&تدريب نادي برشلونة الإسباني ليس مهمة سهلة رغم أن ما يملكه الفريق من إمكانيات مادية وبشرية وفنية من شأنها تسهيل عمل المدير الفني ، بل يعتبر عملاً شاقاً ومضنياً يتطلب بذل طاقة بدنية وذهنية لمواجهة الضغوطات المختلفة وتحقيق النجاح المنشود.

ولم يكن الرفض المطلق لكل من الإسباني بيب غوارديولا في عام 2012 ، ومن ثم مواطنه لويس انريكي في عام 2014 ، بتمديد تعاقدهما مع النادي وتفضيلهما الرضوخ للراحة موسما كاملاً سوى اعترافاً صريحاً منهما بصعوبة مهمة تولي جهازاً فنياً لفريق مثل برشلونة ، مما يؤكد إقرار عجزهما عن المواصلة مهما كانت الإغراءات الفنية أوالمادية.
&
صحيفة "آس" الإسبانية نشرت تقريراً تخلله صورة لثلاثة مدربين تولوا مهام الإشراف على تدريب برشلونة ، وهم المدرب الحالي ارنيستو فالفيردي و المدربين السابقيين بيب غوارديولا و لويس انريكي ، حيث أرفقت صورتين لكل مدرب ، الأولى غداة توليه المهمة والثانية بعد مرور عام أو عدة أشهر على رئاسته للجهاز الفني للفريق.
&
و تكشف الصورة حالة تغير كبيرة في الملامح الخارجية للمدربين الثلاثة ، فالشعر كان كثيفاً وأسوداً ولكنه تساقط برطق مختلفة بعد توليهم مهمة تدريب الفريق الكتالوني ، كما أن ملامح الوجه تغيرت، إذ برزت عليهم علامات تقدم السن والتجاعيد وحل اللون الأصفر محل اللون الأحمر على وجوه المدربين الثلاثة ، وتغيرت النظرة من التفاؤل إلى الحيرة.
&
و لم يكن هذا التحول في الشكل سوى نتيجة للجهود المضنية والشاقة التي يقوم بها كل مدرب عند توليه مهمة تدريب الفريق من أجل تحقيق الإنجازات للفريق تحت تأثير الضغوطات الكبيرة ، بداية بضغط قوي يفرضه الخوف من الفشل مروراً بضغط إدارة النادي التي لا تعترف سوى بالنتائج ، ثم ضغط الجماهير التي لا ترحم ولا يهمها سوى تحقيق الإنتصارات، ثم ضغط اللاعبين الذين قد لا يتفهمون قرارات الجهاز الفني ، ونهاية بضغط المباريات والمنافسين ، بعدما أصبح الفوز على برشلونة يمثل إنجازاً للأندية الصغيرة والكبيرة في مختلف المسابقات.
&
ولا يقتصر الضغط النفسي الذي يعيشه مدرب برشلونة على يوم المباراة فقط ، ولكنه يتعداه ذلك إلى ما قبل وبعد المواجهات، ، إذ مع كل فوز يحققه الفريق ، يبدأ المدرب في التفكير كيف يحقق فوزاً جديداً ، مما يجعله يعيش ضغطاً نفسياً متواصلاً حتى خلال التدريبات وأيام الإجازات.
&
هذا ويتجاوز الضغط النفسي للمدرب ليصل إلى مستويات قياسية وخطيرة على صحته ، بعدما أصبح الهدف المرسوم عند بداية كل الموسم هو تحقيق الثلاثية أي الفوز بلقب الدوري والكأس المحليتين ، ودوري أبطال أوروبا مثلما فعل ذلك غوارديولا في عام 2009 ثم إنريكي في عام 2015 ، فيما يعتبر عدم القدرة على تكرار هذا الإنجاز بمثابة الفشل الذريع لإدارة النادي والجهازين الفني والإداري وكذلك اللاعبين .
&
وتشكل مباراة "كلاسيكو الأرض" ضد الغريم التقليدي ريال مدريد هاجساً يُسرع من ظهور تجاعيد الوجه وتساقط شعر المدرب في ظل الضغط الإداري والجماهيري و الإعلامي الذي يصاحب هذه المواجهة ، نظراً لمطالبات الفوز بالموقعة الأشهر في العالم ، سواء اقيمت في "الكامب نو" أو في "السانتياغو بيرنابيو".
&
و الحقيقة أن برشلونة في عهد نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي والمدربين الثلاثة ، كان قد بلغ مرحلة من المجد ، جعلت جماهيره لا تتفهم سوى لغة واحدة هي لغة الإنتصارات والتتويج بالألقاب بنهاية كل موسم مع أداء فني راقي ومستوى متميز.
&
ولتحقيق معادلة الفوز والتتويج المقرون بتقديم أداء فني متميز ، فأن ذلك يتطلب من مدرب برشلونة التضحية بوقته و راحته وحتى صحته ، من أجل بذل جهوداً مضنية في الملعب ومركز التدريبات واللاعبين وحتى مع أفراد أسرته.
&
و إن كانت هذه الجهود المضنية تنتهي بمجد للمدرب فإنها أيضا تؤدي إلى بروز علامات التقدم في السن مبكراً على وجوه كل من يتحلى بالشجاعة ويقبل بتولي مهمة الجهاز الفني لأفضل نادٍ في العالم لسبب بسيط يتجلى في شعاره الذي يحمل عنوان :"برشلونة ليس مجرد نادٍ" .