يطرح الظهور المفاجئ لأمين سر حركة quot;فتح- الانتفاضةquot; العقيد سعيد موسى (أبو موسى) الكثير من علامات الاستفهام، لأن غيابه عن لبنان دام ما يقارب الثلاثة عقود أي منذ العام 1984 بعدما قاد انشقاقًا داخل صفوف حركةquot; فتحquot; ضد الرئيس الراحل ياسر عرفات، واتخاذه من دمشق مقرًّا لقيادة حركته.

بيروت: زاد في الإستفهامات أن هذا الظهور قد جاء من مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني، وعبر جولة على فاعلياتها السياسية والاجتماعية، واذا كان ذلك يحمل الكثير من المعاني والدلالات السياسية، فإن ما أعلنه من رفض لسحب السلاح الفلسطيني الموجود خارج المخيمات، وتأكيده أن هذا السلاح يدخل في معادلة الصراع العربي- الاسرائيلي، كان كافيًا لوضعه خارج التداول من قبل الحكومة اللبنانية، تنفيذًا لما تم التوافق عليه خلال انعقاد طاولة الحوار لجهة سحب هذا السلاح الذي انتهت وظيفته في الصراع العربي الاسرائيلي اساسًا. وبات مجرد ورقة للتوظيف المحلي والاقليمي، بغية تحقيق أهداف سياسية بحتة ترمي إلى المزيد من الامساك السوري بالورقتين اللبنانية والفلسطينية .

يحمل التصريح الذي ادلى به العقيد موسى بعد لقائه رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري، تشديدًا واضحًا على اخراج السلاح الفلسطيني الموجود خارج المخيمات من التداول اللبناني الداخلي قائلاً: quot;إن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات في لبنان قد جاء ضمن معادلة الصراع العربي - الاسرائيلي الذي لم ينتهِ لغاية الآن، وفي الوقت نفسه لم يشكل أي اساءة إلى الامن اللبناني في اي يوم من الايام quot; وابدى موسى استعداد حركته التام لفتح حوار مع الحكومة اللبنانية حول هذا السلاح، واشترط quot;ألا يؤثر ذلك على مواجهة العدو مستقبلاquot;، لافتا الى عدم وجود اي رابط بين السلاح والحقوق الاجتماعية والمعيشية للفلسطينين في لبنان التي يجب ان تكون مشابهة لأوضاعهم في سورية وباقي الدول العربية.

وفي رد على التسريبات الاعلامية حول وجود وعد سوري لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ببحث مصير هذا السلاح، اعلن موسى ان حركته لا تتلقى الأوامر بشأن هذا الموضوع من سورية، على الرغم من أنها حليفة لحركته الموجودة على أراضيها. ويأتي النشاط المستجد لموسى، بعد أكثر من تطور على الساحتين اللبنانية والفلسطينية، بدءًا بحرب مخيم نهر البارد والعلاقة الملتبسة لمسؤول مجموعة quot;فتح الإسلامquot; شاكر العبسي بتنظيم quot;فتح الانتفاضة، إذ كان حضر الى لبنان بتكليف من العقيد موسى نفسه، وعمد لاحقًا إلى الانشقاق عنه وتأسيس مجموعة quot;فتح الاسلامquot; .

وتمثل تطور آخر بتشكيل قيادة جديدة لحركة quot;فتحquot; في لبنان برئاسة اللواء سلطان ابو العينين الذي يسعى الى الامساك بالمخيمات الفلسطينية ، ولا سيما الموجودة منها في الجنوب، الأمر الذي يترافق مع تململ واعتراض على دوره في صفوف الحركة، وتحديدًا من مسؤول ميليشياتها في مخيم عين الحلوة العقيد منير المقدح، وتصريحات لابي العينين الذي المح الى ان ورقة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات موجودة في دمشق، وان زيارة رئيس الحكومة اللبنانية لها والقمة التي عقدها مع الرئيس السوري بشار الاسد قد جنبت المخيمات الكثير من المتاعب التي كان يمكن ان تنجم عن استمرار التهور في العلاقة بين الطرفين اللبناني والسوري، فضلاً عن معلومات ترددت خلال الاسابيع الاخيرة وافادت بأن مجلس الوزراء اللبناني يسعى الى اتخاذ موقف من السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، انسجامًا مع الاجماع الذي ساد بين أقطاب طاولة الحوار الوطني حيال هذا الموضوع .

يؤكد كل ذلك ان حضور العقيد موسى بعد طول غياب عن لبنان، قد جاء بقرار سوري وفي لحظة تتجه فيها دمشق لتثبيت المزيد من نفوذها على الساحتين اللبنانية والفلسطينية الحيويتين بالنسبة إليها، ومن البوابة اللبنانية الجنوبية بالتحديد لما لها من اهمية، وخصوصًا في وقت تتلاشى خلاله امكانية استئناف المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة نتانياهو والتهديدات اليومية التي يطلقها جنرالات إسرائيل بشن حرب على لبنان وقصف اهداف داخل دمشق. ويذكر ان وحدات تابعة لـquot;فتح الانتفاضةquot; تتمركز في معسكر في منطقة حلوة ودير العشاير على الحدود اللبنانية السورية، بينما تتمركز وحدات من quot;الجبهة الشعبية - القيادة العامةquot; في معسكرين أحدهما في منطقة قوسايا الواقعة قرب الحدود مع سورية ايضًا، والآخر في منطقة الناعمة جنوب بيروت .