أثار قرار قضائي عراقي، باعتبار (فايسبوك) وسيلة إعلام والقذف والسب عبره "جريمة مشددة"، ردود أفعال متباينة، فهناك من يرى في الخطوة تضييقًا رسميًا على حرية التعبير، فيما رأى آخرون أنها لتطويق ظاهرة الإساءة للآخر.

بغداد: تباينت الآراء في ما اصدرته محكمة عراقية حول ما ينشر في فايسبوك من سب وقذف، معتبرة ذلك جريمة يحاسب عليها القانون، ففي الوقت الذي وجد البعض في القرار ليس تضييقًا على الحريات، وإنما تصحيحًا لمفاهيم ضمن حدود الحرية، فقد رأى آخرون انه خطوة لتكميم الافواه وتوجه رسمي للتضييق على وسائل الإعلام ومستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي في العراق، فيما اشار البعض إلى احدث قرارات محكمة النقض الفرنسية التي أثبتت أن صفحات فايسبوك لا تتمتع بالعلانية لاقتصارها على دوائر محددة من الاطلاع للأصدقاء.
&
&القضاء العراقي: السب "جريمة مشددة"
&
وجاءت ردود الافعال هذه ردًا على المتحدث باسم السلطة القضائية الاتحادية القاضي عبد الستار بيرقدار الذي اعلن السبت الماضي أن "الهيئة التمييزية في استئناف الرصافة عدّت في أحد قراراتها مؤخراً موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) هو إحدى وسائل الاعلام"، موضحاً أن "موقع التواصل هذا تندرج عليه القوانين التي تنظم وسائل الإعلام الأخرى.
&
وأضاف: أن "المحكمة رأت أن تجاوز عبر (فايسبوك) في هذه الدعوى أوجب العقاب والتحقير للمشتكي في الوسط الاجتماعي والمهني، ولذلك قررت تصديق حكم الادانة، إلا انها اعتبرته ظرفاً مشددّاً"، مشيرًا إلى& أن "المحكمة رأت أن (فايسبوك) من وسائل الإعلام؛ لأنه متاح ويصل إلى الجميع ويوفر عنصر العلانية للفعل".
&
قرار سليم&
&
فقد عدّ احمد عبد الرسول، موظف حكومي، أن القرار سليم ولا علاقة له بالتضييق على حرية التعبير، وقال: "أرى أن القرار سليم ولا علاقة له بتقييد حرية التعبير ولا تكميم الأفواه &أو ما شابه ذلك".
&
وأضاف: "حرية الرأي لا تعني السب والشتم والقذف وتشويه السمعة بالكذب وإطلاق الشائعات للنيل من الآخرين والإساءة الى مقدساتهم واعتقاداتهم، أرى ان حرية الرأي هي التعبير عن الأفكار بطريقة مهذبة ومؤدبة لا تُسيء للغير وتحترم رأي الآخر..وذلك يعكس المستوى الأخلاقي للفرد والمجتمع!".
&
&لا ابعاد سياسية&
&
اما القاضي ماجد الدليمي فقد اكد أن القرار ليست له أية أبعاد سياسية، وقال: "إن فعل المدان في هذه القضية ينطبق واحكام المادة 433 الفقرة(1) منها من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل". وتابع: "المشكلة في هذا البلد هي الافتقار للثقافة القانونية حيث إن الانسان فيه من الممكن أن يهتم في كل شيء إلا القانون".
&
&وأضاف: "هناك من اتهم الهيئة التمييزية بأن قرارها هذا له أبعاد سياسية، وهو بحد ذاته يعد نوعاً من انواع التشهير بالقضاء والطعن بحيادية المحكمة ومتأكد دون أن يعلم تفاصيله أو أطرافه".
&
فصل من الاستخفاف
&
من جانبه، أكد الإعلامي نبيل جاسم أن القرار واحد من فصول الاستخفاف بالعقول، وقال : قرار (رئاسة محكمة استئناف بغداد - الرصافة- &الذي يعتبر السب والقذف على الفايسبوك جنحة) نكوص جديد لحرية التعبير في العراق، وفصل جديد من أكاذيب حكومات الإسلام السياسي.
&
وأضاف: "الموضوع معقد ويحتاج إلى نقاش واسع لا إلى قرار محكمة ارتجالي. فصول الاستخفاف بعقولنا مستمر".
&
قرار سياسي&
&
اما الناشطة المدنية قرطبة الظاهر فقد أكدت رفضها للقرار، وقالت: "هذا الكلام مرفوض وحرية التعبير مكفولة للجميع وكل مسؤول على ما ينشر".
&
وأضافت: "لا يهمنا قرار هذه المحكمة لان كل قرارات القضاء العراقي هي سياسية قبل ان تكون قانونية بحتة واكثرها تخترق الدستور.. وتابعت : لم يكن ينقصنا الا أن يشتري (البيرقدار) الفايسبوك ويحظر من يشاء حتى&لا يعبر&أحد عن رأيه .
&
خطوة لتكميم الأفواه
&
ومن ناحيته، أكد الإعلامي احمد الشيخ ماجد أن القرار خطوة لتكميم الافواه ، وقال: "البعض فرحان جداً، بالقرار الذي صدر بشأن "فايسبوك، وعبارات القذف، والسب"، انا اعرف ما مدى خطورة هذه الخطوة، ومن ثم أفرح، فكّر قليلاً بهذا القرار الذي يبدو أنه جاء من دون تفكير، ويخلو من أيّ حساب لما يحدث في الساحة العراقية الزاخرة بسياسيين عجيبين".
&
وأضاف: "أنها خطوة جديدة لتكميم الأفواه، بطريقة تُسمّى "قانونية" سيدفع ثمنها كل من يكتب الرأي بدافع الحرقة التي يسببها سياسيو المصادفة.. وتابع هل يعلم مستخدم فايسبوك انه إذا تكلّم عن أيّ "سياسي " فيهم، سترفع عليه دعوى قضائية، ولم يقف له أحد، وهل يتعلم، أن عليه منذ الآن ان يتعاطى أدوية تخفف التوتر، والعصبية!".
&
لتطويق السب والقذف
&
اما الخبير القانوني طارق حرب، فأشار إلى أن &القرار جاء لتطويق حالات السب والقذف التي أصبحت ظاهرة شبه عامة، وقال : إن قرار اعتبار (فايسبوك) في العراق وسيلة من وسائل الإعلام التي يحاسب عليها قانون العقوبات العراقي، جاء لتطويق حالات السب والقذف من قبل البعض، وقد أصبحت ظاهرة شبه عامة.
&
وأضاف: "هذا الإجراء لا يمس حرية التعبير والرأي إطلاقا، وإنما يتعلق بإجراءات أخرى تضمن منع حالات السب والقذف التي يحرمها قانون العقوبات العراقي، سواء كانت عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية أو عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك بعد أن كثرت الشكاوى منه".
&
توجهات رسمية للتضييق على وسائل الإعلام
&
الى ذلك أبدى المرصد العراقي للحريات الصحافية قلقه من قرار المحكمة العراقية باعتبار الفايسبوك وسيلة إعلام وتجرم مستخدميه، وقال &في بيان إنه يعبر عن بالغ القلق من توجهات رسمية للتضييق على وسائل الإعلام ومستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي في العراق بعد قرار محكمة إستئناف الرصافة إدانة مستخدم للفايسبوك لحساب مشتكٍ لم تعلن عنه الأسبوع الماضي.
&
ودعا المرصد الى عقد ورش عمل متخصصة للتنسيق وصياغة قوانين بين المؤسسات الصحفية ونقابة الصحافيين وهيئة الإعلام والإتصالات وقانونيين لتجاوز عقبات إستخدام القوانين كوسيلة للحد من الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير المكفولة دستوريًا.
&
وحذر المرصد العراقي من إمكانية أن يستخدم القضاء كساحة لتصفية الحسابات، فإنه يجد أن المحاكم يمكن أن تنظر في مثل هذه القضايا وفق القوانين والتشريعات المتاحة وأن لا تتجاوز قراراتها القانون لتكون أداة قمع ومنع تحد من حرية التعبير دون تجاهل حق أي مشتكٍ يجد أن منشورًا على الفايسبوك أو في وسائل إعلام أخرى يسبب له ضرراً نفسيًا أو ماديًا في رفع دعوى قضائية على أن تنظر المحكمة في الشكوى بحيادية.
&
سخرية &
&
أما اغرب تعليق ساخر فكان من قبل الشاعر الدكتور حسين القاصد الذي قال عن القرار: يقَولون .. إن القانون سيحاسب الفايسبوكيين على السب والقذف، الآن .. السب افتهمناه .. لكن (القذف) لماذا؟ فأين سنذهب أذن؟".&