القاهرة:كانت الساعة الثانية عشرة إلا ربع تقريبًا عندما أعلن الحكم البنيني كودجا صافرة نهاية المباراة بين المنتخبين المصري والجزائري في دورة ألعاب كأس الأمم الإفريقية المقامة حاليًا في أنغولا، لتبدأ القاهرة ليلة من ألف ليلة وليلة، إحتفالاً بفوز المنتخب بأربعة أهداف مقابل لا شيء.

كانت الفرحة هذه المرة غير عادية وتحولت شوارع القاهرة إلى مهرجانات مفتوحة. نزل الشعب المصري بكل فئاته الى الشوارع والميادين الرئيسة في حشود غفيرة للإعراب عن فرحتهم وحملوا الأعلام وأطلقوا أبواق السيارات وتعالت أصواتهم بالاغاني الوطنية والهتافات الهستيرية حتى الساعات الصباح الاولى.

نزلت quot;إيلافquot; الى الشارع لرصد فرحة الجماهير بالمباراة وكانت البداية من ضاحية المعادي بمحافظة حلوان. لم يكن من السهل استقلال سيارة على طريق الكورنيش من المعادي الى وسط البلد. جميع سيارات الأجرة القادمة من حلوان ممتلئة عن أخرها بصورة تفوق حمولتها المقررة والسيارات الخاصة لم تختلف عنها.

القاهرة كانت ممتلئة بجميع الفئات العمرية، اقتربت إيلاف من quot;ساميquot;، كان تبدو عليه علامات التوتر، ويشير بكلتا يديه هنا وهناك في محاولة لإيقاف سيارة لكن دون جدوى، صوته على الرغم من قوته إلا انه لم يكن مسموعًا وسط أبواق السيارات التي لا تتوقف والهتافات الهستيرية التي كانت تصدر عن مجموعة من الشباب في تظاهرة فرح بالقرب منه.

قال سامي لإيلاف quot;ساعة تقريبًا هنا ولم انجح في إيقاف سيارة تقلني إلى أصدقائي الذين ينتظرونني في ميدان التحرير. كما ترى ndash; موجهًا كلامه لإيلاف ndash; لا يوجد في السيارات مكانا لقدم واحدةquot;.

أمسك سامي في كلتا يديه علم مصر ولون وجهه بألوان العلم الوطني، وقال إن الحدث يستحق أكثر من ذلك quot;الفرحة اليوم لا تعوض، الفوز على الفريق الجزائري له طعم خاص. الجزائر هي التي حرمتنا من كأس العالم لأسباب معروفة لم تكن لها علاقة باللعب النظيفquot;، على حد قوله.

قطاع كبير من المصريين يشاركه الرأي نفسه، الفوز على الجزائر لم يكن لرد الاعتبار فقط بل quot;لتأكيد ان الفريق المصري كان أجدر بالذهاب إلى المونديالquot;، حسبما قال ايمن عبد الفتاح مهندس كمبيوتر، مضيفًا لـ quot;إيلافquot; انه كان يتوقع فوز المنتخب المصري لكنه لم يتوقع هذه النتيجة الثقيلة.

على طريق كورنيش النيل من المعادي الى التحرير لم تكد تتحرك السيارات لمسافة أمتار قليلة حتى تتوقف مرة أخرى، كان إغلاق الشوارع والطرق مقصودًا أحيانًا من قبل بعض السيارات والدراجات البخارية، ومفروضًا أحيانًا أخرى بسبب كثافة التواجد الجماهيري، وعلى هذه الحال حتى وصلت حركة المرور الى الشلل التام في ميدان التحرير، اكبر ميادين العاصمة.

توافدت الجماهير بالآلاف إلى الميدان للتعبير عن الفرحة والنصر، وتم إشعال الألعاب النارية الكرنفالية ولم يخلُ الميدان من الفتيات والسيدات المحملات بالإعلام المصرية.

وتجمع الشباب في حشود متفرقة مع ترديد الهتافات quot;الله أكبر والفوز لمصرquot;، وأطلقوا أعيرة فسفورية عمت سماء الميدان تعبيرًا عن فرحتهم، وهتفوا بأسماء الجهاز الفني quot;حسن شحاتة يا معلم خليت الجزائر تتألمquot; quot;يا جزائر يا خضرا الليلة حمراquot;. ونال اللاعب محمد ناجي جدو حظًّا وافرًا من الهتافات مثل quot;لو عايز تهده هاتله جدوquot;.

وعلى الرغم من السعادة التى كانت تبدو على وجوه الجميع في الميدان، إلا أن فرحة quot;رضًاquot; كانت مضاعفة. رضا شاب في أول الثلاثينات من عمره يمسك في يده مجموعة من الأعلام الوطنية والقبعات التي تحمل شعار العلم الوطني.

يقول رضاquot; لـquot;إيلافquot; إن quot;فوز المنتخب اليوم جعله يبيع عددًا كبيرًا من الأعلام ويحقق مكسبًا غير عاديquot;، مضيفًا أن quot;سوق الأعلام ينتعش في الأحداث الكروية الكبيرةquot;، مضيفاً quot;أمس واليوم نجحت في بيع اكثر من 200 علم، ما جعلني أحقق ربحًا وفيرًاquot;. وأرجع رضا سبب بيع هذا العدد الكبير من الإعلام الى أهمية المباراة مع الجزائرquot; حيث قال quot;الجزائر طلعتنا من كاس العالم وكان الجمهور يريد رد الاعتبارquot;.

على بعد أمتار كان المشهد لا يقل إثارة في ميدان عبد المنعم رياض على كورنيش النيل. أصيبت حركة المرور بشلل تام وتنافس الشباب في إظهار مواهبهم في الرقص وتأليف الاغاني والهتافات لمصر والمنتخب، وشاركتهم السيارات بأبواقها.

وعلى الجانب الآخر في حي الزمالك حيث مقر السفارة الجزائرية توجه المئات من المشجعين للاحتفال أمام السفارة، وفرضت قوات الأمن تعزيزات مشددة. ومن الزمالك الى حي المهندسين حيث شارع جامعة الدول العربية، احتشدت الآلاف من الجماهير أيضًا للتعبير عن فرحة الفوز بطريقتهم الخاصة جدًّا. وقام الجمهور المصري بذبح خروف مرسوم عليه ألوان العلم الجزائري. وطافت الجماهير بالخروف في الشارع الرئيس قبل ذبحه.