ظل احتمال وقوع هزة أرضية كبيرة".
 
ويشدد سونادا على ان كل الشروط تلبي معايير مقاومة الهزات، ولذا تم تعزيز وتقوية البنى التحتية على غرار ملعب أرياكي الذي سيستضيف منافسات الكرة الطائرة، وبلغت كلفة بنائه 320 مليون دولار، وأقيم على مجموعة ضخمة من ممتصات الصدمات المطاطية.
 
- 70 بالمئة -
 
ويرى المدير العام للجنة اليابانية المنظمة لاولمبياد 2020 توشيرو موتو ان طوكيو "هي من المدن الافضل استعدادا في العالم لمواجهة كارثة طبيعية".
 
وبحسب أحدث التجارب الرسمية لمحاكاة الزلازل، تبلغ نسبة احتمال وقوع زلزال في العاصمة في العقود الثلاثة المقبلة 70%. وستؤدي هزة بقوة 7,3 درجات في حال حدوثها الى مقتل 23 الف شخص (70% منهم بسبب الحرائق) والى تدمير 610 الاف مبنى.
 
وطوكيو هي المدينة الوحيدة في العالم التي تقوم على ثلاث طبقات بنائية، بينما تعتبر مدينة يوكوهاما المجاورة من المناطق المدنية الأكثر تعرضا لزلزال قوي أو "تسونامي"، بحسب دراسة أجرتها عام 2013 شركة "سويس ري" السويسرية، ثاني أكبر شركة لاعادة التأمين.
 
واذا ما ترافق الزلزال مع "تسوماني"، يبدو المنظمون للالعاب مطمئنين ايضا لان المنشآت الاولمبية في خليج طوكيو جهزت او تمت حمايتها بسدود قادرة على مقاومة موجة عارمة يصل ارتفاعها الى مترين.
 
الا ان الباحث المتخصص في دراسة هذه الموجات كوجيرو سوزوكي، يحذر من عدم الركون فقط الى الاجراءات الوقائية.
 
ويقول ان "الاضرار قد تتجاوز بكثير المتوقع. عندما تبلغ المياه ارتفاع 10 أمتار، حتى جدران الاسمنت المسلح تتهاوى. لا يمكننا الركون الى السدود فقط، وانما تكون عمليات الاجلاء مهمة للغاية".
 
وتعتزم بلدية طوكيو إعداد كتيب بلغات عدة، يشرح لزوار الألعاب سبل التصرف وعمليات الاجلاء في حال وقوع أي كارثة. كما تنظم حملات وتمارين توعية موجهة الى الاجانب.
 
ويركز الاختصاصي في الكوارث الطبيعية في جامعة طوكيو مانابو تاكاهاشي على ان اليابانيين اعتادوا منذ طفولتهم على أوضاع مماثلة، الا ان "متابعي الالعاب والرياضيين يكتشفون طوكيو للمرة الأولى، ولا يعرفون الى اين وكيف يهربون في حال حصول شيء من هذا القبيل".
 
ولا تشكل الهزات الأرضية الهاجس الطبيعي الوحيد المحيط بطوكيو، بل ان أي ثوران لبركان فوجي الواقع على مسافة 100 كلم غرب طوكيو، قد يغطي العاصمة بطبقة كثيفة من الغبار والرماد، ويكبدها خسائر مالية تصل الى 22,5 مليار دولار.
 
ويقول الاستاذ السابق في جامعة طوكيو والخبير في دراسات الزلازل والبراكين توشيتسوغو فوجي ان "الناس غير المعتادين على الهزات الأرضية قد يصابون بالهلع حتى في حال حصول ارتجاجات بسيطة".
 
 يضيف "يصعب التنبؤ تحديدا، لكن ثوران بركان فوجي في المستقبل القريب لن يكون مفاجئا (...) علينا أخذ هذا الخطر في الحسبان".