في غياب عدد من مكوناته يتقدمها المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الفضيلة فقد قرر التحالف الوطني الشيعي في إجتماع له في بغداد عصر اليوم إختيار رئيس الوزراء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مرشحاً لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد 208أيام من إجراء الانتخابات التشريعية العامة.. فيما يتوقع أن يقود ذلك إلى قيام ائتلاف مضاد يضم العراقيّة وقوى من الائتلاف الوطني وربما الاكراد وآخرين لترشيح نائب الرئيس عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة ومنافسة المالكي خلال التصويت في مجلس النواب.

في مؤتمر صحافي في بغداد عصر اليوم أعلن القيادي في التحالف الشيعي فالح الفياض عن ترشيح رئيس الوزراء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لتشكيل الحكومة الجديدة وتكليف فريقه المفاوض ببدء اتصالات مع الكتل الاخرى للاتفاق على حكومة شراكة وطنية.

وقال إن التحالف الوطني صوت بحضور التيار الصدري وعدد من مكونات الائتلاف الوطني وجميع مكونات ائتلاف دولة القانون لاختيار نوري المالكي كمرشح لرئاسة الوزراء.

وأضاف ان المالكي حظي بتوافق غالبية الأطراف السياسية لترشيحه لولاية ثانية. واكد ان الاجتماع شهد موافقة جميع الحاضرين على آلية اختيار المالكي من دون أي معارضةquot;.

ودعا الفياض مجلس النواب الى الانعقاد بأسرع وقت لممارسة مهامه الدستورية واكد ان التحالف عازم على العمل من اجل تطبيق برامج تنهض بالبلاد خلال المرحلة المقبلة.

واشار الى انه تم تكليف الوفد المفاوض للتحالف في الدخول فورا في حوارات مع الكتل الاخرى من اجل تشكيل حكومة شراكة وطنية. وشدد على ان للتحالف ارادة قوية في التغيير والبناء وتجاوز سلبيات المرحلة السابقة. وكان لافتا ظهور زعيم منظمة بدر التابعة للمجلس الاعلى حسن العامري ليعلن تأييد المجلس للمالكي رغم تغيبه عن اجتماع اليوم.

واثر الاعلان عن هذا الترشيح توقع مراقبون ان تلجأ الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات إلى أحد خيارين: اما تنفيذ تهديدها بمقاطعة حكومة يشكلها المالكي او تنشيط حواراتها مع فصائل الائتلاف الوطني التي عارضت ترشيح المالكي والقوى الكردية لإعلان تحالف يمضي قدما في تقديم عبد المهدي مرشحه لرئاسة الحكومة الى مجلس النواب منافسا للمالكي.

وقد انعقد مساء اليوم الجمعة اجتماع بين الكتلة العراقية التي اعلنت رفض ترشيح المالكي ممثلة بآياد علاوي ورافع العيساوي والمجلس الاعلىممثلاً بالقيادي همام حمودي والفضيلة ممثلة بامينها العام كريم اليعقوبي.

ويحتاج المرشح للفوز بتشكيل الحكومة الى تأييد ثلثي مجلس النواب اي 162 صوتا من مجموع 325 صوتا بمجموع النواب. وللعراقية في المجلس 91 نائبا ودولة القانون 89 والائتلاف الوطني 70 نائبا منهم 40 للتيار الصدري اضافة الى 54 نائبا للائتلاف الكردي.

ففي غياب المجلس الاعلى الاسلامي وحزب والفضيلة اختار التحالف الشيعي بالتوافق المالكي مرشحه لرئاسة الحكومة باعتباره الوحيد الذي تقدم لذلك في غياب مرشح الائتلاف الوطني عبد المهدي عن الاجتماع. ويؤكد المجلس الاعلى بحسب القيادي عزيز العكيلي ان لديه تحفظا على المالكي بسبب عدم تقديمه طوال فترة حكمه لاربع سنوات أي منجزات مهمة على الاصعدة السياسية والامنية والخدمية والاقتصادية. فيما اشار حزب الفضيلة الى انه قاطع اجتماع اليوم رداً على الضغوطات الخارجية والداخلية لاختيار المالكي.

وياتي ترشيح المالكي بعد ظهور تطور مفاجئ خلال اليومين الماضيين وسط صفوف التحالف بعد ان أعلن التيار الصدري (40 مقعد) اكبر مكونات الائتلاف الوطني دعمه لترشيح المالكي لرئاسة الوزراء اثر ضغوطات ايرانية على زعيمه مقتدى الصدر الذي قال في رسالة الى انصاره quot;السياسة لا قلب لهاquot; مقرا بضغوط ايرانية عليه للموافقة على المالكي. وكان مصدر مقرب من التيار الصدري ابلغ quot;ايلافquot; ان التيار اتفق على التصويت للمالكي مقابل منحه منصبي نائب رئيس الوزراء وامانة سر مجلس الوزراء واطلاق جميع معتقلي التيار.

وكان التحالف الوطني الذي يضم ائتلافي دولة القانون بزعامة المالكي والوطني بزعامة الحكيم (159) مقعدا قد فشل طيلة الاربعةأعوامالماضية في الاتفاق على مرشح رئاسة الوزراء لعدم وجود إجماع على آلية الاختيار التي أعتمدت وهي quot;التوافقquot; داخل مكوناته.

وقبيل الاجتماع قال الامين العام لكتلة الاحرار الممثلة للتيار الصدري أمير الكناني إن غياب المجلس الأعلى الإسلامي عن اجتماع اليوم سيدفع باقي مكونات التحالف إلى ترشيح المالكي لمنصب رئاسة الوزراء. وأضاف أن كتلة الأحرار quot;ستحضر الاجتماع كالتزام أخلاقي تجاه الشعب العراقي في إطار المساعي الرامية إلى تشكيل الحكومةquot;.

وأوضح أن تغيّب المجلس الأعلى الإسلامي عن الاجتماع quot;سيقود إلى تسمية المالكي مرشحاً لرئاسة الوزراء عن التحالف الوطني بالتزكيةquot; مشددا على ضرورة quot;حضور المجلس فضلا عن مرشحه عادل عبد المهدي أو من ينوب عنه لإقناع الآخرين بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء لأن عدم حضوره يعد بمثابة انسحابquot;.

واشار الى ان موقف كتلة الأحرار quot;كان واضحا منذ البداية وأصواته لن تذهب لأي مرشح دون ضمان حقه في الوزارات التي يستحقها وفقا لاستحقاقه الانتخابيrdquo; موضحا ان مرشح المجلس الأعلى الإسلامي عادل عبد المهدي quot;لا يملك السقف الأدنى للفوز بالترشيح لرئاسة الوزراء وهو 30 مقعدا وقال إن كتلة الأحرار quot;لن تدعم عبد المهدي ليصل إلى سقف المقاعد الثلاثين المطلوبةquot;.. موضحا أن ذلك سيفقد كتلة الأحرار وزارات هي من استحقاقها. واضاف أن الحل الوحيد لإنهاء المشكلة يتمثل بقبول ترشيح المالكي.

ويأتي هذا الترشيح بعد مخاض عسير خاضته القوى السياسية العراقية منذ سبعة اشهر حين جرت الانتخابات العامة في السابع من اذار (مارس) الماضي. وفي وقت سابق اعلنت كتلة اياد علاوي الفائزة باكبر عدد من المقاعد النيابية انها لن تتعامل مع اي حكومة يرأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

ومن جهتها قالت صحيفة quot;فايننشال تايمزquot; اللندنية اليوم الجمعة إن الولايات المتحدة و إيران وجدتا قضية مشتركة وتقاربا نادرا في المصالح في العراق أجمع على أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي هو الخيار الأصلح لقيادة الحكومة العراقية المقبلة.

وأضافت أن المسؤولين الأميركيين أصروا على أنهم لا يدعمون أي مرشح وسيعملون مع رئيس الحكومة العراقية الجديدة أياً كان، كما نفوا أيضاً أن تكون الولايات المتحدة وإيران توصلتا إلى اتفاق على هوية رئيس الوزراء العراقي المقبل. وأشارت الصحيفة إلى أن دبلوماسيين غربيين يقولون إن الولايات المتحدة quot;تعتبر المالكي المرشح الشيعي الأنسب في بلد غالبية سكانه من الشيعة والذين هيمنوا على الساحة السياسية منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003quot;.

ونسبت إلى دبلوماسي غربي في بغداد وصفته بالبارز قوله quot;يعتقد البعض أن المالكي هو الشيعي الوحيد الصارم بين السياسيين العراقيين استناداً إلى فرضية أن العراق بحاجة إلى رجل قوي لضمان الأمن كما أن الدعم الأميركي له شكّل عامل ترسيخ في وجه معارضيهquot;.

وفي موازاة ذلك تتمثل أولوية إيران بحسب الصحيفة في quot;الحفاظ على التحالف الشيعي في العراق الذي تسلم السلطة بدعم منها بعد انتخابات عام 2005 لأن خسارة المالكي منصب رئيس الوزراء قد يؤدي إلى انسحابه وانسحاب حزبه الدعوة من التحالفquot;.

المالكي.. سيرة ذاتية

تشير السيرة الذاتية الرسمية لنوري كامل محمد حسن المالكي انه قد ولد عام 1950في قضاء طويريج التابع لمحافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) عام 1950من قبيلة بني مالك العربية وجده محمد حسن ابوالمحاسن وزير المعارف في العهد الملكي.

وهو متزوج وله اربع بنات وولد واحد وحاصل على شهادة البكالوريوس من كلية اصول الدين في بغداد وشهادة الماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين في اربيل. وفي عام 1970إنضم الى حزب الدعوة الاسلامية الذي خاض صراعا مع النظام الدكتاتوري وتعرض للاعتقال والمطاردة.

وغادر نوري المالكي العراق عام 1979 بعد صدور حكم الإعدام بحقه ومكث في سوريا حتى عام 1982 ثم انتقل الى ايران بعدها عاد الى سوريا واستقر فيها حتى سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 واصبح عضواً في قيادة الحزب ومسؤولاً عن تنظيمات الداخل طيلة فترة تواجده في المنفى وتولى مسؤولية الإشراف على صحيفة (الموقف) التي كانت تصدر في العاصمة السورية دمشق وكتب العديد من الدراسات والبحوث والمقالات في المجالين السياسي والفكري.

كان عضواً فاعلاً في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية التي عقدت في شمال العراق وخارجه حتى عاد الى العراق اثر سقوط نظام صدام خسين.. وأختير عضواً مناوباً في مجلس الحكم الانتقالي الذي تشكل بعد سقوط النظام كما شغل منصب نائب رئيس المجلس الوطني الموقت وأسهم في تأسيس كتلة الائتلاف العراقي الموحد (الشيعي) والناطق الرسمي باسمها والتي رشحته لتولي مسؤولية رئاسة لجنة الامن والدفاع في الجمعية الوطنية وشارك في لجنة صياغة الدستور العراقي.

وقد أنتخب المالكي لتشكيل أول حكومة عراقية دائمية منتخبة في شهر ايار (مايو) عام 2006 حيث اطلق برنامجاً سياسياً أعلن من خلاله مبادرة المصالحة الوطنية والحوار الوطني. وقد واجه المالكي خلال فترة حكمه مشاكل داخلية كبيرة تمثلت بتصاعد عنف الجماعات المسلحة واستقالة عدد من وزراء حكومته اضافة الى توتر علاقات بلاده مع عدد من دول الجوار وخاصة سوريا والسعودية.

وقد دعمت واشنطن التجديد للمالكي نظرا لمواجهته المسلحة للتيار الصدري وجيش المهدي كما وقفت طهران بقوة لصالح ترشيحه وضغطت على التيار الصدري للتصويت له مقابل ضمانات بمساعدة ايران على كسر الحصار الدولي ضدها عبر الاراضي العراقية.