الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي

quot;مفيش عيد عندنا السنة دي، ولكن فيه مصيبة وحلت على رؤوسناquot;، بهذه العبارة المريرة اختزل الأنبا كيرلس أسقف مدينة quot;نجع حماديquot;، الواقعة في أقصى جنوب مصر، الأمر خلال اتصال هاتفي روى فيه جانبًا من تفاصيل ما شهدته المدينة من أعمال عنف دامية تعرض لها عشرات الأقباط المسيحيين، أسفرت عن مصرع ثمانية وإصابة عدد مماثل، حتى الآن، وهو ما ألقى بظلال من التوتر على المدينة التي اتشحت بالسواد، وتحولت إلى مأتم كبير بعد هذه الأحداث الدامية، التي جرت يوم احتفال المسيحيين بعيد الميلاد.

وانتشر الآلاف من رجال الشرطة في مدينة quot;نجع حماديquot; بعد حادث الاعتداء الذي ارتكبه مسلمون مجهولون حين أطلقوا الرصاص عشوائيًا على جموع المصلين بعد انتهاء قداس الصلاة بمناسبة عيد الميلاد وفق التقويم الشرقي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والذي يوافق يوم السابع من يناير سنويًا.

وقال شهود عيان اتصلنا بهم هاتفيًا إنه عقب خروج مئات المصلين من كنيسة السيدة العذراء في نجع حمادي، تعرضوا لوابل من الطلقات النارية، وفر الجناة هاربين، وخلال اتصال هاتفي أجريناه مع الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي، روى تفاصيل ما حدث بقوله إنه عقب انتهاء صلاة القداس بعيد الميلاد، ولدى خروج المصلين سمع أصوات طلقات نارية كثيفة، وبعدها سمع صرخات واستغاثات وعمت حالة من الفزع لدى آلاف المسيحيين من سكان المدينة.

ومضى الأنبا كيرلس قائلاً إنه هو شخصيًا كان المستهدف بالاغتيال من وراء هذا الحادث، على خلفية أحداث مدينة quot;فرشوطquot; الأخيرة، والتي تسببت فيها قضية اتهام شاب مسيحي بالاعتداء على فتاة مسلمة، ما أدى إلى أحداث عنف ضد مئات المسيحيين في قرية quot;أبوشوشةquot; ومركز quot;فرشوطquot; في محافظة قنا أقصى جنوب مصر، مع الإشارة هنا إلى أنها إحدى المحافظات التي يعيش فيها عدد كبير من المسيحيين الأقباط منذ دخول المسيحية مصر حتى الآن، كما هو ثابت تاريخيًا.

شهادات ميدانية

وقال شهود عيان اتصلنا بهم هاتفيًا في مدينة نجع حمادي إنه عقب خروج المسيحيين من القداس في نحو الواحدة من صباح الخميس من كنيسة السيدة العذراء بشارع 30 مارس بالمدينة فوجئوا بثلاث سيارات إحداها ماركة quot;فياتquot; والثانية ماركة quot;بيجوquot;، أما الثالثة فكانت سيارة من نوع quot;نصف نقلquot;، ويستقلها رجال ملثمون يحملون أسلحة آلية وهم يطلقون الرصاص عشوائيًا على جموع المصلين مرددين هتافات quot;الله أكبرquot;، وقد حاول المصلون الهروب إلى شارع 15 مايو وشارع المحطة غير أن الجناة لاحقوهم وقتلوا منهم نحو ثمانية حتى الآن، وأصابوا عددًا مماثلاً، ولاذوا بالفرار هاربين.

وكانت الحصيلة المبدئية التي توافرت لدى مطرانية المدينة للضحايا فهم: أبانوب كمال وبيشوي فريد وبولا عاطف ورفيق رفعت وشاب وخطيبته، وهم من الطلبة الجامعيين، وأعمارهم تتراوح ما بين الثامنة عشره والعشرينات، وقد نقل الى المستشفى مصابون بعضهم في حالة حرجة للغاية، كما أفادت مصادر في مطرانية مدينة quot;نجع حماديquot; أقصى جنوب مصر.

وقالت مصادر أمنية وأخرى من سكان المدينة إن أعدادا كبيرة من قوات مكافحة الشغب انتشرت في شتى أنحاء المدينة، وقال شهود عيان اتصلنا بهم إن الشرطة تفرض حتى الآن حظرًا على التجوال في المدينة، وتحكم قبضتها على كافة منافذها، وسط أجواء من التوتر تخيم على المدينة، كما أكدت مصادر أمنية أن قوات الشرطة تتعقب المهاجمين بعد أن حددت هويتهم، غير أن المصادر ذاتها رفضت الإفصاح عن مزيد من التفاصيل في هذا المضمار لاعتبارات تتعلق بإجراءات ملاحقتهم، وحتى لا يفر المتهمون في هذه القضية، وأكد مصدر أمني رفيع المستوى أن السلطات quot;لن تتسامح مع مرتكبي هذا الحادثquot;.

في غضون ذلك، قالت مصادر محلية اتصلنا بها إن السبب الرئيس وراء أحداث quot;نجع حماديquot; الطائفية هي تداعيات الأحداث الطائفية التي شهدتها مدينة quot;فرشوطquot;، والتي وقعت أخيرًا وتسبب فيها قضية اعتداء شاب مسيحي على فتاة مسلمة، مما أدى إلى أحداث عنف ضد المسيحيين في قرية أبو شوشة ومركز فرشوط التابع لمحافظة قنا في صعيد مصر.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أشعل مئات المسلمين النار في متاجر لمسيحيين في مدينة فرشوط المجاورة بعد أن فشلوا في الفتك بشاب مسيحي أثناء قيام الشرطة بنقله الى المحكمة لنظر تجديد حبسه في قضية هتك عرض فتاة مسلمة وأصيب سبعة مسيحيين على الأقل ومسلم واحد بجروح طفيفة بسبب تراشق مجموعتين من الجانبين بالحجارة في المدينة، لكن أيًّا من المصادر لم يربط على الفور بين أحداث فرشوط وهجوم نجع حمادي الأخير.