quot;مشروع تعزيز مشاركة الشباب اللبناني وتمكينهquot;
بين التحديات والتوصيات: الشباب هم الحاضر وليسوا المستقبل

نسرين عجب من بيروت : 15 الى 29، ليست مجرد أرقام على رزنامة الحياة، بل انها فئة عمرية تلعب دوراً مميزاً في عجلة الزمن. الشباب ، دائماً يعرّفوهم بأنهم المستقبل وكأنهم يؤجلون دورهم الى أجل مسمى أو غير مسمى، ويغفلون أنهم الحاضر القادر على تشكيل فرق، فهم يتمتعون بمؤهلات تخولهم أن يكونوا فاعلين ويحدثوا التغيير في المجتمع. بعض الاحيان تعطى لهم الفرصة، ولكن لا يكفي أن يصل صوت الشباب ان لم يكونوا قادرين على تحقيق ما يريدوه.

صعوبة الانخراط في عالم العمل وتأسيس عائلة، جمود سوق العمل الحكومي والخاص، ضعف الاندماج بين الطوائف والمناطق والشرائح الاجتماعية المختلفة، الطائفية السياسية، المناطقية، العائلية، الضغط الاقتصادي، ضعف الأطر والآليات والمهارات، التسرب المدرسي، محدوية الامكانات والفرص الثقافية، وغياب المناخ الثقافي المؤاتي من حيث عدم الاهتمام بالمسارح ونوادي السينما والمتاحف بالاضافة الى تراجع المستوى الفني للانتاج الموسيقي والتلفزيوني والسينمائي...

هذه بعض التحديات التي يواجهها الشباب اللبناني، يضاف اليها التحديات المعاصرة التي تتمثل بالأخطار التي تواجه الشباب، بخاصة نتيجة السلوك اللامبالي وغياب التوعية - وهي ليست فقط من خصائص المجتمع اللبناني ndash; أو التي تتطلب مهارات للتكيف والمعالجة، مثل أخطار حوادث السير والإدمان وخطر انتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة، وغيرها. كما يواجه الشباب في لبنان نصوصاً تشريعية وتنظيمية تزيد من تهميشه، فهناك الكثير من القوانين التي تعيق مشاركة الشباب في الشأن العام مثل قانون الجمعيات وقانون الانتخاب وغيرها.

واستجابة لهذه التحديات والتي تستوجب وجود رؤية شاملة ومتكاملة واضحة على المستوى الوطني، وتماشيا مع التوصيات الدولية، كما جاءت استكمالا للمبادرات التي بدأت في لبنان منذ العام 2001 والتي ساهمت بإطلاق quot;مسار السياسات الشبابية في لبنانquot;، تبرز ضرورة العمل على صياغة سياسة شبابية وطنية في لبنان. كما تبرز الحاجة إلى ضرورة تطوير العلاقة بين الشباب ومؤسسات المجتمع، الحكومية منها وغير الحكومية، لضمان خروجها من الإطار الرعوي إلى مستوى المشاركة الفعلية والحوار المباشر، وإلى تعزيز القناعة الذاتية والالتزام السياسي لدى صانعي القرار بمتابعة العمل والتواصل مع الشباب والهيئات المعنية من أجل التوصل إلى صياغة وتنفيذ سياسات شبابية شاملة ومتكاملة ما بين القطاعات من شأنها معالجة المسائل المختلفة التي تقف عائقا أمام مشاركة الشباب بشكل كامل ومتناسق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي الحياة العامة.

هذه كانت خلفية انطلاق مشروع quot;تعزيز مشاركة الشباب اللبناني وتمكينهquot;، الذي تشرف على تنفيذه منظمة اليونسكو، بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة وبالتعاون مع مجموعة عمل الأمم المتحدة الخاصة بالشباب في لبنان، وبمشاركة الوزارات والمؤسسات العامة المعنية، والهيئات الشبابية، وهيئات المجتمع المدني المعنية بالشباب.


يقوم المشروع على تنظيم 15 ورشة عمل في مختلف المناطق اللبنانية، يتناقش فيها الشباب في 6 محاور هي: المواطنة والاندماج الاجتماعي والوطني ومشاركة الشباب في الحياة السياسية، العمل والمشاركة الاقتصادية، الخصائص السكانية والهجرة، التربية والتعليم والحياة الثقافية، الصحة والسلامة، الحركة الرياضية والكشفية والمنظمات الشبابية.

ويخطَط ان يكون للمشروع مخرجات تتمثل في:
1-وثيقة السياسة الشبابية التي هي المخرج الأساسي للمشروع؛
2-وثيقة مرجعية تشكل قاعدة معلومات (youth profile) وتتضمن إحصاءات ديموغرافية وتحليلاً لواقع الشباب في مختلف المجالات الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية، والصحية، وشؤون المشاركة، وأنشطة أوقات الفراغ، وغيرها؛
3-دراسة قانونية تتضمن عرضاً وتقويماً لأبرز أوجه النظام القانوني اللبناني الناظمة لمشاركة الشباب أو المؤثرة فيها بالإضافة إلى مجموعة توصيات لتعديل بعض القوانين بهدف تفعيل المشاركة؛
4-دليل حول المنظمات الشبابية يتضمن قاعدة معلومات حول المنظمات والهيئات الشبابية أو تلك التي تعمل من أجل الشباب؛
5-بطاقة شبابية تهدف إلى تأمين خدمات وتسهيلات للشباب في مجالات عدة وإلى الإسهام في تفعيل مشاركتهم في الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.


بيت الشباب في معاصر الشوف كان أحد المحطات لورش العمل، وتوافق المشاركون على أن السياسة الشبابية هي ترجمة عملية للقناعة بأن الشباب هم أولوية، وهي أيضاً رؤيا لدور الشباب ووثيقة حول واقعهم وحقوقهم ومسؤولياتهم في المجتمع، كما تشكل الاطار العام الذي يرسم اساساً للتخطيط الاستراتيجي والمتابعة والتقويم للخطط والبرامج.أما عن التحديات التي تواجههم شخصياً فأشاروا الى أنها تتمثل بالاستغلال السياسي والاقتصادي، التقسيم الطائفي والمحاصصة، المحسوبية، تهميش دورهم، التسرب المدرسي، دور الاعلام السلبي، والوضع الاقتصادي الضاغط والهجرة. ومن الناحية الثقافية مثلاً تحدثوا عن عدم أهلية الكادر التعليمي، غياب الجيل الشاب عن المؤسسة، عدم توفر التجهيزات اللازمة، التلوث السمعي والبصري، وغيرها من المشاكل المختلفة.

بالنسبة للتوصيات التي خرجت بها ورشة العمل، فمنها:
1-الغاء الطائفية السياسية
2-العمل التطوعي الالزامي ضمن المنهاج الدراسي، ليعتاد الشباب على مفهوم التطوع
3-اعادة العمل بالمخيمات التطوعية
4-تأمين الظروف الملائمة لمشاركة واسعة للشباب في كل الميادين
5-رفض التحريض المذهبي في الاعلام
6-تعزيز الاعلام البديل
7-دعم تلفزيون لبنان كمؤسسة اعلامية جامعة
8-دمج ودعم الجامعة اللبنانية
9-توسيع دائرة عمل المجتمع المدني لتشمل شريحة أوسع
10-فتح مجال للشباب في وسائل الاعلام
11-انشاء المراكز الثقافية وتبادل الخبرات
12-ايجاد فرص انتاجية للشباب من أجل دعم استقلاليتهم المادية

من المتوقع أن ينتهي المشروع خلال صيف 2009 وعندها سيتم تقديم التوصيات للمراجع السياسية لتبني السياسات الشبابية واقرارها. ويقول الميسّر العام لورش العمل مكرم كامل ان مشاكل وهموم الشباب هي بالاجمال واحدة في كل المناطق اللبنانية، مبدياً أمله في أن تحدث هذه النشاطات محطة حقيقية للتغيير. ويلفت الى أن المشروع سيكمّل حتى لو توقفت منظمة اليونسكو عن دعمه، مشيراً الى أن وسائل الضغط التي ستعتمد لتحقيق المطالب ستترواح بين نشاطات احتجاجية وعرائض بالاساليب السلمية المعهودة، مع ترك اختيار الاساليب التي ستتبع، للمجتمع المدني.