نسرين عجب: أنها المنحنى الذي يجعل الكثير من الأمور سويّة. هي كما وصفها فولتير: quot;تذيب الجليد.. وتنشر الارتياح.. وتبلسم الجراح.. أنها مفتاح العلاقات الانسانيه الصافيةquot;.
الابتسامة، حركة بسيطة تحدث في ومضة عين، ولكن يبقى ذكرها، تقولها الشفاه وملامح الوجه الأخرى، فتصل بأقصر طريق الى القلوب.
تلعب الابتسامة دوراً ايجابياً في الانطباع الذي يتركه الشخص لدى الآخرين، إذ تعكس اللطف وتشكل جواز المرور الأسرع الى القلوب.
وفي جولة بسيطة على بعض الوظائف، مثل وظيفة الاستقبال في الشركات والفنادق ووظيفة مضيف الطيران يتبين أنها تتطلب سمات معينة من ضمنها التبسم عند التحدث مع الزبائن. ولا يقتصر مطلب الابتسامة على التعامل الشخصي وجهاً لوجه، بل يمتد حتى إلى التخاطب عبر الهاتف، فالابتسامة، حتى لو عبر الأثير تترك انطباعاً ايجابياً، ولذا يقال قبل أن تجيب على الهاتف: ابتسم.
كلودين فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، تعمل كمضيفة طيران وتتميز بابتسامتها التي لا تفارق ثغرها والتي تنطبع في مخيلة كل من يلتقيها. وتعتبر صديقتها أن ابتسامتها هي أحلى ما فيها، إذ أنها تترك انطباعاً ايجابياً لدى المحيطين فيها. وتتابع: quot;لم أراها منذ أكثر من أربع سنوات، وكل ما أتحدث إليها أو عنها ترتسم أمامي صورتها وهي تبتسم، ولا شعورياً أجد نفسي أبتسم.
والحال مشابه عند سلام والتي عرّفها شاب التقاها لأول مرة بالفتاة التي تضحك، مبدياً إعجابه بذلك على اعتبار انه يقرّب الآخرين منها.
إذا كانت كلودين وسلام نموذجين جيّدين للأشخاص الايجابيين في الحياة، وهناك كثيرون مثلهما يتعاملون مع الأمور بسلاسة، ولكن هناك أيضا أشخاصاً دائمو التجهم ويتركون انطباعاً سلبياً لدى الآخرين، على غرار جمال. وعنه يقول ماجد: quot;نعمل معاً وتزعجني شخصيته كثيراً، فهو عابس دائماً وعلى قول المثل اللبناني: ما بيضحك للرغيف الساخن.quot; ويشير إلى أن كل العاملين في الشركة يتبرمون من جمال ويتحاشون التحدث إليه بسبب عبوسه وسلبيته في التعاطي مع الآخرين.
والجدير ذكره أن التجهم يعكس حالاً نفسية غير مريحة يعيشها الإنسان، مع أن ذلك لا يعني أن الإنسان المبتسم يعيش حياة خالية من المشاكل، فالمسألة هنا هي مسألة شخصية المرء: ايجابية أو سلبية.
لا تقتصر الابتسامة وآثارها على الراشدين، بل تتعداهم إلى كل الفئات العمرية وتبدأ بالأطفال، فكم تجذب ابتسامة الطفل الناس إليه وكم من المسابقات التي تجرى على أجمل ابتسامة لطفل؟
وابتسامة الطفل لأمه مسألة علمية معقدة. ويقول الباحثون إن الشعور العارم بالسعادة لدى الأم عند ابتسام طفلها لها، له أسباب بيولوجية حقيقية، وهو ما لا يحصل لديها عند مجرد رؤيتها ابتسامة طفل أخر، أي غير الذي أنجبته. والأمر لدى الباحثين أبعد من مجرد إعطاء الطفل لتلك الجرعة من السعادة عند ابتسامه لأمه، بل هي في نظرهم الطريقة التي يستجلب بها الطفل حنان الأم عليه ويضمن استمرارية ذلك. وهو ما عبّروا عنه بالقول: الطريقة لبناء نظام يُقوّي العلاقة فيما بين الطفل والأم. وفي المراحل المبكرة من عمره، لا يقوى الطفل الضعيف إلا على البكاء أو الابتسام، كما هو معلوم. وهما وسيلتاه للتواصل مع الغير لتفهيمهم ما يُريد قوله لهم وما يُريد أن يُحقق به طلباته. وأهم طلبات الطفل في تلك المرحلة أن لا يُترك بلا عناية واهتمام.
وتبين للباحثين أن رؤية الأم لطفلها بالذات حينما يكون مبتسماً، يُثير النشاط في مناطق أنظمة التفاعل مع المردود الإيجابي للسعادة والنشوة، أي دون رؤية طفلها عند البكاء أو في الحالات العادية، ودون رؤية طفل غيرها. ويقول الباحثون إن الدراسة خطوة للأمام في فهم كيمياء تفاعلات العواطف والمشاعر، لأن درجة النشاط في مناطق السعادة والنشوة كان أعلى كلما كانت ابتسامات طفل المرأة وضحكاته أقوى وأطول، ويلفتون إلى أن رؤية ابتسامة الطفل أشبه بالمادة الطبيعية لرفع مستوى المزاج.
للابتسامة آثارها السحرية، إذا صح التعبير، على محيط الإنسان، ولكنها في الوقت عينه تؤثر على حالة صاحبها، لذا يعتبر البعض أن على الإنسان أن يفتح عينيه في الصباح بابتسامة واعداً نفسه بيوم ايجابي، فعلى حد تعبير شاكسبير: quot;أن تشق طريقا بالابتسامة... خير من أن تشقه بالسيفquot;.