ثمة من يشير في داخل الكويت سرًّا وعلانية الى أن أسباب مختلطة تقف وراء ظاهرة الإحتباس الحراري التي نالت الكويت جزءًا مهمًّا منها، إتضحت آثاره بقوة خلال فصل الشتاء الماضي، الذي لم يكن بعيدًا من أجواء الصيف بل كادت ملامحه كفصل أن تختفي.

عامر الحنتولي من الكويت: يبدي العالم الفلكي الكويتي صالح العجيري تريثًا محيرًا وهو يعزو الإرتفاعات المخيفة لدرجات الحرارة في الكويت الى ظاهرة الإحتباس الحراري، التي لم تعد التحذيرات من تداعياتها ترفًا فكريًّا، يمكن تأجيل الخوض فيه، فوفقًا للعجيري فإن الطقس الحار الذي شهدته الكويت في أشهر الشتاء القصيرة جدًا في معظم الكويت، لم يكن وليد ظاهرة التغير المناخي، بل بسبب عدم مرور المنخفض السيبيري أكثر من مرة في شهري كانون الأول|يناير، وشباط|فبراير مطلع العام الحالي، الأمر الذي يتسبب بموجات برد حادة لكن محدودة يشعر بها سكان الكويت كل عام، إلا أنه ndash; والكلام للعجيري- ليس ثمة رابط علمي حتى الآن بين عدم إتيان تلك المنخفضات الجوية، وظاهرة الإحتباس الحراري.

وتأتي الأنباء عن تداعيات مستقبلية كبيرة محتملة على البيئة والمخلوقات بسبب هذه الظاهرة المناخية المفسرة علميًا، دون وجود أي نجاح للجهود والمساعي العالمية للحد منها، في ظل مناخ كويتي قاس أساسا، يقود الى مستويات مخيفة جدا على صعيد درجات الحرارة، التي سجلت خلال ذروة أشهر الصيف الماضية معدلات مرعبة، دفعت الأحمال الكويتية الكهربائية الى السقوط، والتسبب بأزمة كهرباء، رغم الإنكار النسبي للإرتفاع الحاد في درجات الحرارة الذي بلغ أحيانا نحو 68 درجة مئوية، علمًا أن السلطات المحلية ظلت تشير الى درجات حرارة تلامس الخمسين مئوية، وما حولها، دون أي إعتراف رسمي بتجاوز درجة الحرارة 51 درجة مئوية.


حيرة الخبراء
وفاقم هذا الوضع منسوب الحيرة لدى الخبراء والمختصين، فيما إذا كان الإرتفاع المخيف في درجات الحرارة ناجمًا عن ظاهرة الإحتباس الحراري، أم أنه عارض مناخي عابر، خصوصًا أن أغلب التقديرات لدى الخبراء والمتخصصين المحليين لا يزالون يرون بأن التأثير الحقيقي لظاهرة التغيّر المناخي قد ظهرت بتداعيات في في قارتي أميركا وأوربا، من حيث الزلازل، والبراكين، والفيضانات، وحرائق الغابات الضخمة، التي سجلت حضورا هو الأقوى منذ قرون، وهو الأمر الذي يؤشر الى وطأة أشد قسوة في الأشهر المقبلة، وفي مناطق أخرى مختلفة من العالم، وهو الأمر الذي يتطلب وقفة دولية حاسمة وحازمة، لإتخاذ إجراءات قوية جدا، لإنقاذ العالم من تدمير محتمل، إذا ما تعاظمت تداعيات أزمة التغير المناخي.

من جهته يقول رئيس المجلس العربي الاوروبي للبيئة الدكتور صالح المزيني انه بحسب المؤثرات والنتائج فان التغير المناخي له أثر كبير في بعض المناطق والدول الأخرى ومنها الكويت وارتفاع درجة حرارتها، ويبرز هذا التغير من خلال الظواهر المحيطة إلا اننا نفتقد المعلومات الدقيقة في هذا الجانب، ونبني آراءنا بناء على استنتاجات ورؤى ومعلومات خارجية.
واضاف المزيني ان الكويت مقبلة على مشاريع مستقبلية وبنسبة كبيرة لتطوير الجذر والساحل الشمالي ومدن أخرى وشبه جزيرة الصبية، الأمر الذي يحتم وجود مراكز لرصد هذه الظواهر، والتي يفتقدها المهتمين في الشأن البيئي.

أما الامين العام التنفيذي للمنظمة العربية الأوروبية الدكتور طارق العبيد فأكد ان الإحتباس الحراري هو السبب الرئيس في ارتفاع درجات الحرارة، بسبب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون قائلا: من الطبيعي ان ترتفع درجات الحرارة في الكويت فهي دولة نفطية ونحتاج دراسات متعمقة عن هذه الظاهرة الكويتية.
وقال العبيد ان امطار تبوك وسيول جدة في السعودية العام الماضي من الظواهر التي تدل على الاحتباس الحراري.

بدوره قال رئيس قسم الطقس في المرزم الفلكي خالد الجمعان أن الدول الصناعية والنفطية أخلت كثيرًا بالنظام البيئي وتوازنه.
وقال الجمعان ان السبب في ارتفاع درجات الحرارة في الكويت يعود لظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيراتها السلبية والتي ينتج منها ايضًا ذوبان الجليد وارتفاع الحرارة والغازات التي تؤثر على طبقة الأوزون والخطر الذي يواجهه الغلاف الجوي من نفاذ الاشعة فوق البنفسجية.


نبوءات النجدي
وخلال ندوة مهمة منشورة وقائعها على نطاق واسع، جرت في العاصمة الكويتية قال أستاذ الكيمياء في كلية العلوم في جامعة الكويت الدكتور محمد حلمي النجدي إن تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري على الكويت ليست بالخطيرة فلن تتعرض أراضيها للغرق بشكل كبير، مشددا على ان هذا لا يعني تقاعس البلاد عن تقليل الانبعاثات الحراريةraquo;، مشيرا الى اهمية توجه الكويت لإستثمار طاقة الشمس كبديل نظيف للطاقة، موضحًا اننا لسنا اقل من اسرائيل التي تسعى لاستخدام السيارة الكهربائية الموفرة للطاقة، مبينا اننا لواستثمرنا في العلم بقدر استثمارنا في كرة القدم لحلت مشاكلنا.

ولفت النجدي، خلال ندوة laquo;الاحتباس الحراري وتبعاتهraquo; التي عقدها المكتب الثقافي المصري في الكويت،الى ان الساحل الشمالي في جمهورية مصر العربية سيتعرض للغرق وستختفي 50 في المئة من مساحة محافظة الإسكندرية جراء ارتفاع منسوب مياه البحر نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض وذوبان جليد البحار بسبب الانبعاثات الحرارية المختلفة.

وقال النجدي لا شك إن التقنية نفسها هي التي جعلت استعمال الطاقة الشمسية مكلفًا وليس سهلاً، لافتًا إلى وجود حلول لمشكلة الاحتباس الحراري بتقليل الانبعاثات الحرارية من خلال الابتعاد عن حرق الوقود الحفري وأيضًا الابتعاد عن صناعة الأسمدة مستهلكة الطاقة واستخدام الأسمدة المزودة بالبول الإنساني الغني بالنيتروجين، إلى جانب استبدال مكيفات التبريد والثلاجات التقليدية - والتي تعتبر من أكبر مستهلكي الطاقة في المنازل بالمكيفات والثلاجات التي تعمل بالتبريد المغناطيسي الذي يقلل استهلاك الطاقة بنسبة 40 في المئة، إضافة إلى استخدام غاز الميثان المستخرج من نفايات الحيوانات كوقود.

وأضاف: هناك حلول أخرى لهذه المشكلة منها توفير فاتورة التدفئة باستخدام نوافذ زجاجية أكثر كفاءة وأكثر سمكًا، إضافة إلى إمكانية إطلاق مرايا عاكسة في الفضاء لعكس أشعة الشمس وإن كان ذلك بتكلفة مرتفعة، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل هذه الحلول إذ تسعى دولة إسرائيل الصغيرة المساحة إلى استخدام السيارة الكهربائية الموفرة للطاقة في عام 2040 والدول العربية ليست أقل من إسرائيل في الحجم أوالإمكانيات.

تأثر الفقراء
وأفاد النجدي بأن فقراء العالم سيعانون أكثر من أغنيائه وإن كان الجميع سيضار بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري التي ستتسبب في تهجير 5 ملايين من البشر من مساكنهم في مصر وهو ما يتطلب موارد اقتصادية قوية لمواجهة هذا الأمر، لافتًا إلى أن هذه الظاهرة ستدفع لازدياد الفقر ليس في مصر فقط وإنما في بعض مناطق العالم المهددة بها كدولة بنغلاديش والتي سيزداد فيها إيقاع الأعاصير - التي تضربها بالأساس- مع ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وبين أن شكل الحياة على ظهر الأرض سيتغير مع ارتفاع درجة الحرارة وتفاقم مشكلة الاحتباس الحراري إذ ستتغير هجرات الطيور وحياة الأحياء المائية وستختفي العديد من الحشرات وستظهر أمراض وأوبئة جديدة وستحدث تغيرات جيولوجية كثيرة مابين براكين وزلازل في مناطق مختلفة من العالم، مبيناً أن 90 في المئة من التوقعات ترى أن الإنسان هو السبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض وليست الظواهر الطبيعية.

هندسة الأرض
يعمل علماء لإيجاد حلول طبيعية تحد من الإحتباس الحراري وتغيّر المنحى البيئي الذي تتجّه إليه الأرض يومًا بعد يوم، أبرزها تصميم غيوم إصطناعية تستطيع أن تعكس أشعة الشمس بعيدًا من سطح الأرض ما يخفّض آثار الإحتباس الحراري.

ويموِّل أبحاث تصميم هذه الغيوم مؤسس شركة مايكروسوفت الملياردير بيل غيتس، والتي هي عبارة عن آلات تشفط عشرة أطنان من ماء البحر في الثانية وترشها في الجو. وتهدف العملية الى تبييض مساحات شاسعة من الغيوم بحيث تستطيع أن تعكس أشعة الشمس بعيداً عن سطح الأرض.

وبحسب تقرير لصحيفة ldquo;التايمزrdquo;، لا يعتزم العلماء البريطانيون والأميركيون المشاركون في البحث انتظار قواعد يقرّها المجتمع الدولي لتطوير تكنولوجيا تغيّر المناخ عن سابق تخطيط. وهم يعتقدون أنَّ ضعف النتائج التي تمخضت عنها قمة كوبنهاغن المناخيَّة في كانون الأول الماضي يعني استمرار الانبعاثات الغازيَّة في الارتفاع بلا كابح وأنّ العالم بحاجة ملحّة الى استراتيجيَّة بديلة لحماية نفسه من ارتفاع حرارة الأرض.

وكان العلماء اقترحوا طرقًا عديدة لتبريد كوكب الأرض تسمى في مجملها ldquo;هندسة الأرضrdquo;. ومن هذه الطرق استخدام صواريخ تنشر ملايين المرايا في الغلاف الجوي وأشجار اصطناعيَّة تمتصّ ثاني اوكسيد الكاربون من الهواء. ولكن غالبية هذه الطرق باهظة الكلفة الى حدّ يجعلها غير عمليَّة ولا يمكن تطبيقها إلاّ بعد عقود.

وتلقّت مؤسسة سيلفر لايننينغ للابحاث في سان فرانسيسكو منحة من غيتس لتطوير آلات تحول ماء البحر الى جسيمات مجهريَّة قادرة على الارتفاع الى مستوى الغيوم.

وستعمل هذه العملية على تبييض الغيوم بزيادة عدد النويات، وستُجرى التجربة باستخدام عشر سفن و10 آلاف كيلومتر مربع من ماء المحيط. وقال رئيس فريق العلماء ارماند نوكرمانز إن تبييض الغيوم هو أفضل الأشكال الحميدة في مجال الهندسة الأرضيَّة لأن آثار العمليَّة في الوقت الذي يمكن أن تغير هطول الأمطار، ستزول ما أن تتوقف الآلات عن العمل.

الدين و فناء العالم
رفض أكثر من مختص وخبير ورجل دين تحدثت إليهم quot;إيلافquot; لإستجلاء الظاهرة، الخوض والتعاطي مع ربط البعض للظاهرة المناخية بقرب يوم القيامة، أو تدمير العالم في العام 2012 وفقًا لتقديرات الحضارة الماوية التي تعتقد ذلك، لكن الشيخ عبدالوهاب البدر قال إن علامات يوم القيامة تحقق منها الكثير، وبعضها يشبه تداعيات ناجمة عن ظاهرة الإختباس الحراري، لكنه رفض بالمطلق فرضية نهاية العالم العام بعد المقبل، مشددا بأن يوم الساعة قريبًا أو بعيدًا علمه ليس إلا عند الله عز وجل، وأن محاولة الخوض في هذا الأمر تعتبر إثمًا.