يمثل قرار الفرنسي أرسين فينغر مدرب أرسنال الانكليزي لكرة القدم بالتنحي عن منصبه بعد 22 عاما، نهاية حقبة مهمة في تاريخ المدرب والنادي اللندني، أيضا فرصة لفريق "المدفعجية" لإعادة ترسيخ موقعه بين الكبار في انكلترا وأوروبا على حد سواء.

وأعلن فينغر في بيان نشره النادي على موقعه الالكتروني الجمعة انه سيغادر ناديه نهاية الموسم الحالي وقال "بعد دراسة متأنية ومفاوضات مع النادي، أشعر بأن الوقت مناسب للتخلي عن منصبي في نهاية الموسم".

وتابع "أنا ممتن لانه كان لي شرف خدمة النادي لسنوات عديدة لا تنسى".

وانهال المديح من لاعبين سابقين وحاليين ومنهم خصوم الأمس على مدى العقدين الماضيين، مثل الإسكتلندي "السير" أليكس فيرغوسن مدرب مانشستر يونايتد السابق ومدربه الحالي البرتغالي جوزيه مورينيو، للإشادة بمشوار فينغر الطويل مع أرسنال ومساهمته في "ثورة" كرة القدم الانكليزية في العقدين الماضيين.

الا ان رحيل فينغر لم يأت من فراغ، بل يحصل بعد دعوات متزايدة له بالتنحي، لاسيما من قبل مشجعي النادي اللندني الغاضبين من تراجعه خلف منافسيه في الدوري الإنكليزي الممتاز.

وفشل فينغر في الفوز بلقب الدوري منذ 14 عاما، وتحديدا منذ أن حقق أعظم انجاز في تاريخ النادي اللندني موسم 2003-2004 مع التشكيلة التي "لا تقهر" حيث فاز باللقب من دون تلقي أي خسارة.

وازدادت الفجوة بين فينغر وجماهير النادي بعدما فشل الموسم الماضي في بلوغ دوري أبطال اوروبا للمرة الاولى منذ 20 عاما، وهي المسابقة التي لم يتمكن النادي من تخطي دورها ثمن النهائي منذ عام 2010.

وهذا الموسم، يعول أرسنال على احتمال فوزه بلقب مسابقة الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" للمشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل، اذ ان ترتيبه الحالي في الدوري (المركز السادس، وهو الأسوأ في مسيرة الفرنسي) لن يتيح له التأهل كأحد أفضل أربعة أندية انكليزي.

وبلغ "المدفعجية" نصف نهائي "يوروبا ليغ"، وتنتظرهم مواجهة صعبة ضد أتلتيكو مدريد الاسباني، ذهابا في لندن في 26 نيسان/أبريل الحالي، وإيابا في مدريد في الثالث من أيار/مايو المقبل.

ووجه الرئيس التنفيذي لأرسنال اليوناني إيفان غازيديس تحية حارة من القلب لفينغر الجمعة، الا انه تهرب من أسئلة الصحافيين حول ما اذا كان الفرنسي الذي مدد عقده الموسم الماضي لعامين، قد اختار الرحيل من تلقاء نفسه، أو انه قام بذلك بعد ضغوط من مجلس الادارة.

وشدد غازيديس على انه توجب التوصل الى قرار بهذا الشأن قبل نهاية الموسم، لمنح أرسنال فرصة لإيجاد البديل المناسب. وقال "سيكون صيفا مكثفا مع كاس العالم في منتصفه وباب ضيق للانتقالات، لذا اعتقد انه من الأفضل بالنسبة لنا جميعا ان نتمتع بهذا الوضوح" في أقرب وقت ممكن.

- نافذة مشرعة على الاحتمالات - 

وما أن اعلن عن رحيل فينغر حتى بدأت مكاتب المراهنات بتداول أسماء المدربين المحتملين لخلافة الفرنسي، مع بروز أسماء مواطنه والقائد السابق للنادي اللندني باتريك فييرا، والذي لعب في إشرافه ين عامي 1996 و2005، وبراندون رودجرز مدرب سلتيك الاسكوتلندي، والالماني يواكيم لوب مدرب منتخب بلاده.

وفي هذا الشأن أكد غازيديس ان أرسنال سيبحث عن التعاقد مع مدرب يملك عقلية كروية هجومية ليتبع خطى فلسفة سلفه فينغر.

أضاف "من المهم بالنسبة لي أن نتابع قيم كرة القدم التي أرساها أرسين (فينغر) في النادي"، مشددا في الوقت ذاته على انه يريد ان يرى "شخصا سيواصل (القيام بـ) ذلك لمشجعينا... يريدون ان يشاهدوا كرة قدم (...) مثيرة تجعل الاشخاص يهتمون ويتحمسون للمباريات التي نلعبها".

ومع رحيل فينغر ستكون أولويات أرسنال إعادة المشجعين إلى المدرجات والى ملعب "الإمارات"، خصوصا أن جماهير النادي اللندني تدفع أعلى اسعار تذاكر في الدوري الانكليزي الممتاز لمشاهدة مباريات فريقها. 

وقد ظهر سخط هذه الجماهير على تواضع أداء الفريق مع فينغر عبر الأجزاء الكبيرة من المقاعد الفارغة خلال المباريات التي خاضها أرسنال على أرضه، ردا على الخسارة المؤلمة في نهائي كاس رابطة الأندية الانكليزية أمام مانشستر سيتي صفر-3 في شباط/ فبراير الماضي، أو اللافتات المطالبة برحيله التي رفعت مرارا في المدرجات.

ويواجه مجلس إدارة النادي برئاسة الاميركي ستان كرونكي الذي إستحوذ على أكثرية الاسهم في النادي اللندني عام 2011، لتصحيح الأمور وإعادة الفريق إلى سكة الانتصارات.

وبينما كانت حقبة فينغر متعرجة مع نهاية مخيبة للآمال، استفادت الأندية الأخرى من تخبط ارسنال للتعاقد مع أفضل المدربين العالميين على غرار الإسباني جوسيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي، ومورينيو (مانشستر يونايتد)، والألماني يورغن كلوب (ليفربول)، والأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو (توتنهام) والإيطالي أنطونيو كونتي (تشلسي). 

وظل أرسنال، برغم تخبطه لتحقيق أفضل النتائج على أرض الملعب في المواسم الماضية، سادس أغلى ناد في العالم، بحسب تقييم شركة "ديلويت" للتدقيق المالي. وكثيرا ما استغل مجلس الإدارة تردد فينغر في مواجهة تضخم بدلات الانتقال والأجور للاعبي كرة القدم، كدرع وعذر لعدم صرف الأموال بالرغم من احتياطي المال الوفير للنادي.

الا ان هذه "العقبة" انتفت حاليا، ما يفتح الباب على احتمال ان يكون الصيف المقبل، فترة انتقالية بامتياز في ملعب "الامارات".