ارتفع معدل سن الزواج في الاردن في السنوات الاخيرة تحت وطأة الاوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة، ما ادى الى بروز ظاهرة العنوسة في المملكة.

ويقول مفيد السرحان مدير جمعية العفاف الخيرية (جمعية اسلامية غير حكومية)، لوكالة فرانس برس ان quot;هناك نحو 96 الف فتاة تجاوزن سن 30 عامًا ولم يسبق لهن الزواجquot; في المملكة التي يبلغ عدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة، واصفًا هذا الوضع بانه quot;ظاهرة مقلقةquot;.

واضاف ان quot;عدد النساء اللواتي لم يسبق لهن الزواج من عمر ثلاثين عامًا وما فوق تضاعف 14 مرة عما كان عليه الحال قبل 28 عامًاquot;، محذّرًا من ان quot;انخفاض فرص الزواج يؤدي الى انخفاض فرص الانجاب وبالتالي التأثير على البنية الديموغرافية للمجتمع وانتاجيتهquot;.

وبحسب دراسة اجرتها الجمعية شملت من تجاوز سن 15 عامًا كان هناك اكثر من 1,5 مليون شخص غير متزوج في المملكة حتى نهاية عام 2007 بينهم نحو 800 ألف من الذكور وقرابة 740 ألفًا من الاناث.

وينص قانون الأحوال الشخصية الاردني على ان سن الزواج هو 18 عامًا مع اعطاء القاضي الحق في تزويج من أتمت 15 عامًا من عمرها اذا رأى ان في زواجها مصلحة لها وكذلك الحال بالنسبة إلى الزوج.

وجاء في الدراسة ان quot;نسبة العزوبية في الاعمار أقل من 30 عامًا قد ارتفعت بشكل كبير ولكلا الجنسينquot;.

واوضحت أن quot;نسبة الذكور غير المتزوجين في الفئة العمرية 20 الى 24 عامًا قد ارتفعت من 53% 1979 الى 94% عام 2007، فيما ارتفعت لدى الفئة العمرية من 25 الى 29 عامًا من 31,5% الى 65%quot;.

واضافت انه quot;بالنسبة إلى الاناث ارتفعت نسبة غير المتزوجات للفئة العمرية 20 الى 24 عامًا من 33,6% الى 67%، وفئة 25 الى 29 عامًا من 12,8% عام 1979 الى 34% عام 2007quot;.

ويقول سري ناصر، دكتور علم الاجتماع في الجامعة الاردنية لوكالة فرانس برس انquot;ارتفاع سن الزواج ومعدلات العنوسة مشكلة قد تكون خطرةquot;. واوضح ان quot;العامل الاقتصادي يقوم بدور كبير في احجام الشباب الذين ليست لديهم القدرة المادية على الزواج نظرًا لتكاليفه العاليةquot;.

وحذر ناصر من ان ذلك قد يؤدي الى quot;كبت عاطفي وجنسي ربما يؤدي الى الجنوح وممارسات غير شرعية أو شاذة وظهور أمراض واختلالات في بنية المجتمعquot;.واكد ان quot;الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بدأت تدفع بالكثير من الشباب الى الهجرة بحثا عن فرص عمل ومدخول أكبرquot;.

وتقدر نسبة البطالة في الاردن وفقا للارقام الرسمية ب14,3%، بينما تقدرها مصادر مستقلة ب25%، فيما يعيش نحو 15% من السكان تحت خط الفقر.

وسجل معدل التضخم في المملكة خلال 2008 مستوى قياسيًا بإرتفاعه الى 15,5% مقارنة مع 2007 وتجاوز عجز الموازنة عام 2009 المليار دينار (1,4 مليار دولار).

ورأى السرحان ان quot;انتشار البطالة وتدني مستوى الأجور والرواتب مقارنة مع متطلبات الحياة الأساسية يجعل الشباب غير قادرين على التوفير والادخار والتهيئة للزواجquot;.ويضيف quot;لو قارنا متوسط تكلفة الزواج مع متوسط الدخل سنجد أن الشاب يحتاج من 8 الى 10 سنوات على الأقل ليدخر ويوفر متطلبات الزواجquot;.

ويقول يوسف دعنة (31 عامًا)، الذي يعمل مدير تسويق في احدى شركات الشحن، لوكالة فرانس برس بأن quot;الوضع المادي لا يسمح لي حاليا بالزواجquot;.ويضيف ان quot;الاوضاع الاقتصادية تجعل الزواج مشروعًا صعبًا نظرًا لتكاليفه الباهظةquot;، مؤكدًا ان quot;اجرة السكن وحدها قد تستنزف 40% من راتبي الشهريquot;.

ويؤكد دعنا ان quot;ارتفاع اسعار الذهب مؤخرًا شكل عبئا اضافيًا على كاهل المقبلين على الزواجquot;.

ويتفق علاء جون (29 عاما)، الذي يعمل في التصميم الغرافيكي، مع دعنة على ان quot;الشباب يواجهون صعوبات كثيرة تحول بينهم وبين الزواجquot;.

واضاف quot;اذا استطعنا تأمين المنزل فإنّنا لا نستطيع تأمين تكاليف العرس من أثاث وحفلات وذهبquot;، مشيرًا الى ان quot;العادات الاجتماعية تفرض الكثير من المصاريف الاضافيةquot;.

ويقدر معدل دخل الفرد السنوي في الأردن ب 2700 دولار أي ما يعادل نحو 225 دولارا شهريا.

وترى هبة محمد (27 عامًا)، وهي سكرتيرة غير متزوجة، ان quot;تكاليف الزواج باتت باهظة جدًاquot;. وأوضحت ان quot;متطلبات الزواج العصرية إبتداءً من حفلة الزواج وفستان العرس وشهر عسل مرورًا بكلفة الاثاث ومنزل الزوجية ما يشكل عائقًا امام المقبلين على الزواجquot;.

أما بالنسبة إلى ليلى موسى (30 عامًا)، وهي موظفة في شركة تأمين تزوجت حديثًا، فإن quot;الاوضاع الاقتصادية الصعبة دفعت بالكثير من الفتيات الى عدم التفكير بالزواج والبحث عن فرصة عمل أملا في تحسين اوضاعهن ومساعدة عائلاتهنquot;.

وتؤكد ليلى ان quot;على المجتمع تغيير نظرته في هذا الموضوع والا يتحدث عن من تجاوزن سنا معينا على انه قد فاتهن قطار الزواجquot;.

ومن جهته، يؤكد فواز الرطروط، الذي يعمل مدير قسم التوعية في وزارة التنمية الإجتماعية ان quot;الفقر والبطالة والعامل الاقتصادي ليس وحده سبب رفع سن الزواجquot;، مشيرًا الى ان quot;رغبة الكثير من الفتيات بمواصلة تعليمهن والعمل هو سبب آخر لهذه المشكلةquot;.

ويشير الى أن quot;14% من نساء الاردن يساهمن ضمن القوى العاملة وبعضهن لديهن مشاريعهن الخاصة ومعدلات التحاق الإناث في بعض المستويات الدراسية يفوق الذكورquot;.

ويؤكد الرطروط ان quot;الفتاة اليوم تريد تحقيق ذاتها من خلال مواصلة التعليم والعمل ولا ترغب بالزواج مبكرًا وأعتقد ان نظرة المجتمع بدأت تتغير شيئًا فشيئًا تجاه تأخر سن الزواجquot;.