أحمد التميمي خلال الحوار مع مراسل إيلاف

أعرب رئيس لجنة الكويتيين البدون أحمد التميمي في حوار مع quot;إيلافquot; عن أمله في موافقة الحكومة الكويتيّة وإقرار قانون الحقوق المدنيّة والقانونيّة للبدون الذي تدرسه حاليًّا، والذي يعطيهم كمًّا من حقوقهم المدنيّة.

الكويت: أكد رئيس لجنة الكويتيين البدون أحمد التميمي في حواره مع quot;إيلافquot; أن البدون حريصون على عدم تشويه سمعة الكويت الدولية، وطالب الحكومة الكويتية بتفويت الفرصة على المنظمات الدولية التي تريد تشويه سمعتها، لافتًا إلى أن المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان ستُسائل حكومة الكويت عن قضية البدون في شهر أيار/ مايو المقبل، وأعرب عن تفاؤله بموافقة الحكومة الكويتية وإقرار قانون الحقوق المدنية والقانونية للبدون الذي تدرسه حاليًّا.

وشدد على أن quot;البدونquot; هم أخلص الناس الذين خدموا الكويت وهم نواة الشرطة والجيش، كما شاركوا في الكتيبة الكويتية التي شاركت مع مصر خلال حربي 1967 و1973، كما كشف عن أن هناك 300 شهيد من أبناء البدون لم يحصل زوجاتهم وأبناؤهم على الجنسية الكويتيّة طبقًا للمرسوم الأميري الذي صدر في هذا الشأن، وقال إن أبا الدستور الكويتي المرحوم الشيخ عبدالله السالم راعى الجوانب الإنسانية لكل من يقيم على أرض الكويت، ومؤكدًا أن الدستور الكويتي أب رحيم لهذا البلد لكن الذي يطبقه إبن عاق لهذا الأب الرحيم-على حد قوله.

ولفت إلى أن الراحل الشيخ زايد بن خليفة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة قام في أحد الأيام ndash;قبيل وفاته- بتجنيس نحو عشرة آلاف فرد بدون، وبذلك يكون قد قضى على 95% من مشكلة البدون هناك، وفي دولة قطر إستحدثت المادة 17 جواز سفر آخر للبدون. أما في البحرين فقد قضت على مشكلة البدون قبل إعلانها مملكة حيث قامت بتجنيس كل البدون.

*في مستهل الحوار، نودّ التعرف إلى بدايات ما يعرف بقضية quot;الكويتيّين البدونquot; في الكويت؟

-بدأت قصة الكويتيين البدون مع بداية ظهور النفط بالكويت ومع نشأة الكويت الحديثة العام 1959، حيث صدر أيضًا قانون الجنسية آنذاك - وذلك قبل حصول الكويت على إستقلالها عن بريطانيا العام 1961ndash; وقد نصّ قانون الجنسية على أن كلاًّ من يثبت إقامته في البلاد العام 1920 وهو تاريخ وقوع معركة الجهراء الشهيرة أو ما قبل هذه الفترة فهو يستحق الجنسية. وبعد هذا التاريخ يدخل إلى لجان أطلق عليها quot;لجان الجنسيةquot;، وقد أنشئت في الستينات وإنتهى عملها تقريبًا في العام 1965.

وقبل العام 1959 لم تكن هناك جنسيّة كويتيّة، حيث كل من كان يرتدي غطرة وعقالاً فهذا كويتي، إلا من يدخل بجواز سفر رسمي مثل الأطباء والمدرسين المصريين، وأيضًا الهنود الذين كانوا يعملون في شركة نفط الكويت المحدودة، وبالتعاون مع المملكة المتحدة. ثم تمّ تأميم هذه الشركة فيما بعد، وصارت شركة نفط الكويت.

وكانت المادة 25 تحديدًا بالفقرة quot;دquot; من قانون الجنسية الذي صدر العام 1959 تنص على أن لأهل البادية -والذين ينحدر منهم معظم البدون- لهم الحق في التجوال بأغنامهم عبر الدول الثلاث وهي السعودية والعراق والكويت، دون الحاجة إلى جواز سفر أو إثبات إقامة.

فلما قامت دولة الكويت الحديثة إحتج أهل البادية والذين كان يعمل معظمهم في قطاعي النفط والأمن إلى الجنسية، ويذكر أن إقاماتهم كانت قانونية بحكم المادة 25الفقرة quot;دquot; وكان اهل البادية بدوًا رحلاً يذهبون حيث الكلأ والماء لماشيتهم، وكان عددهم آنذاك يتراوح ما بين 25-30 ألف فرد، وتقدموا إلى لجان الجنسية تم تجنيس بعضهم، وأغلبيتهم قد إلتحقت بالجيش والشرطة، وكذلك بشركات النفط بدلاً من الهنود. ولما بدأت لجان الجنسية لم تكن الحاجة ماسة إليهم بإستخراج مثل هذه الجنسيات، وكان الجهل هو القاسم المشترك بينهم. ولم يكن هناك وعي، وخصوصًا أنهم بدو رحل.

فأغلقت تلك اللجان دون حصولهم على الجنسية، وبقي اسمهم quot;بادية الكويتquot;، وكان هذا هو مسماهم الحقيقي والأول ثم لقبوا بـ quot;كويتيين بدون جنسيةquot; ومن هنا جاءت تسميتهم بـquot;البدونquot; وهم كويتيون أصلاً، والذي يأتينا الآن ويقول إن هؤلاء مقيمين بصورة غير قانونية فنقول له إرجع إلى القانون العام 1959 في المادة 25 الفقرة quot;دquot; وهو قانون الأجانب وظل معمولاً بهذا القانون حتى العام 1978.

إحصاء 1965

*وماذا عن الإحصاء السكاني الذى قامت به دولة الكويت العام 1965 وبناءً عليه منحت الجنسية لكل من تم تسجيله في هذا الإحصاء؟

- كان أول إحصاء رسمي عام تقوم به دولة الكويت العام 1965، وحصرت من خلاله جميع الموجودين كويتيين ووافدين عرب وجنسيات أخرى، وكذلك هذا الإحصاء أيضًا شابه بعض القصور حيث أن أهل المدن الخارجية بالكويت فاتهم أن يسجلوا في هذا التعداد السكاني، لذلك تجد أن تعداد العام 1970 يفوق العام 1965، بمقدار ثلاثة أضعاف. وذلك لأسباب عديدة، منها أن البلد جاذب للأيدي العاملة، وهذه حقيقة يجب أن نعترف بها.

وكانت الوظائف متوفرة بخلاف الدول الأخرى المحيطة، فضلاً عن أن أهل البادية عندما وجدوا رغد العيش في الكويت إستقروا بها، وذلك لأن حياة البداوة كانت شاقة، إضافة إلى أنّ جزءًا كبيرًا ومهمًّا من البدون لم يسجلوا في تعداد العام 1965، لجهلهم وعاداتهم وتقاليدهم التي كانت تمنع تداول أو تسجيل أسماء الزوجات والبنات. ويعتبر هذا معيبًا بالنسبة إليهم، وأنا أحد الذين تم تسجيلهم في التعداد السكاني للعام 1965.

وكان أهل البادية الذين سكنوا في المناطق الحضرية لم تكن لديهم بيوت وكانوا يقيمون في عشيش من الصفيح، وقد سبق منذ سنوات أن جاءت بعثة أميركية وقامت بتصوير هذه المناطق، وهناك فيلم وثائقي موجود على الإنترنت بعنوان quot;عشيش الصفيحquot; وكان ذلك في نهاية الستينيات. من هنا بدأت مشكلة البدون لكن جميع المميزات التي كانت تمنح للمواطن الكويتي الذي يحمل الجنسية كانت تمنح نفسها أيضًا لـquot; لبدونquot; بإستثناء التصويت في الإنتخابات والدخول في السلك العسكري كضابط، أما عدا ذلك فكان البدون يحصلون عليه بسواسية مثل المواطن الكويتي مثل حق التعليم العالي وإرسال الطلاب البدون في بعثات لتلقي التعليم العالي في الخارج.

وكان التعليم لـquot;البدونquot; يمنح لهم مجانًا من مرحلة الروضة وحتى الجامعة، وإذا تفوّق في الثانوية العامة فيتم إرساله إلى الخارج كمنحة دراسية، وظل البدون يحصلون على هذه الإمتيازات كالمواطنين الكويتيين حتى العام 1985. وهذا العام كان نقطة تحوّل، حيث وقعت بعض القلاقل على هامش الحرب العراقية ndash;الإيرانية. وبناءً على ذلك إتخذت الدولة إجراءات عديدة وتدابير شديدة، منها قيامها بهدم جميع العشش والجواخير التي يسكنها أهل البادية، وذلك في مناطق خارجية مثل بر الصليبية، وبر كبد، وبر الجهراء.

كما وضعت شروطًا على البدون وحرمتهم من التوظيف في القطاع النفطي والشرطة والجيش، وكما حرمت البدون من التعليم المجاني لكل من سيلتحق بالتعليم من مرحلة الروضة وأصبح أبناء البدون يلتحقون بالتعليم الخاص وعلى نفقتهم الخاصة. وعلى الرغم من أن البدون لم يتورطوا في أي شيء، لكن نظرة الحكومة لهم هو أنهم لا يحملون جنسية وعليهم ضبابية وهي نظرة خاطئة بلا شك في هذا الأمر. وذلك لأن البدون هم أخلص ناس خدموا الكويت، بل هم نواة الجيش والشرطة فيها كما كان لهم شرف الدفاع عن مصر ضمن الكتائب المشاركة فى حربي 1967و1973. وكان بدعم شخصي من الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، فإتخذت الحكومة هذه التدابير التعسفية في العام 1985 ضد هذه الفئة.

التسمية الصحيحة

*لماذا تصر على تسمية أنفسكم بـquot;الكويتيين البدونquot; وليس غير محددي الجنسية ؟

-الكويتيون البدون هي التسمية الصحيحة والتي نراها، بينما ترى الحكومة أننا غير محددي الجنسية، ولو إفترضنا أننا قبلنا بهذه التسمية كما تسمينا الحكومة لأنها ستتيح لنا المجال للمطالبة بالجنسية عبر الأمم المتحدة، وذلك لأن أي شخص غير محدد الجنسية ويعيش فترة من الزمن في أي دولة عضو في الأمم المتحدة، فالأخيرة تلزم هذه الدولة بمنحه جنسيتها، لذلك هم أتوا بخبراء وأطلقوا تسمية جديدة على البدون وهي quot;مقيم بصورة غير قانونيةquot; حتى يحرمونا من هذا الحق.

وقد إلتقيت خلال الفترة الماضية بالسيد جون هولمز نائب الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون وذلك بفندق ماريوت في شهر مارس/آذار 2008على هامش زيارته للكويت، حيث كان يعقد هناك مؤتمر صحافي وتحدثت معه وعرضت قضية البدون وقال لي إن قضيّة البدون منظورة في الأمم المتحدة، وكان الرجل صريحًا جدًّا معي. لكنني قلت له نريد رعايتكم الإنسانية كما أوضحت له أن مسألة الجنسية ليست مهمة كثيرًا بقدر معاملة البدون من جانب الحكومة بإنسانية، وإننا نريد العيش بكرامة فقط.

وقد إستغرب من كلامي وحتى الآن لم يحدث أي تقدم، ولكن في شهر أيار/مايو 2010 ستُساءَل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الحكومة الكويتية عن قضية البدون وهناك من أبناء البدون من يعش أو يدرس في أوروبا مثل بريطانيا وألمانيا وبلغاريا والدانمارك وأيضًا في كندا وهؤلاء يتابعون القضية، ولكن لا أعتقد أنه على الرغم من ذلك سيحسم أمرنا.

* لماذا هناك تضارب في أعداد البدون؟ وكم يبلغ عددهم حاليًّا؟

- هناك فارق كبير فعلاً والبدون وصل عددهم حاليًّا بالكويت إلى مئة وسبعة آلاف، وبعد الغزو تراوح عدد البدون بين 200 ألف -230 ألف فرد، لكن تقلص هذا العدد نتيجة للممارسات التي تعرض لها البدون أدت ببعضهم إلى حصولهم على جنسيات لدول أخرى، وشرائهم جوازات سفر.

وقد خضت تجربة شراء جواز سفر من سفارة أريتريا بالكويت وقابلت السفير وذلك في العام 1996وقد إنتهى التفاوض بحصولي على جواز سفر لي ولزوجتي وأولادي الأربعة إلى مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمئة دينار. ولم أشترِ بالطبع لأنني كنت اريد أن أتعرف إلى هذه العملية، وهناك من يحصل على جنسيات دول أخرى منها بوليفيا والدومينيكان، والصومال واليمن وليبريا، فضلاً عن أن هناك من الموظفين البدون في الحكومة بالقطاعات المختلفة قاموا بشراء جوازات لتعديل أوضاعهم خاصة ممن لا يحمل إحصاء عامي 1965و1970 لأن الأمل ضعيف في حصولهم على الجنسية الكويتية. لذلك ينصحونهم بالحصول على جنسيات دول أخرى حتى يتسنى لهم الإقامة الدائمة بالكويت.

وهناك مكاتب تعلن في الصحف الإعلانية بالكويت عن موضوع تعديل أوضاع البدون وهي ستار لبيع جوازات السفر للبدون، وأثناء الغزو الصدامي الغاشم خرج عدد من البدون إلى خارج الكويت مثل الكويتيين الذين خرجوا، لكن بعد التحرير عاد الكويتيون إلى الكويت لحيازتهم جوازات سفر كويتية. بينما لم يعد البدون لعدم حيازتهم جوازات سفر إلا من كان له أقارب كويتيون أو عسكريون وبقي في الخارج من لا يحمل جوازات سفر.

*هل تم إقرار قانون تجنيس الألفين بدون سنويًا أم لم يتم إقراره والعمل به بعد؟ وهل تتدخل الوساطات في مسألة التجنيس أم أنها وفق ضوابط معمول بها؟

- صدر القانون في مجلس الأمة العام 1999، لكن لم يطبق سوى مرة واحدة الأولى العام 2000، حيث تمّ تجنيس 2000 فرد من البدون، وفي العام 2001 تم تجنيس 600 فردًا من البدون فقط، وحتى العام 2006 تم تجنيس 140 فردًا من البدون تقريبًا، وفي العام 2007 تم تجنيس 70 فردًا، والقانون ينص أنه ألا يزيد التجنيس عن 2000 فرد في العام. وهذا يعني أنه لو تمّ تجنيس فرد واحد في العام، فالقانون قد طبق بالفعل، أما بالنسبة إلى تدخل الوساطات، فهناك وساطات فعلاً، وهذا مثبت. وقال النائب السابق أحمد المليفى ndash;وهو من أشد المعارضين للتجنيس-قال إنه أطلع على لجنة متابعة التجنيس وجدت أن أكثر من 33 فردًا لا يحملون إحصاءً العام 1965، فضلاً عن أنهم لم يقوموا بإجراء البصمة الوراثية وهذا يدل على تدخل الوساطات لصالح هؤلاء.

*ماذا عن لجنة الكويتيين البدون التي تترأسها؟ وما هي أهدافها؟

- تأسست اللجنة في العام 2008، وذلك بعد ما وجدنا أن البدون ليس لهم من يدافع عن قضيتهم بشكل واضح لدى الحكومة، وكانت هناك لجنة شعبية تترأسها الشيخة أوراد الجابر الأحمد وسبق أن تأسست في العام 2006، لكن هذه اللجنة - والتي كانت تضمّ في عضويتها كويتيين فقط وأغلبهم اعضاء مجلس أمة ومحامين- وجدنا تباطؤًا في عملها، وتوقف أعمال هذه اللجنة بعد ذلك، ثم شكلنا لجنة الكويتيين البدون وكان آنذاك إنتخابات مجلس الأمة في نيسان/أبريل العام 2008، وأعلنا عن قيام اللجنة وأسسنا لها موقعًا إلكترونيًّا. كما شكلنا مجلس الإدارة بعد أن إنضم الينا أكثر من 15عضوًا، منهم 14 بدونًا أضف إلى فرد واحد كويتي يدرس الحقوق في مصر، وهو متعاطف جدًّا مع قضية البدون لأنه حدث معه مشكلة بالجنسية ورفع دعوى على وزارة الداخلية وحصل على الجنسية الكويتية وقام بإجراء دراسة قانونية عرضناها على وزير العدل المستشار راشد الحماد وذلك في شهر يونيو 2009 فور تعيينه بالوزارة.

والدراسة تتضمن حلولاً لقضية البدون وفق القانون والدستور الكويتي فمن تنطبق عليه شروط الحصول على الجنسية من البدون فليحصل عليها ولا تشترط الحكومة 2000أو 500فرد، ومن تنطبق عليه الإحصاءات والمعايير ومن خدم في الجيش، وهناك مرسوم أميري يجيز تجنيس زوجة وأبناء الشهيد وهناك أكثر من 300 شهيد من البدون وما زال زوجاتهم وأبناؤهم بدون ولم يحصلوا على الجنسية الكويتية. ولذلك نطلب إستخدام هذه الأدوات القانونية، والدستور الكويتي أب رحيم لهذا البلد سواء للمواطن الكويتي والوافد العربي والأجنبي والبدون، لكن من يطبق هذا القانون كأنه إبن عاق لهذا الأب الرحيم، وقد أطلعنا على الدستور الكويتي وقد راعى أبو الدستور الكويتي الشيخ عبدالله السالم -رحمة الله عليه- فيه الجوانب الإنسانية ويكفي أن المادة 15 من الدستور تنص على quot;أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانيةquot; وهذا على عكس ما يعايشه البدون اليوم، فهم محرومون من هذه الكرامة فلا تعليم مجاني ولا علاج بالمستشفيات ولا عقود زواج ولا شهادات ميلاد، وأولادنا لا يحصلون على التطعيمات في مرحلة الطفولة، لذلك نجد أن أكثر أطفال البدون حاليًّا مصابون بأمراض عديدة.

سمعة الكويت

*من بين أهداف لجنة الكويتيين البدون هي الحفاظ على سمعة الكويت في الخارج. لكن هناك تحرّكات تعكس غير ذلك وتستهدف تدويل القضية. فما تعليقك ؟

- نحن نحرص على عدم تشويه سمعة الكويت الدولية، ونطلب من الحكومة الكويتية تفويت الفرصة على تلك المنظمات الدولية التي تريد تشويه سمعة الكويت، وذلك بأن تحل قضية البدون. وتساءل لماذا نخرج بالقضية خارج الكويت؟

بيوت الصفيح

*في شهر يونيو/حزيران الماضي إلتقيت بالسيدة ماروين لنش رئيسة المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين ومساعدها مايكل سكوت. فماذا أسفر اللقاء من نتائج؟ وهل وجدتم حلولاً لقضية البدون؟ وماهو دور هذه المنظمة في هذا الشأن؟

- الحقيقة أن مفوضية اللاجئين تقوم بزيارة دورية سنوية للكويت وبقية دول الخليج بصفة عامة، ولم نقم بإستدعائهم وقد التقوا بأحد مسؤولي وزارة الخارجية بالكويت وقالوا له نريد ترتيب لقاء مع المعارضة فقال لهم المسؤول الكويتي بالخارجية quot;إن ليس لدينا معارضة أو مسجون سياسي، ولكن هناك ناسًا يطالبون بحقوق إنسانيةquot;، وبالتالي هم الذين أخبروهم عنّا، وبالفعل إلتقوا معنا بلجنة الكويتيين البدون، كما إلتقوا بالدكتور عبيد الوسمي رئيس لجنة رعاية الخدم، وقد إصطحبناهم في زيارة إلى بيوت الصفيح التي يعيش فيها البدون في المناطق الخارجية وهل أحد يتخيل ذلك؟ ونحن نعيش في بلد نفطي ونتعامل بالمليارات بالميزانية، وهناك فائض تقريبًا 9مليار دينار وما زال الناس يسكنون في بيوت من الصفيح، وقد تكون سبل الحياة ضعيفة.

وقد شاهدت إحدى الأسر البدون تأكل في الغذاء quot;معجون صلصة الطماطمquot;، والحقيقة في هذا الصدد أود أن أتوجه بالشكر إلى quot;بيت الزكاة الكويتيquot; لتقديمهم مساعدات للبدون كل أربعة أشهر، وأتمنى أن يقلص هذه المدة إلى شهرين فقط، كما أتمنى من وزارة التجارة والصناعة ان تمنح البدون بطاقات تموين. أما الجمعيات الخيرية ndash;جمعيات النفع العام- تمنح مساعدات لكن للآسف شروطها تعجيزية، وقد عرضت على السيدة ماروين لنش ومساعدها مايكل سكوت ما نقوم به من أنشطة على صعيد المجتمع المدني والندوات والإتصالات التى نقوم بها مع أعضاء مجلس الأمة والتغطيات الصحافية وتعرفت على مشاكل البدون، وقالت لا أعدكم بشيء لكن سأحاول عرض مشكلتكم.

*ماذا عن التعاون والتنسيق بين اللجنة وجمعية الكويتيين البدون والتي تأسست في لندن في ديسمبر العام 2001؟ وهل تمارس نشاطها في أوروبا للتعريف بقضية البدون؟

-للأسف هذه الجمعية واقولها بكل صراحة وحرقة، تعمل ضد أبناء البدون بمعنى أنها قد حصلت على ترخيص حكومي من الحكومة البريطانية، وفي حال قدوم أي شخص إلى لندن يريد أن يطلب لجوءًا سياسيًّا يشترطون في بريطانيا ضرورة حصوله على البطاقة الخضراء الخاصة بالبدون، وللأسف هذه الجمعية من خلال شهود عيان تمنح هذه البطاقة إلى بعض الأخوة العرب من جنسيات أخرى لكي يحصلوا على اللجوء وهذا بالطبع يسيء إلينا نحن البدون في الكويت وذلك لأن أعداد البدون ستزداد.

نقطة تحول

*يناقش حاليًّا مجلس الأمة قانون الحقوق المدنيّة والقانونيّة لغير محددي الجنسية وهناك إتفاق وإختلاف حول مواد القانون الذي طلبت الحكومة مهلة حتى إصداره ماذا عنه ؟ ماهي النتائج التي يمكن أن تتمخض عن القانون في حالة إقراره؟

-نحن متفاءلون خيرًا إن شاء الله أن الحكومة حاليًا تدرس هذا القانون وطلبت مهلة مدة أسبوعين لدراسته، وفي حال إقراره، فمن بين نتائجه إصدار بطاقة مدنية للبدون مدتها خمس سنوات وتجدد، كما سيحق لهم إصدار شهادات ميلاد لأبنائهم وأيضًا إصدار عقود زواج وأيضًا شهادات وفاة، كما يحق لهم العمل في القطاعين الحكومي والخاص جوازيا وليس إجباريًّا على الحكومة توظيفهم، وعودة حق التعليم المجاني لأبنائهم حتى المرحلة الجامعية بما يتوافق مع شروط الجامعة، وكذلك تقديم الخدمات الصحية والعلاجية بالمجان من خلال المستشفيات والمراكز الصحية مساواة بالمواطنين الكويتيين، كما يحق للبدون إصدار جواز سفرالمادة 17.

جسور تعاون

*قضية البدون لا تقتصر على الكويت فقط وإنما توجد في بعض الدول الخليجية مثل قطر والإمارات والبحرين. فماذا عن معالجة هذه الدول لقضيتهم؟ وهل هناك تنسيق بين الكويت ونظرائه في هذه الدول ؟

-نتمنى أن تكون هناك جسور للتعاون بيننا وبينهم، ولكن ظروفهم تختلف عنا، فأعدادهم أقلّ منّا فضلاً عن أن البدون في الإمارات جاؤوا من الساحل الشرقي من إيران في أواخر الثمانينات. فنجد أننا أحق بالحصول على الجنسية بالكويت من هؤلاء الذين جاؤوا في نهاية الثمانينات لأننا كنا نعيش في البادية. ويقال إنّ الجزر الإماراتية الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى كان يسكنها إماراتيون وعرب في عهد الشاه، ولما صارت مفاوضات ورجعت الجزر للإمارات مرة أخرى ظل هؤلاء من دون جنسيّة، وقد سمعنا أن الراحل الشيخ زايد بن خليفة قبل وفاته قام في أحد الأيام بتجنيس عشرة آلاف فرد وتقريبًا قضى على نحو 95%من قضية البدون بالإمارات.

أما في دولة قطر إستحدثوا نظام جواز سفر ثانٍ، وهو جواز المادة 17 نفسه كما في الكويت، والجنسية غير قطرية لكن حقوق البدون في الامارات وقطر أفضل كثيرًا من الكويت لأننا محرومين من جميع الوثائق الرسمية، وفي البحرين وبعد إعلانها مملكة تم القضاء على مشكلة البدون نهائيًّا ولا يوجد بدون واحد، وإذا وافقت الحكومة على قانون الحقوق المدنية والقانونية وأقره مجلس الأمة سيكون نقطة تحول في حياة البدون في الكويت.

*تتبنى المحامية الشيخة فوزية الصباح قضية البدون ولها مواقفها المشهود لها معهم. فماذا عن دورها تجاه هذه القضية ؟

-الشيخة فوزية الصباح هي من المؤسسين للجنة الشعبية والتي كانت تترأسها الشيخة أوراد الجابر الاحمد الصباح وتأسست في العام 2006، وما زالت الشيخة فوزية العنصر الوحيد المتمسك بهذه اللجنة وما زالت تتابع القضية وتطلق تصريحاتها بين وقت وآخر, ونتواصل في اللجنة معها، وهي توجه الشارع والبرلمان لقضية البدون وخصوصًا أثناء الإنتخابات البرلمانية، وهناك والحمدلله 36 نائبًا في المجلس من 50، يوافقون على قانون الحقوق المدنية والقانونية، لكن للأسف البرلمان يتعرض للإغراءات والضغوط.
مشكلة كبيرة

*هناك من أطلق quot;كويتيات منسيات quot; على الكويتيات اللواتي يتزوجن من أزواج بدون جنسية حيث يواجهن مشاكل عديدة وخصوصاً مع أبنائهن في عدم حصول أبناء الكويتية على جنسية كويتية. فما تعليقك؟

-هذه مشكلة كبيرة لابناء الكويتيات، فالآن المرأة الكويتية أصبحت وزيرة ونائبة في مجلس الأمة، فكيف يكون إبنها معطلاً سياسيًا وإنسانيًا، وهؤلاء من أبناء الكويتيات لهم الأولوية في التجنيس وحتى المفروض من قبل حملة الإحصاء، فكيف لا يحق لبنت الوطن وإبنها الرعاية الإنسانية وحتى المعاقين منهم، وقد نظمنا ندوة في جمعية المحامين بعنوان quot;المعاقون المقيدونquot; وجاءني أبناء كويتيات كثيرون وآباؤهم بدون أو من جنسيات عربية، ولماذا يحرمون من الحياة الكريمة؟ وبالعكس المفروض تجنيسهم فإذا كان الرجل الكويتي تمنح زوجته الفلبينية بجنسية كويتية، فمن الأولى أن يمنح أبناء الكويتية الجنسية أيضًا.

*ما هي أبرز الشخصيات الكويتية الأخرى التي تدعم موقف البدون؟

-هناك العديد من الشخصيات منهم د.فارس الوقيان،ود.غانم النجار بجامعة الكويت،و36 عضوًا من أعضاء مجلس أمة 36 وغيرهم.

*لماذا تنتشر الجريمة وتزداد أعدادها من جانب أحداث وشباب بدون ترتكب في الكويت؟

- من أهم أسباب ذلك الفقر، وفي أي مجتمع ترتكب جريمة إبحث عن المال والمرأة، والبدون يعيشون حياة بائسة فلا حاضر ولا مستقبل لهم، ويوجد نحو 12000طفل لا يوجد لهم سجلات بشهادات الميلاد وهذه قضية خطرة ويمكن إستغلالهم من قبل بعض ضعاف النفوس، وهي مشكلة أمنية على الكويت فيتجه بعضهم من أبناء البدون إلى الجريمة، لأنه حتى لو قام ببيع أي سلعة في الشارع تقوم البلدية بمصادرة السلعة كما تستكتبه تعهدا بعدم القيام بذلك مرة أخرى ولو تم ضبطه مرة أخرى فهناك غرامة مالية.

*أخيرًا..ماهو تصوركم المستقبلي لقضية البدون في الكويت والحلول المطروحة حاليًا ؟وما هي أبرز طموحاتكم ؟ وما هي رسائلكم إلى الحكومة الكويتية ومجلس الأمة؟

- نتمنى من كل قلوبنا أن يتم حل هذه القضية قريبًا، واليوم-يوم إجراء الحوار- إستبشرنا خيرًا حيث علمنا أن 11نائبًا من مجلس الأمة توجهوا للقاء الأمير وتحدثوا في قضيتين وهما القروض والبدون، فأخبرهم بأن قضية القروض ستحل عن طريق مجلس الوزراء، أما قضية البدون فإن شاء الله سيتم تجنيس كثيرين منهم والبقية سيحصلون على حقوقهم المدنية والقانونية والإنسانية.

الأمير هو والد الجميع فنأمل أن تكون هذه الخطوة تأخذ دوره في الإستعجال، ونتمنى أن تكون الحكومة جادة في دراستها للقانون الجديد للبدون لتطبيقه وفق الأطر الإنسانية ووفق العهدين الدوليين اللذين وقعت عليهما الكويت في العام 1996ن وهو العهد الدولي لحقوق الإنسان. وهما يضمنان الحياة الكريمة لكل شخص سواء كان بدونًا أو وافدًا عربيًا أو أجنبيًا أو مواطنًا، وحتى إن هذا العهد يتضمن رعاية أبناء من يدخل البلاد بصورة غير قانونية ويقبض عليه حيث السكن والدراسة والصحة فما بالك بمن يعيش على هذه الأرض منذ خمسين أوستين عامًا.