بعد مرور أكثر من شهر على بدء معارك القلمون، سيطر الجيش السوري النظامي على منطقة يبرود، لكن ردّ جبهة النصرة أتى سريعًا من خلال إرسال انتحاري فجّر نفسه في منطقة النبي عثمان في البقاع الشمالي، ما أسفر عن مقتل شخصين وجرح 14 آخرين.كيف أتت ردود فعل اللبنانيين على هذه الأحداث المتسارعة؟ وما هي نظرتهم إلى هذا التطوّر الميداني والأمني؟ وما هي برأيهم انعكاساته على الداخل اللبناني؟
quot;إيلافquot; رصدت ردود الأفعال على مواقع الاتصال الاجتماعي في التقرير التالي.


بيروت : بعد أكثر من شهر على اندلاع المعارك في القلمون المجاور للحدود السورية - اللبنانية، سيطر الجيش السوري النظامي على منطقة يبرود بعد تدخّل حزب الله، ومحاربتهما جنبًا إلى جنب، جماعات مسلّحة من داعش وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية والكتيبة الخضراء، في معركة يراها الحزب اللبناني استراتيجيّة تندرج ضمن quot;الأمن الوقائيquot; الذي يُمارسه، وتهدف إلى سدّ خطوط الإمداد بالسلاح والمسلّحين والعبوات الناسفة التي تصل من القلمون إلى عرسال، وتنتشر بعدها في مناطق تواجده في البقاع والضاحية الجنوبيّة لبيروت.

تأكّدت نتيجة هذه المعارك، صباح الأحد، بعدما تضاربت التقارير حول الوضع الميداني في المدينة، إذ أعلن الجيش السوري سيطرته عليها بالكامل بعدما سيطر في اليومين الأخيرين على التلال المشرفة عليها، وأهمها تلّة مار مارون، ومن ثمّ على مدخلها الشرقي، في حين قال معارضون إنّ المدينة مازالت تشهد معارك قاسية في الشوارع وسط كمائن تنصبها مجموعات للجيش الحرّ.

النصرة : هل سلّمت يبرود أم بيعت ؟
أمام هذا التضارب في المعلومات، نشر المركز الإعلامي في القلمون بيانًا موقعًا من عبدالله عزام الشامي، المتحدّث باسم جبهة النصرة هناك، وفيه عرض لمجريات الأيّام الأخيرة، مؤكّدًا سقوط المدينة.

وقال في البيان quot;إننا في جبهة النصرة ndash; القلمون، كنا حريصين على تثبيت المقاتلين من مختلف الفصائل في يبرود، وكنا دومًا نختار أسخن الجبهات والنقاط حتى نكفيهم شرّها، ولما سقطت تلال العقبة قرب يبرود، فرّت كافة الفصائل المسلحة الرئيسية الموجودة في المدينة وتركوا الثغور وتركونا، ولما هربوا أشاعوا خبر سقوط يبرود ليبرّروا هروبهم أمام الإعلام والمموّلينquot;.

وتابع الشامي في البيان: quot;لكن بقي الشيخ أبو مالك يحرض المقاتلين على العودة إلى المدينة، وعادت بعض الفصائل إلى يبرود، وأعدنا ترتيب الصفوف، وأوكلنا إلى أحد أهم الفصائل اليبروديّة حماية تلّة مار مارون المهمّة إستراتيجيًا والمحصّنة، وفوجئنا بصعود الجيش إليها من دون أية مقاومة تذكر، وبذلك سيطر على نقطة مهمّة في يبرود ولكنها جزء بسيط من المدينة، وفي ليلة أمس اجتمع قادة الفصائل وقرّروا الإنسحاب من يبرود من دون أية مقاومة، أي تسليمها للجيش ولحزب اللات، وبقيت جبهة النصرة مع فصيل أو اثنين حتى ظهيرة اليوم في مدينة يبرود يحاولون إعادة المقاتلين إلى الثغور وتغطية النقص ولكن من دون جدوىquot;.

وختم البيان: quot;المخزي أنهم لم يخجلوا من تسليمهم الثغور، بل بادروا إلى القول بسقوط يبرود على الرغم من وجودنا فيها، إمعانًا في تنكيلهم بالمجاهدين وطعنًا بهم، فهل تم تسليم يبرود بالمجان؟ أم هل تم شراؤها؟ quot;.

ردّ النصرة ... في لبنان
وبعد ساعات من إعلان سيطرة الجيش السوري النظامي على المدينة بمساعدة عناصر من حزب الله، وتواتر معلومات عن هروب حوالى ألف مقاتل واختبائهم في جرود عرسال اللبنانية، أتى الردّ من جبهة النصرة معلنة مسؤوليتها عن التفجير الإنتحاري في النبي عثمان البقاعية، الذي ذهب ضحيته شخصين (عبد الرحمن القاضي وخليل الخليل) و14 جريحًا نقلوا إلى مستشفيي البتول ودار الحكمة.

وأشارت النصرة في بيانها على موقع quot;تويترquot; إلى أن التفجير هو ردّ سريع على quot;تبجّج حزب الله من اغتصابهم مدينة يبرودquot;، وأضافت الجبهة : quot;نعاهدكم بالعمل جاهدين على إخراس لسانهم من التغني بهذا الاغتصاب المهينquot;. مع العلم أن تبني جبهة النصرة للتفجير الإنتحاري كان الثاني بعد quot;لواء أحرار السنة في بعلبكquot;، الذي اعتبرته الجبهة حسابًا استخباراتيًا يعتمد على الكذب والافتراء.

وبحسب وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، فإن الإنتحاري كان يتوجّه إلى عنوان محدّد، لكن عناصر من حزب الله اشتبهوا به بسبب سرعته الزائدة، فلاحقوه ما دفعه إلى تفجير نفسه. علمًا أن الجيش اللبناني اتخذ إجراءات حاسمة لمنع تسلّل المسلحين وأوقف بعضهم، في مؤشر على ما هو مقبل من إجراءات لاحقة، وذلك بعدما لاحق الطيران السوري مواكب الهاربين نحو جرود عرسال.

كيف ينظر اللبنانيون لـquot;نصر يبرودquot; وانفجار النبي عثمان ؟
أمّا على مواقع الاتصال الاجتماعي، فكان للبنانيين آراؤهم المتضاربة وفقًا لانتماءاتهم السياسيّة، المؤيّدة أو المعارضة لتدخل حزب الله في الحرب السورية.

رأى البعض أن حسم المعركة في يبرود لصالح النظام السوريسيشعل جرود عرسال غارات بعدما لجأ إليها الفارون، وستكون موردًا لعمليّات انتحاريّة انتقاميّة من حزب الله في الداخل اللبناني لتعويض الخسارة، وهو ما ترجم عملانيًا بانفجار النبي عثمان.

آخرون سألوا حزب الله إن كان سيهدي نصره إلى الدولة اللبنانيّة وينضوي تحت رايتها متخليًا عن quot;مغامراتهquot; التي باتت تكلّف الوطن وأبناءه الغالي والنفيس، معلنًا إنتهاء حملته في سوريا بهدف التخفيف من تداعيات الحرب السورية على لبنان.

ومن الأسئلة التي طُرحت أيضًا : ماذا بعد سقوط يبرود؟ هل سيكون الاتجاه إلى تهدئة أمنيّة أو إلى انفجار وردّات فعل أعنف؟

أيضًا، ساد المنطق العاطفي، فوجّه البعض شكرهم إلى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، مذكّرين بانتصاراته السابقة ومتأملين بأخرى لاحقة، وساخرين من مقولة quot;حفر قبور عناصر حزب الله في يبرودquot; التي أطلقها مؤيدو النصرة قبل بدء المعارك.

في المقابل، انتقد البعض الطريقة التي استقبل فيها جمهور حزب الله خبر سقوط يبرود، وتوزيعهم الحلوى وإقامة الاحتفالات،في وقت نزحتمئات العائلات السوريّة منها، والمأساة السوريّة تتفاقم نتيجة هذا العنف المتزايد.

ورحّب آخرون بسقوط يبرود، بريد الموت، كما وصفوها، خصوصًا أن السيارات المفخّخة ترسل من المدينة إلى عرسال ومنها إلى مناطق تواجد حزب الله في الضاحية والبقاع.

ووجد البعض أنها معارك كرّ وفرّ، وأن الجيوش النظامية لن تصمد في المدن، لذلك لا يمكن القول إن النظام سيطر على يبرود إلى الأبدquot;.