لا يسهل الحديث عن الخيانة الزوجيّة أو العلاقات خارج نطاق الزواج داخل المجتمع العربي الأميركي حيث يكون الناس في تلك النقطة أكثر حرصًا، منعًا للشبهات التي قد تطال سمعتهم. لذلك تبقى هذه النوعيّة من العلاقات محاطة بأسوار من السريّة التامّة خوفًا من الفضيحة. على الرغم من المبررات الكثيرة التي يصوغها بعضهم للخيانة الزوجية، إلا أنها تبقى شيئًا غير مقبول اجتماعيًّا ودينيًا وكل الشرائع ترفضه.

أوكلاهاما: يرى بعضهم أنه على الرغم من مرور سنوات طويلة وظهور أجيال بعد أجيال، إلا أن الأمر ما زال حساسًا جدًّا عندما يتعلق بالزوجة التي لها علاقات من هذا النوع، ولا يمكن التعامل معه بسهولة والمرور عنه ببساطة. لذلك تحرص دائمًا على إبقائه طي الكتمان لربما أمكن تجاوزه مع الوقت. تقول السيدة ر. ي. قصة عن إحدى معارفها والمقيمة هنا في إحدى الولايات الأميركية وكانت متزوّجة ولديها طفلة في الوقت الذي تقيم فيه علاقة مع رجل آخر لفترة طويلة لم يكن يعلم بها أحد، وماإن عرف الزوج حتى كانت الطامة الكبرى. فالسنوات الطويلة التي عاشها الزوج في أميركا لم تكن كفيلة بجعله يتجاوز الأمر بسهولة ومرور الوقت لم يستطع أن يمحي من ذاكرة الزوج ما حدث.

في حين أن هنالك من يرى أنه على الرغم من أن فكرة خيانة المرأة مرفوضة في قاموس العربي أينما وجد إلا أنه في السنوات الأخيرة ونتيجة الإنفتاح على المجتمع الأميركي ودخول جيل ثاني وثالث ساعد بعضهم على التسامح والتفكير جيّدًا قبل الحكم على الأمور والتمعّن كثيرًا في الأسباب التي أدت إلى ذلك على اعتبار أن الحياة تغيّرت والفكر تطوّر. قال السيد ع. م.المقيم في ولاية نيويورك الأميركية قصة صديقه المتزوج بأمرأة والتي يشهد الجميع لها بحسن الخلق وله منها طفلان ولد وبنت ولكن بعد فترة من زواجه اكتشف انها على علاقة برجل آخر فواجهها وبعد أخذ وردّ اعترفت له وطلبت منه السماح وتعهدت له ألا تعود لهذا الفعل. وأضاف أنه في بادئ الأمر لم يستطع تجاوز المحنة بسهولة، ولكن مع مرور الوقت استطاع أن يسامحها وفضّل إعطاءها فرصة لتبدأ حياة جديدة معه وحرصًا منه على أطفاله من الفضيحة التي قد تطالهم في حال تم الطلاق وعرف الموضوع بين الناس ويعيش الآن حياة سعيدة مع زوجته.

ويعتبر بعضهم أن الإنفتاح والحرية من طبيعة المجتمع الأميركي ومساحة الحرية المعطاه للمرأة ساهمت في ازدياد ظاهرة العلاقات خارج نطاق الزواج ومع ذلك فقد أثبتت الإحصائيات الأخيرة للخيانة الزوجية لعام 1999 أن 92%من الأميركيين يرون ان الخيانة الزوجية هي اخلاقيًّا خطأ ومرفوضة. وأن نسبة 22% من الرجال خانوا زوجاتهم بعد الزواج في مقابل 14% من النساء. ونظرًا للسريّة التامة التي يحيط بها العرب الأميركيون أنفسهم لا توجد احصائيات مؤكدة حول هذا الموضوع. ولكن من المعطيات التي أمامنا والقصص نجد أنها منتشرة وبسرية تامة.

وقالت إحدى السيدات والتي استطعنا اقناعها بعد جهد جهيد بالتحدث عن تجربتها مع التعهد لها بإخفاء أسمها واستعمال أسم وهمي للمحافظة على سرية الموضوع quot;أنا على علاقه برجل آخر غير زوجي منذ 7 سنوات أو ما يسمى quot;بوي فرندquot;، لا أستطيع الإستغناء عنه لأنني ببساطة أحبه وأشعر معه أنني امرأة. نحافظ على سرية العلاقة لذلك لا يمكنني البوح بها لأي أحد لأنهم ببساطة لن يفهمونني وربما أخسر أبنائي ويطلقني زوجي ثم تكمل حديثها قائلة quot;لا يمكننا الإرتباط فدخول أي منا في حياة الآخر يعني دمار بيوتنا نحن الإثنين، لذلك الأفضل لعلاقتنا البقاء في السرquot;.

وترى السيدة غادة ج. ربة منزل في ولاية أوكلاهوما الأميركية أنه لا يحق للرجل والمرأة على السواء إقامة علاقة خارج نطاق الزواج طالما كانا مرتبطين لآخرين فهي خيانة بكل المقاييس، ولا يمكن التساهل معها ومع ذلك لا يوجد من لا يخطئ لذلك لا بد من إعطاء حيز أكبر للتسامح، وخصوصًا من جانب الرجل حيث أن المرأة غالبًا ما تستطيع التسامح وتخطي المسألة حتى لو بصعوبة وذلك حفاظًا على أسرتها من الضياع. وتوافقها الرأي السيدة غالية. م والتي كانت تعمل في مكتب زوجها المحامي شارحة الأسباب التي تدفع المرأة للخيانة فتقول:quot; عدم التوازن من الزوجة هو من يدفع المرأة في أغلب الأحيان للخيانة فلا بد من القدرة على ضبط النفس والطيبة الزائدة أحيانًا من الرجل تجعله لقمة سائغة في فم المرأة التي لا تخاف الله، لكن في نهاية الأمر لابد من المسامحة، فمن هو الذي لا يخطئquot;. أما السيدة منى ز. فتقول:quot;الكبت عامل رئيس في خيانة المرأة فكثير من الأزواج لا يتعاملون مع المرأة بعدل ويكون الرجل شديدًا جدًّا حيال زوجته وقاسيًا معها لا يعاملها باحترام مما يدفعها للنظر لغيره فتكون العلاقة الأخرى نوعًا من التعويضquot;.

هذا وقد قالت الباحثة في جامعة دنفر بث ألن التي قامت بالتعاون مع زميلها ديفيد أتكينز والراحلة شيرلي غلاس باستكمال بحث معمق حول الخيانة الزوجية quot; إن الأشخاص الذين يفترضون أن الأناس السيئين الذين يعانون من زيجات سيئة هم فقط من يقدمون على الخيانه هم في الحقيقة يوهمون أنفسهم ويبعدونها عن إدراك الخطرالذي يحدق بهم. وأنهم غير مستعدين للأوقات والمواقف الخطيرة في حياتهم حيث إذا لم يكونوا حريصين فإنهم قد يقعون فجأة فريسة للإغراءquot;.

قال الدكتور الجامعي السيد محمد .أ في إحدى الجامعات الأميركية في ولاية نيوجرسي:quot;إن ظاهرة العلاقات الخاصة ظاهرة متفشية في أوساط المجتمع العربي في أميركا وفي المجتمعات كافة ولكن هنا تكاد تكون مختلفة عن مجتمعاتنا حيث أن القانون لا يعاقب انتشارها. مما يشجع على ممارستهاquot;. وينوه الدكتور محمد على أن الملل والفتور الذي يطرأ على العلاقة الزوجية بعد فترة من الزمن وراء انجراف الرجل والمرأة غالبًا لهذا النوع من العلاقات بحثًا عن علاقة تشبع غريزتهم الجنسية واللذة التي افتقداها ويتفوق بها الذكور على الإناث حيث أن الرجل متتعدد العلاقات أما المرأة فبطبيعتها لا تقيم إلا علاقة واحدة. مؤكدًا أن الرجل العربي مهما تغرب لا يزال يحمل في داخله ازدواجية في الحكم على الأمور فهو لا يتقبل فكرة خيانة المرأة في الوقت الذي يعطي لنفسه الحق فيما يفعل.

وأمام هذه المتغيرات والإزدواجية التي يعيشها العربي قال الدكتور في علم النفس هيثم خوري في ولاية أوكلاهوما في أميركا: quot;الرجل العربي لا يزال يحمل في داخله إزدواجية في الشخصية مهما تغرب وعاش فهو لا يمكن أن يقبل أن تقوم زوجته بعلاقة مع رجل آخر في الوقت الذي يحلل لنفسه إقامة علاقات متعددة مع نساءأخريات.

ويؤكد في حديثه أن لا فرق بين المرأة والرجل ولكن في وعينا وثقافتنا الشرقية إن الرجل هو من يخون ويخطئ أما المرأة فتوضع في هالة كبرى كمخلوق ملائكي لا يجب أن يخطئ ويجب أن تتحمل كل حماقات الرجل وتسامح لا أن تخطئ، ففي العرف والوعي الشرقي خطأ الرجل أخف وطأة أما خطأ المرأة فهو جرم كبير لا يمكن التسامح معه وعار توصم به العائلة. والحقيقة غير ذلك فالمرأة انسان يخطئ ويصيب يستقيم وينحرف كالرجل تمامًا.

وعن العوامل التي ساهمت في ازدياد هذه الظاهرة قال الدكتور خوري:quot;إن العصر الحديث بتقنياته الحديثة وخصوصا غرف الدردشة أو ما يسمى بالشات على الأنترنت سهل كثيرا عملية التعارف بين الناس مما ساعد في ارتفاع معدلات الخيانه، وانتقال الناس من مجتمع يجرّم هذا النوع من العلاقات إلى مجتمع منفتح بلا حدود ولا يجرّمها ساعد كثيرا في تفشي الظاهرةquot; مشيرا إلى أن ضعف الوازع الديني السبب الرئيس في الخيانة.

ثم أضاف: quot;إن الإتجاه لهذا النوع من العلاقات لا يكون إلا نتيجة تراكمات لأسباب عديدة، فالملل والفتور والبرود الذي يطرأ على العلاقة الزوجية بعد فترة على الزواج وانشغال الزوج لساعات العمل الطويلة والتي يفرضها عليه الواقع هنا وأهماله لزوجته ولنفسه وضعف شخصية الرجل والكبت والذي قد تعيشه الزوجه في ظل زوج متشدد وأهم هذه الأسباب هو ضعف الوازع الديني . كل ذلك أسباب قد تؤدي للخيانة ولكن ليس بالضرورة أن تؤدي لها quot;.

وعلى الرغم من تأكيد الدكتور خوري أن من يخونون أزواجهم هم أناس طبيعين ويعيشون حياه طبيعيه جدا إلا أن في بعض الأحيان تكون الخيانة جزء من خلل نفسي أو حالة من الإضطراب النفسي الذي يتمثل في عدم التوازن لدي المرأة أو الرجل على السواء وعدم الثقه بالنفس.

ويرى خوري أن غيرة الرجل على زوجته بصفة عامة لا تجعله يحكم بموضوعية على خيانتها ولا يستطيع تقبل فكرة أن تكون لها علاقة بآخر فهذا الموضوع جارح لكرامته حتى وإن تظاهر بأن لاشي حدث.
وينهي الدكتور هيثم حديثه قائلاً: إنه من الخطأ القول أن العلاقات خارج نطاق الزواج ظاهرة مستحدثة نتيجة الإنفتاح على المجتمعات الغربية هو السبب إنما هو عامل مساعد خصوصاً وأن هذا النوع من العلاقات موجود منذ القدم وفي كل العصور والأزمنة وحتى في مجتمعاتنا العربية المغلقة ولكن الضوء لم يسلط عليها وعوملت بتجاهل كون الأعراف والأديان تنبذها.