بدأت العديد من الدول العظمى وبعض من الدول العربية منذ فترة طويلة بإنشاء إدارات وقطاعات خاصة للحرب الالكترونية، التي يرى المختصون أنها هي الأساس والسلاح القادم للحرب العالمية الثالثة.

الرياض: مصطلح الحرب المعلوماتية كان ظاهرا بعد الهجوم الاليكتروني لفيروس (ستاكسنت) ضد بعض المنشآت النووية داخل إيران، الذي تسبب بإصابة أكثر من ثلاثين ألف جهاز حاسوبي.

فلم يعد مفهوم الحرب مقتصرا فقط على عدد الجيوش والأسلحة والعتاد العسكري، بل زاد عليه، وربما يمحوه في أحيان كثيرة مستقبل الحروب الاليكترونية التي تخترق أقوى الحصون الدفاعية بشفرات خاصة وصعبة السيطرة أيضا ويستغرق علاجها شهور بل من الممكن أن تمتد لسنين عديدة.

وأعلنت عدد من الحكومات في الدول العظمى عن تعزيزات كبرى في مجال مكافحة الاختراقات المعلوماتية، وكانت آخرها الولايات المتحدة التي بدأت بتعزيز وحماية شبكتها المعلوماتية لعدد من القطاعات الحيوية أسوة بالقطاع العسكري الذي قال عنه أحد مسئولي برنامج الحماية المعلوماتية بالدفاع الأميركية أنه غير محصن تماما ضد الهجمات الالكترونية.

وفي حديث quot;لإيلافquot; قال أحد الخبراء العسكريين في مجال الحرب الاليكترونية إنّ طبول الحرب الآن لم يعد لها أي وجود بل أصبحت التقنية وحرب المعلومات هي القائد الحتمي والمستقبلي، وأضاف الخبير العسكري الذي فضل عدم ذكر اسمه أن سعي الحكومات والقيادات العسكرية لحماية منشآتها هو أنها تنبهت كثيرا لأخطار الأمن المعلوماتي الذي بإمكانه أن يسقط دولا من على رأس عتادها وقوتها إن هي استسهلت ذلك.

وأكد أن الفيروس الأخير الذي أصاب بعضا من المنشآت والقطاعات بإيران وعدد من الدول ليس دليلا على إغفالها لخطورة التعامل مع شبكة المعلومات فحسب، بل لأن quot;الفوضوية الاليكترونيةquot; على حد تعبيره هي الأقوى في التغلغل وتفكيك أعتى أنظمة المكافحة الفيروسية، مضيفا أن الاختراق يسهل التحكم في أنظمة الصواريخ والقطاعات الحيوية داخل البلد التي تعتمد كليا على الأنظمة الحاسوبية.

وعن قدرة الدول العربية والسعودية خصوصا على مواجهة الهجمات والاختراق الإجرامي والإرهابي الالكتروني قال الخبير العسكري أن السعودية أدخلت منذ العام 1988 تأسيسا جديدا بإدارة حربية مساندة للقوات المسلحة أسمتها quot;إدارة الحرب الاليكترونيةquot; الأمر الذي تنبهت له السعودية مبكرا لخطورة التعامل التقني، ومؤكدا أن الأساس في تشكيل هذه الإدارة منذ وقت بعيد هو للتعامل مع الأنظمة المعادية التي كانت آنذاك معتمدة على التشويش التقني لأنظمة القيادة والسيطرة، وتطور الأمر إلى أن أصبحت هذه الإدارة تعنى بكافة أنظمة الحرب الدفاعية والهجومية للتصدي الاليكتروني ضد الاختراقات والجرائم بمساندة قوية مع وزارة الداخلية.

وأكد في ذات الوقت أن التنبؤ المبكر من الممكن أن يقوم بدوره للتصدي، لكنه أوضح أيضا أن ذلك لا يُجدي في حالة التطور في خلق quot;ديدانquot; إلكترونية كما اسماها تقفز متطورة وقادرة على الاختراق وتعطيل الحركة العامة بالبلد.

وقال الدكتور معتز البيطار أحد خبراء الأمن المعلوماتي بإحدى الشركات الخاصة في حديث لـquot;إيلافquot; إنّ هناك حاجة أساسية ومتطورة لبناء أنظمة حماية ذكية ونشطة وقادرة على الاستجابة بشكل سريع ضد الهجمات الإلكترونية، مؤكدا ذات الوقت أن على الدول العربية مجتمعة توحيد جهودها لإنشاء منظومة أمنية معلوماتية تصعب على أي تجمع تقني اختراقها.

وعن كيفية نشوء مثل هذه الفيروسات التي تربك الأمن المعلوماتي على الصعيد الشخصي والوطني، قال البيطار أن باستطاعة أي quot;هاكرزquot; صناعة فيروس قوي لكن قوته لا يمكن لها مواجهة أنظمة دفاعية قوية.

وأضاف أن الفيروسات التي تصيب الأنظمة الوطنية والمصالح العامة للدول حقيقة وليست من نسج الخيال.

ويرى أنّ quot;الفيروسات تطلق من أنظمة تقنية كبرى لشركات متخصصة في الإرهاب والسيطرة الاليكترونيةquot;.

واعترف البيطار بصعوبة القضاء على الفيروس والتمكن منه مؤكدا أن الوقت سيطول لإزالته والقضاء عليه وربما احتاج ذلك لأكثر من سنة لتعطيله، مضيفا أن البعض من هذه الفيروسات تحمل رموزا يستحيل أحيانا فكها والنيل منها.