أظهر انقضاض نادي باريس سان جرمان على حامل لقب الموسم الماضي موناكو ليل الأحد، واستعادته لقب الدوري الفرنسي باستعراض تهديفي، حجم المعضلة التي تواجهها كرة القدم المحلية في ظل الهيمنة المطلقة لنادي العاصمة.

بخسارة قاسية بنتيجة 1-7، "أعاد" موناكو لقب الدوري الفرنسي الى نادي العاصمة، مانحا اياه لقبه الخامس في ستة مواسم، وفشل في الاحتفاظ باللقب الذي أحرزه الموسم الماضي للمرة الأولى منذ عام 2000.

كان نادي العاصمة المملوك من شركة قطر للاستثمارات الرياضية، يحتاج الى الفوز لحسم اللقب قبل ست مباريات على نهاية موسمه. أي أمل بقدرة النادي الجنوبي على حرمان سان جرمان من الاحتفال على ملعبه بارك دي برانس، تبخر في نصف الساعة الأولى بعد تسجيل المضيف أربعة أهداف.

اللافت أيضا ان هذه النتيجة القاسية حصلت في غياب عدد من النجوم الأساسيين في سان جرمان، يتقدمهم أغلى لاعب في العالم البرازيلي نيمار الغائب منذ نهاية شباط/فبراير بسبب كسر في مشط القدم، والايطالي ماركو فيراتي المصاب، والشاب كيليان مبابي الذي بقي على مقاعد البدلاء.

وكتبت صحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسية ان موناكو "لم يظهر في أي لحظة انه قادر على القيام بردة فعل، أو انه حتى راغب في القيام بذلك".

الا ان السؤال الذي يطرح بعد "نهاية" مماثلة للموسم، هو انعكاس هذا "الاستعراض" على صورة كرة القدم الفرنسية، في وقت يأمل المسؤولون عن اللعبة في خلق "رباعي" من الأندية الكبيرة والقوية القادرة على جذب عائدات اضافية من النقل التلفزيوني، واستقطاب مشجعين حول العالم.

موناكو، ليون ومرسيليا هي الأندية التي ستنهي الموسم "قريبة" الى حد ما من سان جرمان، وبعيدة عن الأندية الـ 16 الأخرى في الدرجة الأولى. 

حقق مرسيليا نتيجة لا بأس بها على الصعيد القاري هذا الموسم، ووصل الى نصف نهائي مسابقة الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ"، بينما بات موناكو يتمتع بـ "سمة" تخريج المواهب الناشئة والدفع بها نحو الأندية الكبيرة، كما فعل في ختام الموسم الماضي بعد تتويجه باللقب. 

أما ليون، فيسير على درب مماثل، ويأمل مع انتقاله الى ملعبه الجديد، في ان يصبح لاعبا يحسب له حساب على الساحة القارية.

في تصريحات الأسبوع الماضي، أكد المدير العام للدوري الفرنسي ديدييه كيو ان بلاده لديها "الأربعة الكبار"، على عكس ألمانيا على سبيل المثال حيث يبدو بايرن ميونيخ ملكا أوحد للعبة بعد تتويجه بلقبه السادس تواليا، أو حتى ايطاليا حيث يقترب يوفنتوس من اللقب السابع تواليا، على رغم انه يواجه منافسة أكبر هذا الموسم.

- "الوحش" -

الا ان كل ذلك أتى قبل ما قام به سان جرمان مساء الأحد.

كان كيو الأسبوع الماضي فخورا بأن الدوري الفرنسي يستقطب عائدات متزايدة من الرعاة وعقود البث التلفزيوني، على رغم ان فرنسا لا تزال بعيدة في هذا المجال مقارنة ببطولات أوروبية أخرى لاسيما انكلترا واسبانيا، حيث تقدر عائدات النقل بمليارات الدولارات سنويا على الأقل، وجزء كبير منها يأتي من بث المباريات خارج البلاد.

الا ان بعض مسؤولي الأندية بدأوا بالتحذير من مضار هيمنة سان جرمان، ومنهم رئيس ليون جان-ميشال أولاس الذي يعتبر ان الهيمنة - وان كانت غير محصورة بفرنسا فقط - لا تساعد في تشجيع المشاهدين الأجانب.

ويقول أولاس "باريس سان جرمان (قادر) على إنهاء الموسم بفارق 25 نقطة، لا يساعد في تعزيز قيمة الحقوق (التلفزيونية)"، علما ان الفارق بين سان جرمان وموناكو بعد خوضهما 32 مباراة (من 38) بلغ 14 نقطة. 

يضيف "علينا توفير دوري متوازن مع ثلاثة أو أربعة فرق من المستوى الأعلى لكي نتمكن من تسويقه (...) عالم الاحتراف هو على مفترق طرق، لأنه خلق نوعا من +الوحش+ مع باريس سان جرمان".

كشر هذا "الوحش" عن أنيابه بقوة في سوق الانتقالات الصيفية العام الماضي، فجعل من نيمار أغلى لاعب في العالم بضمه من برشلونة الاسباني لقاء 222 مليون يورو، وأتبع ذلك بعد أسابيع بصفقة ستضمن انتقالا نهائيا لمبابي من موناكو مقابل مبلغ يقدر بـ 180 مليون يورو.

هذا الموسم، ومع تبقي ست مباريات، يجد سان جرمان نفسه قادرا على تخطي عتبة المئة نقطة (84 حاليا)، ليصبح أول فريق يحقق ذلك في تاريخ الدوري الفرنسي. الأكيد ان الفريق الذي أحرز أيضا لقب كأس الرابطة المحلية، يضع نصب عينيه الهدف الأسمى: دوري أبطال أوروبا.

الا ان أسئلة عدة لا تزال تنتظر إجابات عليها قبل الشروع في المهام المقبلة: هل يبقى المدرب الاسباني أوناي إيمري؟ وهل يبقى نيمار في ظل التقارير الصحافية التي تحدثت عن احتمال رحيله الى ريال مدريد؟ والأهم، هل يدفع سان جرمان قاريا، ثمن غياب المنافسة محليا؟