بين الغضب والدعوة الى الصمود


نسرين عجب : يتحدثون عنها بغضب، تنديدهم بالجرائم التي ترتكب لا تقتصر على الأحاديث التي تدور بينهم، بل تتخطاها الى كل السبل التي يستطيعون التعبير من خلالها.
صورة غزة اليوم تعيد الى أذهان الشباب اللبناني صورة لبنان الذي عاش الاعتداء نفسه والوحشية نفسها. وقد يكونون أخبر من غيرهم بمعاني الجرائم الاسرائيلية التي لا تفرق بين مقاتل وطفل.
يترجم سامر (27 عاماً) تعاطفه بالقول: quot;ما ارخصك يا فقير في حياتك يعدوك صوت وفي مماتك يعدوك شهيد، ولا أحد تفرق معه انك انسانquot;.
أما الين (30 سنة) فتعبّر: quot;أطفال غزة هم أطفال.. لا تتجاهلوا ذلك أو تبقوا صامتينquot;. وتستشهد بما قاله الياس خوري: quot;الرهان الاسرائيلي على موتنا لا يوازيه سوى رهان النظام العربي على قمعنا. نظامان يتناوبان على مهمة تحطيم مجتمعاتنا وثقافتنا. كل كلام عن التخلي عن المواجهة في احدى الجبهتين، هو استسلام على الجبهتينquot;.
واذا كان سامر والين عبّرا مباشرة عن ما يجول في خاطرهما، فلبنى (35 عاماً) ورنا (27 عاماً) وراغب (20 عاماً) وفرح (25 عاماً) اختاروا دعم غزة عبر الفايس بوك حيض يضعون عبر مواقعهم تقارير بعدد الشهداء والأطفال الذين يسقطون، بالاضافة الى الجرحى، داعين رفاقهم الى دخول مواقع داعمة لغزة.
بعض الشباب وجد في الاستنكار وسيلة ليعبروا عن ما يجول في خاطرهم، أما البعض الآخر فاختاروا التشجيع على الصمود كمهى (26 عاماً) والتي اختارت قول:quot;واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا. ولنا هدف واحد واحد واحد: ان نكونquot;. والحال مشابه عند زينب (23 عاماً) والتي اختارت تعبير: quot;غزة اليوم .... بطعم العزةquot;.
هذه ردة فعل الشباب اللبناني على ما يحصل في غزة، ولكن كيف يقرأ الشباب هذا العدوان؟
يقول سلمان (27 عاماً): quot;العدوان على غزة يمكن ان نراه من منظورين: منظور اسرائيلي مبني على فشل الجيش الاسرائيلي في تحقيق اي مكسب امني منذ 2006، ومحاولة لرفع المعنويات لدى المستوطنين بقدرة جيشيهم على حمايتهم، من خلال كسب الوقت كما يجري عادة في المراحل الانتقالية سواءً في اسرائيل او في امريكا. ومن منظور حماس لم يكن ذلك التصعيد الا للتعبير عن الغضب الايراني من الموقف السوري الذي اراد الانتقال من المفاوضات غير المباشرة الى المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، فبتحريك جبهة غزة تعيد سوريا النظر بمواقفها، خصوصاً أنها تعتبر نفسها من دول التصدي العربيquot;.
أما مي (33 عاماًَ)، وهي صحافية لبنانية مهاجرة الى أميركا، فتشرح وجهة نظرها: quot;الصورة التي استبدلتها في بروفيلي على quot;الفيسبوكquot; رسمتها بعد العدوان على لبنان عام 2006، وأنا اشعر الشعور عينه اليوم عندما اشاهد نتائج عملية quot;الرصاص المصبوبquot;. الجريمة كبيرة. ولا أحد مهتم بالعدالة والسلام، وخصوصاً اسرائيل من خلال عدوانها هذاquot;. وتتابع: quot;لست بمحللة سياسية انما مشاهدة ومتابعة، واجد اسرائيل مصابة بهلع ربما يفسر بأن خسارتها ليست ببعيدة كما أعتقدquot;. أما عن انعكاس ما يحصل في غزة عليها فتقول: quot;تصريحات المسؤولين الأميركيين هنا توحي بأن ما يجري حرب غير التي نشهدها. يصورون اسرائيل الضحية والتصريحات بمجملها تطالب بوقف عدوان صواريخ حماس. وأكثر ما يؤلمني أن جثة اسرائيلي اقيم من جثة طفل أو طفلة فلسطيني ربما بعشرات المرات. من منطلق انساني، ما يجري يقلقني في انسانيتي ويجعلني اخرج غضبي على الحياةquot;.
وبالمختصر يقول اكرم (28 عاماً): quot;انها سياسة الحرب لاضعاف اي فرصة لتحرير فلسطين. أما المواقف العربي،ة فما هي الا اجرام بحق الاطفال والنساء وخيانة كبرى من قبل كل العربquot;.
في ما يخص استمرار العدوان، يتوقع سلمان ان يستمر العدوان عشرات الايام حتى يتحسن الموقع الاسرائيلي ويمكنها من الحصول على قرار دولي اسوةً بالقرار 1701. ولا يرى ان العدوان سيمتد على لبنان. ولكنه يتمنى أن تفتح جبهة لبنان وجبهة اخرى في رام الله quot;في ظل هذا الارتباك الحاصل اليوم لدى العدو مما يحسم المعركة بشكل شبه نهائي ويفرض شروط عربية لاول مرة على العدو الاسرائيليquot;. أما مي فتتوقع أن يستمر العدوان أقل من شهر، على خلفية ان القطاع اصغر مساحة من لبنان. وتفسّر:quot;يبدو أن اسرائيل يهمها أن تعلو شعبية حماس كما حدث مع شعبية حزب الله في لبنان بعد حرب تموزquot;. وتتساءل: quot;بالطبع الامكانيات مختلفة ولكن قرار مماثل يدعو للتساؤل الم تتعلم اسرائيل من تجربتها في الضاحية الجنوبية؟quot;. وتستبعد ان يمتد العدوان الى لبنان، مع عدم استبعاد المفاجاءات المرّة من اسرائيل وقنابلها العنقودية.
خلاصة القول، العدوان الاسرائيلي على غزة له لون واحد، لون اسود اجرامي، ولا يمكن ان يراه الشباب اللبناني او اي شباب عربي بألوان اخرى. ولكن هذا الشباب ليس أمامه سوى الاستنكار والشجب، لذا يطلب من البلدان العربية التطلع الى غزة بإنسانية اكثر. وينادي الحكام العرب باتخاذ مواقف شجاعة وانسانية، طالباً ان يضع كل مرء نفسه مكان طفل صغير ولد في غزة. ويسأل: متى تنتهي الجريمة؟ والى متى سينتظر ليرى اطفال فلسطين يضحكون؟