صرَّحت الفنانة المصريَّة الشَّابة، مروة نصر، أنَّها لن تتعاون مع من شتموا الثوَّار في ميدان التَّحرير، مشيرةً إلى أنَّ ألبومها جاهز للطرح، إلَّا أنَّها لن تنزله في الوقت الراهن إلى حين أنّْ تحقِّق الثورة المصريَّة كامل أهدافها.


القاهرة: أعلنت الفنانة الشَّابَّة، مروة نصر، أنَّها لن تتعامل مع من شتموا الثورة أو اتهموا الثوَّار في ميدان التَّحرير بارتكاب أفعالٍ جنسيَّةٍ أو تلقي أموالٍ من جهاتٍ خارجيَّةٍ، مشيرةً إلى أنَّها ستتسامح مع من إختلفوا في الرأي مع الثورة من دون تجريح، وأضافت في مقابلة مع quot;إيلافquot; أنَّها لن تطرح ألبومها الجديد في الأسواق إلَّا بعد تحقيق الثورة أهدافها كاملة، على الرغم من أنَّه كان جاهزًا للتسويق قبل إندلاعها، لافتةً إلى أنَّ نجوم عالم الغناء مطالبون بتقديم أوبريت للثورة، يليق بها كأعظم حدث في تاريخ مصر، ونوَّهت مروة بأنَّها تأذت بسبب الثورة، حيث هاجمها البلطجيَّة في منزلها واضطرت للإستنجاد بأسرة الفنان أحمد زاهر الَّتي تقيم بجوارها.

لماذا تأخر صدور ألبومك الجديد كل هذا الوقت، لاسيما أنَّ الألبوم الأخير quot;سنينquot; صدر في العام 2009؟
كان من المفترض طرح الألبوم في الأسواق قبيل الثورة بأيَّام، لكني فضَّلت الإنتظار لحين إستقرار الأوضاع، وتحقيق جميع مطالب الثورة المصريَّة، ليس هناك أي فنان محترم يمكنه أنّْ يفرح بنجاحٍ شخصيٍّ في تلك الظروف، جميعاً ليس لنا سوى قضيَّة واحدة، نعمل من أجلها، لم يعد لجميع المصريين سوى هاجس حراسة الثورة، حتَّى تتحقَّق جميع مطالبها، ومحاكمة رموز الفساد والإستبداد في النظام السابق، لا يمكن لأي فنان أن يقدِّم أغاني عاطفيَّةٍ أو يصوِّر فيديو كليب ونحن في أيَّامٍ ثوريَّةٍ.

ألم تفكري في تضمين الألبوم أغاني للثورة ليكون مواكبًا للأحداث؟
لا يمكن أنّْ يحدث ذلك إلَّا بعد تسجيل عدَّة أغانٍ، وتحقيقها نجاحًا ساحقًا، بحيث تكون مطلوبة من الجمهور، وفي ذلك الحين يمكن تضمينها في الألبوم، لكني قدَّمت أغنية quot;أرض واحدةquot;، وعلى الرغم من أنَّها كانت موجَّهة بالأساس لقضيَّة الوحدة الوطنيَّة في أعقاب حادث كنيسة القديسين، إلَّا أنني صوَّرتها على طريقة الفيديو كليب خلال أحداث الثورة، وحازت على إعجاب الجمهور، ومنحتني تلك الأغنية شعورًا بالفخر، وشعرت أننيمشاركة في الثورة من خلال الكلمة بصفتي فنانة، ولم أكن مغيبة عن الواقع، وقد يرجع إعجاب الجمهور بها إلى أنَّها أغنية نابعة من القلب، وليست مجرد أغنية من أجل التواجدعلىالسَّاحة الفنيَّة، ولذلك لم أفكِّر في تسجيل مجموعةًمنالأغنيات من أجل الثورة كما فعل البعض، بغرض ركوب الموجة، والصعود على أكتاف الثوَّار وتحقيق شهرة على حساب أرواح الشهداء الذي دفعوا أرواحهم ثمنًا للحريَّة الَّتي ننعم بها نحن الآن، إنَّها إنتهازيَّة لا تليق بالفنان، ولن أقدِّم أغاني من تلك النوعية، لأنَّ الغناء إذا لم يكن صادقًا ونابعًا من القلب، فلن يصل لقلوب الجماهير أبدًا ولن يكتب له النجاح.

لكنك قدَّمت بالفعل أغنية للأمَّهات الثكالى بمناسبة الإحتفال بعيد الأم؟
هذا يؤكِّد ما ذهبت إليه، إنني وجدت نفسي في حالةٍ نفسيَّةٍ سيئةٍ كلما فكرت في مشاعر الأمَّهات الثكالى في الإحتفال بعيد الأم، وكيف أنّْ حالتهن ستكون سيئة جدًّا، وأنَّ الدموع لا تفارق أعينهن في تلك الأيَّام، ولاسيما أنهن يستحضرن ذكرياتهن مع أبنائهن، ووجدت نفسي مهيأةً نفسيًّا لتقديم أغنية في هذا الشأن، وبالفعل نقلت تلك المشاعر إلى فريق العمل، وكتبت الأغنية، وتمَّ تسجيلها في وقتٍ قياسيٍّ، ولقيت ترحيبًا وإعجابًا من الجمهور، وخصوصًا الأمَّهات.

لكنك لم تشاركي في أحداث الثورة بشكلٍ واضح، ولم تلتقط لك الكاميرات صورا في ميدان التَّحرير، أين كنت؟
بالعكس، شاركت في الثورة، وذهبت إلى ميدان التَّحرير في أيَّام 25 و26 و27 يناير، لكني لم أذهب بعد ذلك، فقد تعرَّضت للكثير من الأذى، وتعرَّضت لهجوم من البلطجيَّة والمساجين الفارين من سجن الفيوم في يوم 28 يناير، فأنا أسكن في منطقة حدائق الأهرام القريبة من طريق الفيوم الصحراوي، والذي حضر منه المساجين الفارون من سجن الفيوم إلى القاهرة، وعاثوا في الأرض فسادًا وتخريبًا، واضطررت للإستنجاد بأسرة الفنان أحمد زاهر المقيم في المنطقة ذاتها، ووقف إلى جواري في تلك المحنة الفنانة دينا فؤاد والفنان عمرو رمزي، أنا عشت الأحداث quot;بجدquot; وquot;تعبت بجدquot;، لدرجة أني في لحظة ما كنت أتساءل:هل ما نفعله صحيح أم لا؟، هل هو في صالح الجميع، وخصوصًا البسطاء أم سيزيد من متاعبهم؟، ولكني والحمد لله وبعد تكشف الكثير من الحقائق حول الفساد والظلم الذي كانت البلاد تعانيه، تأكَّدت أنَّ ما نفعله هو الصواب والحق.

ما الذي لم تكوني تدركينه في الماضي، وكشفته لك الثورة، فزاد حماسك لها؟
بصراحةً، لم أكن أدرك أنَّ مصر يوجد فيها كمٌ هائلٌ من الفقراء لهذه الدرجة، لم أعلم أنَّ هناك من لا يجدون قوت يومهم، أو أنَ هناك من يبحث عن الطعام في صناديق القمامة، كما أني صدمت بالكثير من الشَّخصيَّات العامَّة، الَّتي كانت تمثل علينا الطيبة والنزاهة، في حين أنَّها ارتكبت الكثير من الجرائم والفظائع في حق الشَّعب المصري، كانت الثورة حدثًا رائعًا في حياتي، بل كانت الحدث الأسعد والأهم على الإطلاق بالنسبة إليّ.

من تلك الشخصيات الَّتي صدمت بها، وتأكَّدت أنَّها كانت تمثل الطيبة والشرف على الشَّعب؟
هناك الكثير من الشَّخصيَّات، لكني لا أحب الحديث عنها بعد أنّْرحلت عنالسُّلطة، فأنا تربيت على إحترام الكبير، حتَّى ولو كان غير جدير بذلك، ولكن يكفي أني عرفت حقيقة هؤلاء الأشخاص، والأهم أني صرت حزينة جدًّا لحال البلد، وكنت ومازلت أتساءل: لماذا لم يقف السياسيون ورجال الأعمال سواء من نهبوا المال العام أو الشرفاء في صفوف البسطاء؟ لماذا تركوا الفقراء يعانون ولا يجدون قوت يومهم على الرغم من أنَّ في أيديهم إمكانية إسعادهم وتوفير الطعام والدواء لهم؟ لماذا كان هم هؤلاء هو السطو على المال العام فقط؟ لماذا اختفت الطيبة من القلوب وحلَّت مكانها القسوة والطمع؟ أتمنى أنّْ تتغيَّر الأحوال بدرجةٍ كبيرةٍ، وأنّْ يجد الفقراء حياة أفضل في عهد الثورة.

من الملاحظ أنَّ الأغاني الَّتي كان يردِّدها الثوَّار في ميدان التَّحرير هي لعبد الحليم حافظ وشادية وعفاف راضي، ولم يكن من بينها أغانٍ للشباب من جيلك مثلاً، ما تفسيرك؟
الأغاني القديمة صادقة جدًّا، وليس فيها نفاق، لذلك عاشت سنوات طويلة، وجدَّدت نفسها، وصارت أغاني ثورة 25 يناير 2011، على الرغم من أنَّ غالبيتها يزيد عمرها على الخمسينعامًا، أمَّا الأغاني الَّتي خرجت بعد نجاح الثورة فتلك أغان منافقة، ولذلك لم تلق أي نجاح، لأنَّها لم تكن نابعة من القلب، وأنا في دهشة شديدة من حالة الجمود الَّتي يقف فيها المطربون الكبار من الثورة، على الرغم من مرور أربعة أشهر على بدايتها، لماذا لم يتمّْ تقديم أوبريت غنائي يضمُّ عظماء التَّلحين والغناء والشِّعر في مصر، أمثال عمار الشريعي، وعبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب؟ لماذا يقدِّم نجوم الغناء العالميون مثل ماريا كاري وبيونسيه أوبريت للشيشان، ونحن عاجزون عن تقديم أوبريت لبلدنا؟ لابد أنّْ نعمل حقًّا وفقًا لمبدأ quot;مصر فوق الجميعquot;.

الثورة توصف بأنَّها ثورة الشَّباب، ومن المفترض أن يكون الفنانون الشَّباب هم الأكثر إيمانًا بها؟
جميع المطربين الكبار في مصر هم من جيل الشَّباب، وقد يقول بعضهم إنَّهم كانوا في ميدان التَّحرير، وسنعتبر أنَّهم كانوا هناك، لكن ماذا عن مرحلة ما بعد ميدان التَّحرير، لابد أنّْ نمسك بأيدي بعضنا ونقدِّم لمصر عملاً فنيًّا يليق بها وبثورتها المجيدة، إنَّها ثورة الشَّباب، وأعتقد أنَّ النجوم الكبار في عالم الغناء ما زالوا في مرحلة الشباب، وهؤلاء هم الأولى بتقديم عمل جماعي يخلد ثورتها، ويساهم في مرحلة البناء والتنمية والإصلاح، من أجل الفقراء والحريَّة والديمقراطيَّة، وعلى مستوى المجتمع لابد أن نعود إلى حياتنا الطبيعيَّة ونمسك بأيدي بعض حتَّى يعود الأمن لشوارعنا، وحتَّى لا يتكرر حادث مقتل محمد داغر مع آخرين، حق الثورة وضحاياهاعلينا أن نجعل من مصر بلد الأمن والأمان، وأن تكون واحة الديمقراطيَّة.

بالحديث عن مقتل محمد داغر، هل كانت تربطك به علاقة صداقة أو عمل، وفي إعتقادك ما الدافع وراء الجريمة؟
كنت أعرفه شخصيًّا، وكان إنسانًا طيبًا جدًّا وودودًا، وغير مادي، وارتديت فساتين من تصميماته، وعلى الرغم من أنَّ الجريمة ارتكبها صديق له، إلَّا أنَّها كانت مقترنة بالسرقة، وهذا هو الدافع الأساسي وراءها، وهذا يؤكِّد حاجتنا للأمن وعودة الشُّرطة بكامل أفرادها، وسيادة القانون، فلو أنَّ قاتل داغر يعلم أنَّه سيعاقب بحزم ما أقدم على تلك الجريمة البشعة.

ما رأيك في ما يسمي بـquot;القائمة السوداءquot; الخاصَّة بالفنانين أعداء الثورة، وهل من الممكن أنّْ تتعاملي مع فنانين خاضوا في أعراض الثوَّار وشتموا الثورة؟
هناك مساحة من حريَّة الرأي، يجب على الجميع أنّْ يعبِّر عن رأيه فيها، من دون الخوض في الأعراض أو الشَّتائم أو التَّخوين، أنا أحترم الإختلاف في الرأي، لكني لن أتكلَّم أو أتعامل مع من شتموا الثورة أو افتروا على الثوَّار في ميدان التَّحرير، وقالوا إنَّ هناك تحرشا أو أفعالا جنسيَّة، أو أنَّهم يتلقون أموالاً من جهاتٍ أجنبيَّةٍ،فأنا فكرت في كلامهم جيِّدًا، ووجدت أنَّه من المستحيل وجود مثل تلك الأفعال، وبخصوص القائمة السوداء، أؤكِّد أننا شعبٌ طيبٌ ومتسامحٌ وقلبه أبيض، سينسى إساءة الآخرين، وستعود المياه إلى مجاريها، وأعتقد أنَّه من المهم التَّسامح مع من اختلفوا مع الثورة في الرأي من دون شتائم أو تجريح أو تخوين، لأنَّ هذا يصبُّ في صالح مصر، ونحن نحتاج إلى التكاتف من أجل البناء.