احتلّت قضيّة زواج القاصرات مساحة بارزةمن اهتمام الإعلام والدراما السعوديّة، حيث تمّت محاولة عرض هذه القضيّة من كلّ جوانبها من أجل الوصول إلى حلّ يقضي على هذه الظاهرة التي لم تحظ حتى الآن بقرار رسمي يقضي عليها، وعلى الرغم من الكثير من المطالبات من حقوقيين ومهتمّين يرون أنها تقضي على آدمية المرأة من خلال الانتهاكات التي تقع عليها، وعلى الرغم من أنّ كلا الفريقين المؤيّدين والمعارضين لهذا النوع من الزواج يقولان بأنّ الدين الإسلامي يقدّس المرأة وينصّ على حسن معاملتها إلاّ أنّ الحلّ لم يأت بعد، في حين لم يراع أهالي القاصرات ذلك.

الرياض: المسلسل السعودي quot;سكتم بكتمquot; تناول الأربعاء هذه القضيّة، وفي حين توقّع مراقبون أنّه سوف يناقش القضية ويعرض كلّ جوانبها من خلال الشق الديني والقانوني والآثار النفسيّة والفيزيولوجيّة، لكنّ العمل أغفل التطرّق تماماً للشقّ الشرعي ومدى التعاطي الديني quot;المختلف عليهquot; في الداخل السعودي والعالم الإسلامي، حيث لم يعرض القضية كاملة ولم يقدّم في النهاية حلاًّ لها ولم يضف أي شيء.

فالقضية تمّ عرضها مراراً و تكرارًا ولكن لم ير المتابعون الجديد الذي يستفيد منه المشاهد وينمّي لديه الوعي بمخاطر هذه القضية التي يسميها معارضوها بالجريمة.

واكتفى المسلسل بإبراز نقطتين قد تكونان ركيزتي العمل، وتتمثل النقطة الأولى في الوسط الذي تنتشر فيه هذه العادة وهم كبار السن وغير المتعلمين من طبقتين مختلفتين في المجتمع السعودي، فيما تتمثل الركيزة الثانية في هروب الطفلة المجبورة على الزواج من كبير السن بعد ليال قليلة من الزواج وهي تمشي بصعوبة وبطريقة غير طبيعية نحو منزل أهلها، إلاّ أنّ والدها أعادها في مشهد أدخل فيه مخرج العمل صورتين إحداهما تظهر والدها وهو يجرّها بقوّة فيما المشهد الثاني يظهر وهو يجرّ quot;نعجةquot;.

ومن جانب آخر أكّد مخرج مسلسل quot;سكتم بكتمquot; عبد الخالق الغانم في حديث لـquot;إيلافquot; بأنّ الحلقة هي رسالة ضدّ العادات والتقاليد التي يمارسها المجتمع ضد القاصر، مضيفاً: quot;المجتمع لا يراعي القانون والجانب الشرعي حيال الزواج بالقاصر كأنّ المسألة خذوه فغلوهquot;.

مؤكّدًا: quot;لا بدّ من مراعاة الجانب الشرعي في مثل هذه القضايا كون هناك شرع يحكم حيال هذه القضايا، واعتقد بأن الحلقة ناقشت هذه المسألة ووضعنا يدنا على الجرح في المعالجة، لكنّ هناك عددًا من الجوانب كان لا بد منأن تتضح لكن في اعتقادي بأن المسألة وصلت للمشاهد وهو يعي ذلكquot;.

أما كاتب العمل عبد العزيز الدهش أشار لـquot;إيلافquot; بأنه لم يتطرق للإيديلوجيا أو الجانب الشرعي والقانوني في الحلقة بسبب ضيق وقت الحلقة، ومثل هذه القضية تحتاج عددًا من الحلقات لفكّ العقد، حسب قوله، لأن الجانب الشرعي والقانوني مهم في معالجة مثل هذه القضايا واستبيح العذر في حال التقصير، وأضاف: quot;لكن استطعت أن أعالج القضيّة بشكل درامي بعد قراءة واسعة للكتاب في مثل هذه القضية ومن المؤسف بأن إدارة الإنتاج رفضت أن تكون هناك حلقة ثانية لمعالجة القضيّةالأمر الّذيجعلنا نحذف أكثر من 13 مشهدًا كانت كفيلة بإيضاح الصورة بحبكة درامية جميلة. لكن في نهاية الحلقة عودة الضمير لـquot;أبو دحيمquot; كانت هي الرسالة التي نريد إيصالها،خصوصًا أنّ عموم الناس وصلتهم رسالتي، أما الكتاب والمثقفين فأستميحهم عذرًا في عدم التطرق إلى الجانب الديني والقانونيquot;.

ومن جهتها أكدت الكاتبة والناشطة الحقوقية وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عالية فريد بأن زواج القاصر يعد خرقاً واضحًا للمواثيق الدولية، وطالبت بسن تشريع يضع عمرًا أدنى للزواج قدره 18 سنة، معتبرة زواج القاصرات كارثة إنسانية بحق الفتيات ومؤكدة الحاجة إلى تنظيم أكثر دقة لحماية القاصرات من الزواج المبكر القسري وإنشاء مجلس أعلى يهتم بالأسرة وشؤونها، إضافة إلى التعجيل بإصدار قانون الأحوال الشخصية الذي تنتظره المرأة السعودية منذ أكثر من ثلاث سنوات.