quot;كاريماسيونquot;... لتجاوز التعقيد الرياضيّ
كريم غرياني لإيلاف: لم اكتشف نظرية بل بسّطت تبيينها... بقلم وورقة

الطالب غرياني مع مراسل إيلاف اسماعيل دبارة

إسماعيل دبارة من تونس: لم يتصوّر الشاب كريم بن رفات الغرياني ابن الـ19 عشر ربيعًا، أصيل تونس العاصمة، أن يأتي يوم وتحتفي فيه مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنّبية كما تفعل هذه الأيام. كريم الذي حصل في العام 2008 على شهادة الثانوية العامة (باكالوريا) شعبة الرياضيات بمعدل 16.90، والتحق بعهدها بـquot;المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجياquot; في اختصاص quot;رياضيات - فيزياء - اعلاميةquot;، قام بتبسيط تبيين النظرية للشكل العام لاعداد quot;برنوليquot; وسمّى نظريته quot;كاريماسيونquot; أو quot;الكريميةquot; نسبة لاسمه.

ولأنّ نظرية برنولي تعود إلى العام 1886 وتتعلق بالشكل العام للأعداد وتستعمل في علم الفرضيات ونظريات الاعداد وبسلسلة أعداد مُعقدة للغاية إلى درجة أنها تصعب على طلبة الرياضيات، فإن التبسيط الذي خلص إليه كريم الغرياني يعدّ انجازًا مهمًا لذوي هذا الاختصاص الرياضيّ.

quot;إيلافquot; زارت الطالب كريم في المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في مدينة أريانة، حيث يحلو للشاب تمضية الوقت بين زملائه وقاعات المراجعة المختلفة. يقول كريم لإيلاف: quot;أريد أن أؤكد عبر جريدتكم أنني لم أكتشف نظرية كما ذكرت وسائل إعلام أخرى، يجب التصحيح هنا، لقد قمت بتبسيط طريقة تبيين نظرية فحسب حتى يسهل استعمالها لبقية الطلبة (Nouvelle Demonstration).

ففي السابق كان على الشخص أن يكون ملمًّا بكل اعداد quot;برنوليquot;، فعلى سبيل المثال ليتمكن الطالب من إيجاد العدد الخامس ينبغي له أن يعرف العدد الرابع، وحتى يعرف الرابع يجب أن يعرف العدد الثالث وهكذا دواليك، الآن وبفضل ما اكتشفته لن يكون هناك داع بالنسبة إلى الطلبة حفظ سلسلة الأعداد وانما عليهم فقط اتباع طريقة التبيين التي اعتمدتها والتي اكتشفتها بمحض الصدفة فلم اكن اعلم انني حققت انجازا ما أو بسطّتُ نظرية إلا حينما قدمت عملي لأستاذيquot;.

وحول السياق الذي اكتشف فيه كريم الغرياني التبسيط او التمشيّ الجديد يقول: quot;مضطرّ للتأكيد مرة أخرى عبر هذا المنبر أنني اكتشف ما توصلت إليه خلال عمل منزليّ عاديّ استمرّ 3 أسابيع، وليس كما ذكرت بعض وسائل الإعلام من أنّ ضيق الوقت لإتمام امتحان هو ما دفعني لهذا الاكتشاف.quot;

و يتابع: quot;كانت عملية حسابية طويلة ومرهقة ومعقدة نسبيا، وأردت أن ابحث عن طريقة اقصر وأقل تعقيدا، وبعد محاولات استمرت نصف يوم لاحظت وجود علاقة بين ما ندرسه وبين سلسلة أعداد quot;برنوليquot; التي اعرفها من خلال ثقافتي العامة، باعتباري دائم البحث في كل ما يهمّ الرياضيات وعلى امتداد يومين واصلت البحث والتثبت فصرت تقريبا على يقين أنّ هناك علاقة وطيدة بين أعداد quot;برنوليquot; وما توصلت إليه بطريقتي الخاصةquot;.

يؤكد الشاب كريم الغرياني المحب لرياضة quot;التنسquot; وعزف البيانو ذات غرامه بالرياضيات و الفيزياء، إنه لم يتلقّ دعما من أي جهة في سبيل العمل من أجل تبسيط تبيين النظرية المذكورة، فسلاحه الوحيد على حدّ تعبيره quot;ورقة بيضاء وقلم جافquot;.

البروفيسور أحمد بوعزّي

وعلى الرغم من أنّ المنظومة الوطنية للبحث العلمي في تونس تشمل اليوم 33 مركز بحث و139 مخبرًا و 638 وحدة بحث، في حين يبلغ عدد الباحثين 15800 باحث مكافئ كامل الوقت وهو ما يرفع نسبة الباحثين الى 52،4 لكل الف ناشط بما يجعل تونس تقترب من معدلات الدول المتقدمة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إلا أنّ عددا من الكفاءات الشابة ما زالت تشكو ضعف التأطير والاهتمام على غرار الشاب كريم الغريانيّ واكتشافه المثير الذي قال عنه: quot;لم تتبنه أي جهة رسمية في تونس إلى حدّ الآن ولم يتحدث معي بشأنه، فقط سارعت بمعية عدد من أساتذتي إلى تسجيل التبسيط مجانا في منظمتين عالميتين الأولى هي منظمة quot;ARXIVquot; المختصة في تسجيل النظريات العلمية، واعتبروني حالة خاصة لصغر سنّي.. والمنظمة الثانية هي منظمة quot;WIKIVER SITYquot; الحرّة والمختصة في المحافظة على العلومquot;.

ولمعرفة القيمة العلمية لما توصّل إليه الطالب كريم الغرياني في مجال الرياضيات، اتصلت quot;إيلافquot; بالبروفيسور أحمد بوعزّي، الأستاذ في المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس سابقا، والأستاذ في الجامعة الأفريقية للعلوم والتكنولوجيا حاليا.

ويقول البروفيسور بوعزّي: quot;أبدأ بتهنئة الطالب كريم غرياني على نتائجه وأتمنى أن يواصل العمل لمزيد من النجاح، وعند التثبّت من الاكتشاف نجد أن الطالب قد برهن بطريقة أنيقة على شيء موجود من قبل، وهو ما يقع عادة عند حلّ التمارين في ميادين الرياضيات والفيزياء من طرف الطلبة ويختلف كثيرا عمّا هو معروف في ميدان الاكتشافات العلمية المعترف بها، ولا يصل إلى مستواها لأن هذه الأخيرة تخضع لمقاييس معروفة وبسيطة، إذ لا بدّ أن يكون الاكتشاف منشورًا في مجلّة علمية عالمية محكّمة حيث يكون المقال خضع للتحكيم من طرف مُتمكنين وخبراء في الاختصاص (peer reviewed) إمّا ألا يكون ذلك فما تمّ تحصيله يحسب على الناحية البيداغوجية فحسبُ.quot;

ويتابع بوعزّيquot; إن كان أستاذ الطالب كريم الذي أشرف منذ البداية على تبسيط تبيين النظرية يعتقد أن هذا الاكتشاف ذو قيمة يجدّد المعرفة فما عليه إلا أن يعرض مقالاً في الموضوع على إحدى المجلات العلمية المعروفة، أمّا أن ينشره في موقع بيداغوجي يتوجّه لطلبة الثانوي والعالي الفرنسيين كما حصل بالنسبة إلى المؤسستين المذكورتين، فذلك برأيي لا يعطيه قيمة تستحق هذه الضجة الإعلامية التي تهدف إلى أن تغطّي على ضعف اهتمام الدولة بالبحث العلمي وعدم قدرتها على تنظيمه وتطويعهquot;.

وشدّد بوعزّي على أنّ المجلات العلمية المعروفة هي الوحيدة التي تعتبر معيارًا نقيس به مدى القيمة العلمية لمثل هذه الاكتشافات نظرًا لصرامة معاييرها وخضوعها لضوابط دوليةquot;.